دمشق ـ «القدس العربي»: اعتقلت قوات الأمن السورية، أمس الجمعة، العميد عاطف نجيب، رئيس فرع الأمن السياسي في درعا، جنوب سوريا.
ونجيب، هو ابن خالة الرئيس المخلوع بشار الأسد، تطوَّع بالكلية الحربية وتخرج منها. وترأس الأمن السياسي في مدينة درعا حتى عام 2011.
وذاع صيتُه بعد انطلاق المظاهرات التي مثّلت شرارة الثورة السورية والتي هتفت ضده وطالبت بإسقاطه، على خلفية اعتقال وتعذيب عدد من أطفال درعا واقتلاع أظافرهم، لكتابتهم شعارات مناهضة لنظام الأسد على الجدران، وانتشرت قصص، لم يتم التأكد من دقتها، عن تهديده الوجهاء والأهالي وإهانتهم بأعراضهم قبل ذلك.
وتم وضع عاطف نجيب على قائمة العقوبات الأمريكية في 29 أبريل/ نيسان 2011، وعلى قائمة العقوبات الأوروبية في 9 مايو/ أيار 2011.
كمين محكم
مسؤول العلاقات الإعلامية في محافظة اللاذقية نور الدين بريمو، قال في اتصال مع «القدس العربي» إن إدارة الأمن العام تمكنت «بعد الرصد والمتابعة الدقيقة تحديد مكان تواجد نجيب، حيث نَصب عناصر الأمن كميناً محكماً له على طريق منطقة الحفة / اللاذقية، وألقوا القبض على المجرم». وبيّن أن نجيب كان وحيداً دون مرافقة، حيث تم «تحويله إلى الجهات المعنية لاستكمال التحقيقات».
وكالة الأنباء الرسمية «سانا» نقلت عن مدير مديرية الأمن العام في محافظة اللاذقية المقدم مصطفى كنيفاتي قوله: «في عملية نوعية، تمكنت مديرية الأمن العام في محافظة اللاذقية بالتعاون مع القوى العسكرية من إلقاء القبض على العميد عاطف نجيب، والذي شغل منصب رئيس فرع الأمن السياسي في درعا».
وتأتي هذه الخطوة، حسب بيان نشرته «سانا» في إطار جهود السلطات لمحاسبة المتورطين في الانتهاكات تجاه الشعب السوري وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، مؤكدةً أن «نجيب من المتورطين بارتكاب جرائم بحق الشعب السوري».
ويُتهم نجيب بارتكاب «جرائم مروعة بحق الأطفال المطالبين بالحرية، حيث قام باقتلاع أظافرهم في انتهاك وحشي لكل القيم الإنسانية والأخلاقية».
وأشار مصدر، إلى أن هذا الحدث خطوة نحو تحقيق العدالة ومحاسبة كل من أجرم بحق الأبرياء، ولتكن معاناة هؤلاء الأطفال شاهداً حياً على وحشية الاستبداد وضرورة النضال من أجل الكرامة والحرية.
كذلك، ألقت قوات القبض على متهمين بقتل شاب تحت التعذيب في مقر عسكري يتبع لـ «هيئة تحرير الشام» وذلك خلال التحقيق معه، في مدينة حمص وسط البلاد.
توقيف متهمين بقتل شاب تحت التعذيب في مقر لـ «هيئة تحرير الشام»
وحسب مصادر حقوقية لـ «القدس العربي» فقد قتل شاب تحت التعذيب بعد ساعات من توقيفه من قبل عناصر تابعين لـ «هيئة تحرير الشام» في مدينة حمص، بينما أوقفت إدارة الأمن جميع المسؤولين عن مقتل الشاب وأحالتهم إلى القضاء.
وقالت المصادر، إن عناصر من الهيئة كانت قد داهمت يوم الثلاثاء الماضي، منزل الشاب لؤي طلال طيارة، وفتشت المنزل لكنه لم يكن متواجد في المنزل.
وصباح يوم الأربعاء، سلّم الشاب نفسه عبر أحد أقربائه، إلى عناصر الهيئة في فرع الحزب القديم في حمص للتحقيق معه، وبعد مرور أقل من أربع وعشرين ساعة تم الاتصال بذويه وإخبارهم بوفاته.
الطبيب الشرعي أكد من جهته أن «الوفاة ناتجة عن ضربة شديدة على الرأس وشوهد آثار تعذيب واضحة على الجثة أثناء الدفن».
الناشط في مجال حقوق الإنسان المحامي، ميشال شماس، أكد لـ «القدس العربي» توقيف المسؤولين عن مقتل طيارة وإحالتهم الى التحقيق، لافتاً إلى أن «مثل هذه التصرفات لن يتم التغاضي والسكوت عنها».
انتهاكات
وقال: وصلتني معلومات عن توقيف جميع المسؤولين عن مقتل الشاب لؤي طيارة تحت التعذيب بعد 24 ساعة من توقيفه واحالتهم الى التحقيق، وذلك بعدما طالب الأهالي بفتح تحقيق فوري لمعرفة ملابسات الحادث وتوقيف المسؤولين عن هذه الجريمة وتقديمهم للقضاء المختص.
وحول الانتهاكات خلال الحملة الأمنية في مدينة حمص وريفها، قال مدير «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» فضل عبد الغني، في تصريح لـ «القدس العربي» إنَّ الشَّبكة رصدت عبر فرقها الميدانية عدة انتهاكات رافقت الحملة الأمنية في بعض بلدات ريف حمص، شملت أعمال تخريب للممتلكات، وتعذيب وإساءات جسدية ولفظية، إضافة إلى تهديد المدنيين وترهيبهم، فضلاً عن التعدي على الرموز الدينية الخاصة بالطائفتين المرشدية والعلوية.
تحديات كبيرة
وأكد مواصلة التحقيقات في العديد من البلاغات التي تلقتها الشبكة والمتعلقة بهذه الانتهاكات، لافتاً إلى وجود «تحديات كبيرة في التوثيق نتيجةً للوضع الأمني المقعد الذي يعوق الوصول إلى بعض المناطق. كما أنَّ حملات التضليل الإعلامي المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بين من ينفي وقوع انتهاكات، وبين من يضخمها بشكل هائل، تُسهم في تأجيج التوترات الطائفية، وتزيد من تعقيد عمليات التوثيق، مما ينعكس سلباً على حقوق الضحايا وإمكانية محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.
وقال إن هذه التطورات تأتي في إطار الحملة الأوسع التي تنفذها السلطات الانتقالية في مناطق ريف حمص، بهدف تعزيز الأمن ونزع الأسلحة خارج إطار الدولة. وعلى الرغم من أهمية هذه الحملة في ضبط الأمن وإرساء الاستقرار، فإنَّ تنفيذها يجب أن يتم بما يتماشى مع المعايير القانونية الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، والتي تتطلب إصدار مذكرات قضائية عبر الادعاء العام، وتحظر التعذيب وإهانة الكرامة الإنسانية والمعتقدات الدينية، وفقاً للاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
ضرورة حماية المدنيين
وأصدرت «الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان» الجمعة، بياناً، حثت فيه الحكومة الانتقالية على تعزيز تدابير حماية المدنيين خلال العمليات الأمنية في ظل التحديات المعقدة التي تواجه سوريا.
وأكدت على ضرورة تعزيز تدابير حماية المدنيين خلال العمليات الأمنية في ظل التحديات المعقدة التي تواجه سوريا. وأضافت: تم توثيق انتهاكات شملت التعذيب وإهانة الكرامة الإنسانية والرموز الدينية خلال حملة أمنية في حمص.
وذكر البيان أنَّه في 21 كانون الثاني/يناير 2025، نفذت قوات الأمن العام، بالتنسيق مع إدارة العمليات العسكرية التابعة للحكومة الانتقالية في سوريا، حملةً أمنية استهدفت أفراداً متهمين بارتكاب انتهاكات حقوقية، ممن كانوا ينتمون إلى قوات نظام بشار الأسد والميليشيات الموالية له، وذلك في عدة بلدات في محافظة حمص. جاءت هذه الحملة في إطار ملاحقة الأفراد الذين رفضوا المشاركة في عمليات التسوية التي أعلنتها السلطات الانتقالية عقب سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، والتي شملت تسليم الأسلحة.
- القدس العربي