دمشق ـ «القدس العربي»: توغلت قوات تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، الجمعة، في قرى أم العظام والعدنانية ورويحينة في ريف القنيطرة جنوب غربي سوريا، كما رفعت علم الاحتلال فوق «تل الأحمر» مجتازة بذلك المنطقة العازلة في الجولان، وسط تحليق مكثف لطائراتها الاستطلاعية في أجواء محافظة درعا جنوب سوريا.
ويأتي التوغل المتكرر في سياق توسيع الجيش الإسرائيلي مناطق سيطرته في مرتفعات الجولان، بعد احتلاله الجانب الشرقي من جبل الشيخ والذي يشرف من أعلى قمته على لبنان وفلسطين والأردن وسوريا، ودخوله عدة بلدات في الجنوب السوري على الحدود، وتدمير البنى التحتية والمرافق العسكرية وبسط سيطرته على نحو 600 كم2، بنسبة تصل إلى 1٪ من مساحة الجمهورية العربية السورية.
وفي قرية أم العظام، حيث أحكمت إسرائيل سيطرتها على سد القرية، رصدت «القدس العربي» مساء الجمعة توغل قوة من سلاح المشاة الإسرائيلي، تضم نحو 30 مجندا إسرائيليا من القوات البرية، قادمة من الموقع العسكري الذي احتلته إسرائيل مؤخرا في «سرية العدنانية» إلى قرية أم العظام.
وحسب شهادات أهلية لـ «القدس العربي» فإن جيش الاحتلال رسخ سيطرته في القرية، وأنشأ حاجزا عسكريا دائما فيها عند سد المنطرة وسط القرية، حيث يمنع أهالي القريبة الاقتراب من السد.
وعلى بعد أمتار، حيث يقع سد رويحنة في ريف القنيطرة، رصدت «القدس العربي» دخول دورية عسكرية تضم 3 سيارات لجيش الاحتلال، اجتازت القرية ووصلت حتى قرية زبيدة. وفي المساء دخلت دورية أخرى حيث توقفت سيارتان عسكريتان في الطريق الواصل بين سد رويحينة وسد أم المنطرة تحرسهما دبابة إسرائيلية.
وفي آخر نقطة سورية يسمح فيها بانتشار قوات الأمن العام في ريف القنيطرة، التقت «القدس العربي» بقائد القوات الأمنية في سد رويحينة، حيث قال: تتوغل قوات الاحتلال بشكل يومي في قرى رويحينة وزبيدة وبير عجم وبيرقة، كما أنها تجتاز خط البراميل الذي حددته مؤخرا وتطلق النار بشكل مباشر على الأهالي.
ويعاني الأهالي، حسب المصدر الأمني، من الانتهاكات المتكررة والاعتداءات على الفلاحين أنفسهم وأراضيهم ومواشيهم، وقال: «وثقنا أمس التعرض للمزارعين ورعاة الأغنام والمواشي في رويحنية، حيث أطلقت قوات إسرائيلية النار بشكل مباشر على المواشي، وألحقت أضرارا مادية فيها»
وأضاف: قبل أيام نصبت القوات الإسرائيلية حاجزا عسكريا مؤقتا، واعتقلت رجلا قرب هذا السد، «في إشارة إلى سد رويحينة»، بعدما لاحقته الدورية قادما من القرية المجاورة، واعتدت عليه بالضرب أمام عائلته، ثم اصطحبته مكبلا ومغمض العينين إلى نقطة العدنانية في ريف القنيطرة، والتي سيطرت عليها القوات الإسرائيلية مؤخرا بعد 8 كانون الأول /ديسمبر، ومنها إلى ثكنة داخل الأراضي المحتلة في الجولان، مؤكدا أن القوات الإسرائيلية أفرجت عن الرجل بعد نحو 6 ساعات من الاعتقال والتحقيق.
وحسب المصدر الأمني، فإن القوات الإسرائيلية «تدخل دورية عسكرية إسرائيلية، مساء كل يوم إلى سد رويحينة، عدا الدوريات الأخرى التي قد تتجول في أي وقت وتروع الأهالي، بعدما رسخت سيطرتها في عدة نقاط ومواقع عسكرية في كل من تل أحمر، والحمدية، وجباتا الخشب، والحرية والقحطانية ورسم الشولة، بالإضافة إلى سد المنطرة وقرية أم العظام وقرية العدنانية في الريف الغربي للقنيطرة، ومرتفع شارة الحرمون في ريف دمشق الجنوبي الغربي، وهي أعلى قمة بجبل الشيخ، وقرية سويسة وبلدة الرفيد في ريف القنيطرة الجنوبي.
وقال إن تعداد المواقع العسكرية التي احتلها القوات الإسرائيلية يزيد عن 12 موقعا عسكريا بقوام حاجز عند كل منها.
رفض المساعدات
توقف الدورية العسكرية المارّة، حيث تجري معهم تحقيقا وتفتشيا دقيقا، كما يفتش جنود الاحتلال الإسرائيلي سيارات وحافلات الأهالي، والهواتف الجوالة «وفي حال العثور على صور للسلاح، فإن القوات الإسرائيلية تقود الشخص المعني مكبلا ومغمض العينين إلى التحقيق داخل الأراضي المحتلة في الجولان، بعد الاعتداء عليه بالضرب والإهانة.
تستهدف المزارعين ورعاة الأغنام والمواشي… تفتش المارة وتحقق معهم
أم سليمان إحدى النسوة التي كانت برفقة عائلتها تتنزه في سد رويحينة، قالت لـ «القدس العربي»: في بعض الأحيان، تعرض الدوريات الإسرائيلية مساعدات إنسانية وإغاثية على أهالي القرية، إلا أن سكان القرية والمنطقة عموما في رويحينة، وبير عجم وبيرقة وكودنة، يرفضون قبول هذه المساعدات المقدمة من المحتل.
وأضافت: تدخل هذه القوات الإسرائيلية بشكل متكرر، إلى قرى بيرعجم ورويحينة وكودنة وبريقة وخان أرنبة ومدينة السلام، وقد تنصب حواجز عسكرية في الطرق الرئيسية بحثا عن السلاح.
احتلال السدود
وحول خسائر الأهالي في هذه المنطقة قالت: يزرع الفلاحون في هذه المناطق عادة الخضار الموسمية، التي تعتمد بشكل كلي في الري على مياه السدود، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي حرم الفلاحين من مئات الأمتار من أراضيهم الزراعية، وباتوا اليوم يمنعون من الوصول إليها، سيما في قرى القحطانية ورسم الشولة وغيرهما، التي كانت تستفيد من آبار قرية أم عظام والسد الموجود فيها.
وزادت: قطعت قوات الاحتلال الإسرائيلي المياه عن هذه القرى، وهددت بشكل مباشر سكان القرى ومحاصيلهم الزراعية، كما ضرب الجفاف بعض المناطق رغم وفرة المياه في محيطها.
وتروي هذه السدود «سد المنطرة، والحرية، ورويحينة، وبريقة، والهجة، وغدير البستان والوحدة، وكودنة، والحيران، وسد وادي الرقاد» الأراضي الزراعية في ريف القنيطرة، حسب شهادات أهلية لـ «القدس العربي»، كما أنها تؤمن المياه للازمة للثروة السميكة، حيث تنتشر المسامك التابعة للقطاع العام على امتداد المحافظة، كما تؤمن المياه إلى مدن الجنوب السوري وصولا إلى حدود وادي اليرموك في الأردن.
مسمكة رويحينة
إلى ذلك، توغلت قوات الاحتلال خلال الأيام الماضية داخل مسمكة رويحينة التابعة للدولة، بحثا عن السلاح، واصطدمت بقوات من الأمن العام بقربها.
المسؤول الأمني في المسمكة قال لـ «القدس العربي»: سألت الدورية الإسرائيلية عن سبب اقتحامهم ودخولهم في محيط المسمكة والكتل الإسمنتية التابعة لها، فأجابني ضابط يتحدث اللغة العربية، إننا نبحث عن السلاح «طالما أنه ليس لديكم دولة في هذه البلاد».
وهدد الضابط الإسرائيلي بقصف القرية في حال العثور على سلاح في محيط المسمكة، أو في الأبنية التابعة لها».
وقال المصدر: تحيط في المسطحة المائية 5 أبنية تعرضت أكثر من مرة للتفتيش الإسرائيلي، حيث تقتحم القوات الإسرائيلية هذه المنطقة في كل مرة بحجة البحث عن ذخائر ومستودعات للأسلحة.
من سقوط نظام الأسد المخلوع، في 8 ديسمبر، تمكنت قوات من الجيش الإسرائيلي من التوغل وتثبيت سيطرتها حتى دوار العلم وسط مدينة البعث في ريف القنيطرة، وتدشيم نقاط عسكرية لها، عند تلاقي مثلث أرياف دمشق ودرعا والقنيطرة جنوب سوريا.
وحسب مصادر عسكرية لـ «القدس العربي» فإن جيش الاحتلال بات يسيطر على من كل من قمة جبل الشيخ وقرية صيدا الجولان وقرية عابدين في ريف درعا الغربي وقرية معريا في ريف درعا الغربي، وقرية نافعة في حوض اليرموك وقرية كويا في الريف الغربي من محافظة درعا والدرعيات والبصالي وعين القاضي في ريف القنيطرة، وقرية المقرز وقرية أم باطنة وقرية جملة، بالإضافة إلى سد المنطرة وقرية أم العظام وقرية العدنانية في الريف الغربي للقنيطرة، ومرتفع شارة الحرمون في ريف دمشق الجنوبي الغربي، وهي أعلى قمة في جبل الشيخ، وقرية سويسة وبلدة الرفيد في ريف القنيطرة الجنوبي حتى وصل عدد النقاط العسكرية الرئيسية الإسرائيلية في القنيطرة إلى 12 نقطة.
ومع سيطرة إسرائيل على سد المنطرة أكبر السدود جنوبي سوريا، تكون إسرائيل قد سيطرت على أبرز المسطحات المائية الهامة في المحافظة منها سد الشيخ حسين، وسد سحم، وسد الوحدة، وسد كودنا، وسد رويحينة، وسد بريقة. كما تكون قد أحكمت سيطرتها على منابع الأنهار ومجاريها في المنطقة، وأصبحت تهدد الأمن المائي لكل من سوريا والأردن. ومن المحتمل أن تستمر إسرائيل في تقدمها للوصول إلى تل الشحم الاستراتيجي والسيطرة عليه، خاصة أن القوات الإسرائيلية قد دخلت مدينة القنيطرة وفتشت كافة المراكز الأمنية التي كانت تعود لقوات النظام، ومؤسسات الدولة وطردت العاملين فيها.
- القدس العربي