شنّ الكاتب والمحلّل السياسي الأميركي الشهير توماس فريدمان هجوماً عنيفاً ولاذعاً على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مطلقاً عليه أقسى النعوت في مقالة له بـ”نيويورك تايمز” تحت عنوان “أميركا التي عرفها فريدمان تتلاشى بسرعة”.
من بين أخطر الأمور الفظيعة التي قالها وفعلها دونالد ترامب رئيساً، بالنسبة لفريدمان، توجيهاته للمكتب الحكومي المستقلّ والموثوق للإحصاءات الاقتصادية بأن يصبح كاذباً مثله، إذ أمر بفصل إريكا ماكينتارفر، رئيسة مكتب إحصاءات العمل، لأنّها قدّمت إليه بيانات اقتصاديّة لم تعجبه، وأسرع كبار مسؤولي ترامب، الأكثر مسؤوليّة عن إدارة الاقتصاد الأميركي إلى موافقته بدلاً من دعوته إلى إعادة النظر في قراره.
يدلّ هذا الأمر، في رأي فريدمان، على أنّ شخصيّة ترامب الفاسدة أصبحت الآن مشكلة للاقتصاد الأميركي بأكمله. فكم من البيروقراطيّين الحكوميّين سيندفعون في المستقبل على نقل الأخبار السيّئة وهم يعلمون أنّ رؤساءهم لن يدافعوا عنهم، بل سيقدّمونهم فعليّاً كبش فداء لترامب للحفاظ على مناصبهم؟
“هذا هو النوع من الأمور التي لا تتوقّع رؤيتها إلّا في جمهوريّات الموز.” ينقل فريدمان تعليق جانيت يلين، سلف بيسنت، وزيرة الخزانة السابقة ورئيسة مجلس الاحتياطي الفدرالي السابقة، على قرار فصل رئيسة مكتب إحصاءات العمل. وينقل تعليق أحد أشهر خبراء السوق الأجانب في لندن في نشرة إخباريّة شهيرة بين خبراء السوق يعتبر فيه أنّ “الأوّل من آب 2025 سيخلّد في التاريخ باعتباره اليوم الذي شهد انهيار سوق سندات الخزانة الأميركية. فقد كان هناك فنٌّ في قراءة البيانات الأميركية، وكان يعتمد على الثقة. أمّا الآن، فقد انكسر هذا الفنّ، وإذا لم تستطع الوثوق بالبيانات، فبماذا تثق؟”.
في رأي فريدمان، على أنّ شخصيّة ترامب الفاسدة أصبحت الآن مشكلة للاقتصاد الأميركي بأكمله
بالنسبة لفريدمان، هذا هو النهج الذي يتبعه ترامب أيضاً في السياسة الخارجية، وهو تكييف المعلومات لتناسب احتياجاته السياسية، وقد تمّ استخدامه بالفعل في مجال الاستخبارات. في أيّار، أقالت تولسي غابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية، اثنين من كبار مسؤولي الاستخبارات أشرفا على تقويم تعارَض مع مزاعم ترامب بأنّ “عصابة ترين دي أراغوا” تعمل بغطاء من النظام الفنزويلي. وقد قوّض تقويمهما الأساس القانوني المشكوك فيه الذي استند إليه ترامب، وهو قانون الأعداء الأجانب لعام 1798، وهو نادر الاستخدام، للسماح بطرد أعضاء العصابة المشتبه فيهم من البلاد دون اتّباع الإجراءات القانونية الواجبة.
وفقاً لفريدمان بات هذا التوجّه نحو التعمية الذاتيّة ينتشر الآن إلى أركان أخرى في الحكومة الأميركية: مثال إلغاء وزير الجيش دانيال دريسكول الأسبوع الماضي تعيين جين إيسترلي، واحدة من أبرز محاربي الحرب الإلكترونية في أميركا، وكانت مديرة وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية خلال إدارة بايدن، في منصب تدريسيّ رفيع المستوى في الأكاديمية العسكرية الأميركية، وذلك بعدما نشرت لورا لومر، وهي من مُنظّري المؤامرة اليمينيّين المتطرّفين وتابعة مجنونة لترامب، أنّ إيسترلي كانت عميلة في عهد بايدن.
لهذا السبب، وعلى الرغم من كونه متفائلاً بالفطرة، يعتقد فريدمان للمرّة الأولى أنّه “إذا استمرّ السلوك الذي أظهرته هذه الإدارة في الأشهر الستّة الأولى فقط، وتفاقم خلال سنواتها الأربع، فإنّ أميركا التي نعرفها ستزول. ولا أدري كيف سنستعيدها”.
- أساس ميديا