دمشق ـ «القدس العربي»: حددت اللجنة التحضيرية لمؤتمر «الحوار الوطني» في سوريا، أمس الخميس، شروط حضور المؤتمر. وفيما رفضت المحاصصة الطائفية، لفتت في الوقت عينه الى أنها ستراعي التنوع في البلاد، مشددة على أن من لن يرمي السلاح لن يكون له دور.
وقال حسن الدغيم، المتحدث باسم اللجنة في أول مؤتمر صحافي بعد يوم على تشكيلها، «فمن لا يلقي السلاح ويندمج ويسلم العهدة لوزارة الدفاع في الحكومة السورية لن يكون له (دور) لأن هذا الحوار هو حوار تبادل وجهات نظر وليس استعراض قوى وعضلات، فهذه قضية أساسية».
ويثير ذلك احتمال استبعاد «قوات سوريا الديمقراطية» التي يقودها الأكراد والتي تسيطر على أجزاء كبيرة من شمال وشرق سوريا، من المؤتمر الوطني ما لم تتخل عن سلاحها، وفق مطالب حكومة دمشق الجديدة.
وقال الشرع في مقابلة مع صحيفة «إيكونومست» في 31 يناير/ كانون الثاني إن «قوات سوريا الديمقراطية» مستعدة لدمج قواتها في الدولة، لكن هناك حاجة لمزيد من الوقت للتوصل إلى اتفاق.
كما بيّن الشرع، في وقت سابق من هذا الشهر أن اللجنة التحضيرية ستعقد مشاورات في جميع أنحاء سوريا، ثم «توجيه الدعوة لمن نعتقد أنهم يمثلون الشعب السوري بشكل عام».
وحسب «رويترز» انتقد السياسي الكردي السوري البارز صالح مسلم اللجنة التحضيرية، وقال إنها لا تعكس التنوع العرقي والديني في سوريا. وأضاف «نرى أن اللجنة تشكلت من لون واحد وبتطعيم يلبي مطالب خارجية ولا تراعي التنوع السوري من حيث الانتماء العرقي والعقائدي. مخاوفنا أن تتم دعوة الشخصيات والأطراف التي تتوافق مع رغبات التيارات السلفية ومقربة من أطراف متورطة في النزاع السوري بهدف تحقيق أطماعها بدلا من مصالح الشعب السوري».
وقال دبلوماسي غربي متخصص في الشأن السوري لـ»رويترز» إن اللجنة ليست بالشمول نفسه الذي كانوا يأملون فيه وإن ستة من أعضائها من المسلمين السنة، وقال إن غالبيتهم لديهم روابط قوية مع الشرع أو هيئة تحرير الشام.
وخلال المؤتمر الصحافي قال الدغيم، إن اللجنة بدأت أعمالها مستندةً ومستلهمةً المرحلة السابقة في إعداد الآليات سواء المتعلقة بإدارة المضامين، أو الإدارة التقنية، وبالتأكيد ستكون الأعمال موزعةً على الصعد كافة، سواء التحضير أو التواصل أو زيارة المحافظات أو اللقاء بالمواطنين وأعيان ونخب السوريين والنظر في الوسائل العملية لضمان تمثيل الشرائح الاجتماعية، من حيث التوزع السكاني والخبرات والتخصصات والتأثير الاجتماعي.
ولم يحدد موعد المؤتمر، لكنه قال: «عندما تنضج عملية التواصل وإعداد الأوراق الأولية للتنفيذ لا شك ستتم الدعوة لمؤتمر الحوار الوطني، الذي سيلاقي فيه السوريون والسوريات الأرضية التي سينطلقون منها في بناء مستقبل بلدهم لأول مرة منذ عام 1950».
وأضاف: «كل سوريّة أو سوريّ وطني هو عضو في الحوار الوطني من حيث المبدأ، ولكن لا بد في وضعنا أن تراعى القدرة على تنظيم مؤتمر الحوار الوطني حتى لا تظلم المضامين على حساب الشكليات، وبالتالي لا شك أن الوطنية والتأثير والتخصص والرمزية والخبرة والإفادة هي من أولويات المعايير التي ستستند إليها اللجنة التحضيرية في دعوة المواطنين إلى المؤتمر».
وحول مشاركة المحافظات في المؤتمر، قال: «سيتم الاجتماع بالمواطنين في كل محافظة سوريّة للوقوف على خصوصياتها، تنوعها، واختيار الشخصيات الوطنية القادرة على تمثيل مصالح كل محافظة، بما ينسجم ومصلحة الوطن بشكل عام».
وواصل «لا شك أن اللجنة لن تسعى إلى تطييف المجتمع، أو المحاصصة الطائفية، وهذا أمرٌ مرفوضٌ تماماً، لكنها ستراعي هذا التنوع، بحيث تقارب مشاركة كل محافظة صورتها العامة» لافتا إلى أن عمل اللجنة هو «إدارة الحوار الوطني، تنظيماً وترتيباً وتيسيراً، ومساعدة المواطنين وأعضاء المؤتمر في الوصول إلى النتائج المرجوة، وينتهي عملها بمجرد صدور البيان الختامي، كما هو مشهر في القرار الرئاسي».
وبيّن أن «القضايا التي ستناقش بالمؤتمر متروكة لتبادل وجهات النظر وزيارات المحافظات وترتيب أوراق العمل في المؤتمر، والتي بالتأكيد ستتكشف عنها الأيام تباعاً».
القيادي الكردي صالح المسلم اتهمها بأنها من لون واحد وبتطعيم يلبي مطالب خارجية
وزاد أن: رسالة اللجنة التحضيرية للشعب السوري هي مساعدتهم في إدارة الحوار بينهم، وتبادل وجهات نظرهم في تشكيل سلطات بلدهم ومستقبلها، سواء كانت السيادية والأساسية والخدمية، وستحرص اللجنة على الصدقية والشفافية والحيادية في تيسير أعمال المؤتمر، معتبرا أن البلاد «بعد تعطيل دستور 2012 هي بحاجة لملء الفراغ الدستوري بإعلان دستوري، والذي كان يمكن للسيد الرئيس (الشرع) أن يصدره فور تسلم السلطة في البلاد، لكن كانت رغبة الرئاسة أن يكون ذلك متزامناً مع مؤتمر الحوار الوطني رغبة في إشراك نتائج وتوصيات الحوار في البناء الدستوري للبلاد، سواء كان ذلك المؤقت أو الدائم». وأضاف: «حرص القيادة على إنجاح المؤتمر هو الذي دفع لتأجيل الانطلاق مرات ومرات».
وبين أن «اللجنة التحضيرية مستقلة تماماً وهي من تعين رئيسها وأجنداتها والشرائح المدعوة وفق نظام داخلي تقره بنفسها».
وأكد أن: «العدالة الانتقالية أمر من الأساسيات في بناء الدولة السورية وانطلاقتها نحو نهضة، فلا تحقيق للوفاق الوطني ولا للسلم الأهلي إلا من خلال العدالة الانتقالية التي ستكون بالتأكيد على رأس أولويات الحوار الوطني».
وحول موعد انعقاد المؤتمر الوطني قال: «إنه متروك للنقاش مع المواطنين وزيارة المحافظات والرؤى وتقديم أوراق العمل وعندما تنضج هذه الأوراق سيتم تحديد موعد انطلاقه» وجدد التأكيد «مبادئ ثورتنا ترفض المحاصصة الطائفية وسيتم مراعاة التنوع بحيث ينظر السوريون من مختلف أعراقهم ودياناتهم ومناطقهم السكانية إلى المؤتمر كالمرآة التي تعكس وجوههم».
وقال: اللجنة التحضيرية لجنة وطنية مستقلة هي من تعين رئيسها وتكتب نظامها الداخلي وصلاحياتها ولن تتدخل بالمضامين ومهمتها إدارة تسيير عملية الحوار وتلمس هموم المواطنين وأخذ آرائهم والتأكد من تطبيق المعايير في اختيار الشخصيات المشاركة.
وحول عدد المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني قال إنه «متروك للنقاش العام بعد التواصل مع المواطنين وممثلي المحافظات والأمر متروك للمضامين بحيث تشمل الخبرات ومختلف الاختصاصات».
في حين، قالت عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر هدى أتاسي خلال المؤتمر الصحافي: «في لحظة تاريخية صادقة تنطلق الأعمال التحضرية للمؤتمر الذي يجمع السوريين والسوريات لأول مرة منذ 75 عاماً، لترسيخ نهج الحوار ومناقشات قضايا الوطنية الكبرى وإيجاد الحلول المناسبة».
وأضافت: «يسعى المؤتمر لمناقشة القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والحوكمية ليضع الأسس المتينة على التوافق الوطني والعدالة والإصلاح والتمثيل الشامل».
وأكدت أن المؤتمر «يحرص على إشراك جميع أطياف الشعب السوري بمختلف المحافظات والمكونات لضمان مشاركة حقيقية تعكس التنوع المجتمعي والسياسي».
وأضافت: «الحوار بدأ منذ لحظة التحرير حيث شهدت مختلف المحافظات السورية حراكاً مجتمعياً واسعاً تمثل في مئات الندوات الحوارية والاجتماعات المتخصصة التي نظمتها المؤسسات الاجتماعية والمحافظات ومنظمات المجتمع المدني».
وقالت: إن «التفاعل الشعبي الذي يعكس نبض الشارع وتطلعات المواطنين شكل قاعدة صلبة استندت إليها اللجنة التحضيرية في تحديد الأفكار المركزية والمحاور الرئيسية التي يناقشها المؤتمر».
القومي السوري: «إدخال سيدتين لا يعني إشراك كافة أطياف الشعب»
… والمجلس الوطني الكردي يطالب بإعادة النظر في تركيبة اللجنة
طالبت الأمانة العامة للمجلس الوطني الكُردي في سوريا بإعادة النظر بتركيبة لجنة تحضير المؤتمر، فيما قال الحزب السوري القومي الاجتماعي (الذي تم حله) إن «إدخال سيدتين إلى عضوية اللجنة لا يعني إشراك كافة أطياف الشعب السوري».
وقال بيان للأمانة العامة للمجلس إن «المجلس الوطني الكُردي في سوريا يرى أنّ تشكيلَ اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، التي أُعلن عنها في 12 شباط/ فبراير الجاري، كان ينبغي أن تعكس واقع التعدّدية السياسية والقومية في البلاد، وتضمن تمثيلاً حقيقياً لجميع المكوّنات الوطنية، نظراً لأهمية ذلك في إنجاح أيّة عملية حوارية تسعى إلى إيجاد حلول جادة للقضايا السورية».
واعتبر أنّ «استبعادَ التمثيل الكُردي من هذه اللجنة يشكّل إخلالاً بهذا المبدأ، ويثير مخاوفَ مشروعةً بشأن نهج التعامُل مع المكوّنات السورية كشركاء حقيقيين في رسم مستقبل البلاد». ودعا إلى «تصحيح هذا الخلل من خلال إعادة النظر في تركيبة اللجنة، وضمان مشاركة عادلة وفاعلة للشعب الكُردي ولسائر الأطراف، وكافة اللجان الأخرى التي أُعلن عنها، بما يُسهِم في بناء حوار وطني شامل يستندُ إلى التمثيل المتوازن والالتزام بالشراكة الوطنية».
الحزب «السوري القومي الاجتماعي» أعلن أنه لم يفاجئ من تشكيلة اللجنة التحضيرية.
وقال الناطق الإعلامي باسمه إياد ابراهيم لـ«القدس العربي» إن «إدخال سيدتين إلى عضوية اللجنة لا يعني إشراك كافة أطياف الشعب السوري، وربما جاء ذلك استجابة لما طلبه المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون، وخصوصاً فيما يتعلق بهند قبوات التي تمثل المسيحيين، ولكن باقي أعضاء اللجنة يمثلون لوناً واحداً سياسياً وغير سياسي» مطالباً بضرورة أن يكون التمثيل أوسع مما جرى.
وقال إن «اللجنة لم يتم انتخابها لنعتبرها مستقلة، وإنما تم تشكيلها مباشرة من الرئيس الشرع وهذه الآلية تذكرنا بآليات غير محببة في العمل، وحتى بالتعيين كان يفترض أن يتم تمثيل طيف أوسع وكان ذلك سيمنحها شرعية أقوى».
وتابع: «منذ اللحظة الأولى التي بدأ فيها الحديث عن مؤتمر للحوار الوطني، وتأجل مرات عدة قبل أن تظهر هذه اللجنة، ظهر هناك إقصاء واضح لجميع التيارات السياسية في سوريا اليساري والقومي والديني، وظهر إصرار على أن الدعوات ستكون شخصية، وبعد تشكيل اللجنة التحضيرية بقي هذا الإصرار، بما يعني أن المجتمع السوري الذي ظل محروماً من الحوار السياسي لأكثر من 50 سنة وكان يتمنى أن ينتهي ذلك العهد. شكل ما صدر خيبة في آماله، لأنه وحتى اللون الواحد الذي طغى على اللجنة، أي السنة، فإن هؤلاء لا يمثلون جميع أطياف السنة في سوريا وإنما يمثلون تياراً واحداً من هذا الطيف».
وانتهى ابراهيم إلى القول إن مؤتمراً للحوار لا يستند إلى لجنة مرضية لن يأتي بمخرجات مرضية، والشارع متخوف من الإقصاءات التي تمارس اليوم وبدأت بشكل عملي عبر تشكيل لجنة الحوار الوطني، بما يؤشر على أن الحكومة المقبلة والعمل السياسي المقبل، سيكون احيادياً وسيقصي جميع التيارات والقوى السياسية الموجودة في الوطن السوري».
- القدس العربي