في فلوريدا هذه المرة، حيث منتجع مارالاغو الأثير لدى الرئيس الأمريكي، استقبل دونالد ترامب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في لقاء هو السادس بينهما هذه السنة، والرقم القياسي للقاءات سيد البيت الأبيض مع أي زعيم تابع للولايات المتحدة أو حليف لها أو على خلاف معها في قليل أو كثير.
وإذا لم تكن ستة لقاءات كبيرة بالقياس إلى العلاقات الأمريكية ـ الإسرائيلية عموماً، وهذا الرئيس الأمريكي مع نتنياهو هذا على وجه التحديد، فإن حيثيات خاصة مختلفة قد تكون طبعت الزيارة، لجهة الملفات التي فُتحت، والحلول التي طُرحت. وليس الأمر أن ترامب على خلاف شديد مع نتنياهو حول مسائل مثل قطاع غزة والضفة الغربية وإيران ولبنان وسوريا، بل هي فروقات طفيفة تنحصر جوهرياً في ممارسة بعض الضغط الأمريكي على جموح نتنياهو وما ينجم عن شططه من إلحاق الضرر بالمصالح الأمريكية العليا في المنطقة.
ففي ملف المرحلة الثانية من تطبيق خطة النقاط الـ20 الخاصة بقطاع غزة، والتي سُجلت باسم ترامب ولا يستطيب عرقلتها أو التسويف في تطبيقها من جانب نتنياهو، فإن الضغط الامريكي يمكن أن يبدأ من تسريبات إلى الصحافة بعدم رضا كبار مساعدي البيت الأبيض عن سلوك رئيس حكومة الاحتلال، وقد لا يتجاوز ما صرّح به ترامب نفسه خلال مؤتمره الصحافي مع نتنياهو: «توصلنا إلى الكثير من الاستخلاصات»، وهناك «القليل فقط من الفارق»، ونتنياهو «يمكن أن يكون صعباً للغاية أحياناً، لكنك في حاجة إلى رجل قوي. إذا كان لديك رجل ضعيف، ما كانت إسرائيل ستوجد».
وفي ملف المواقف من تركيا على سبيل المثال الثاني، ليس غائباً عن الأذهان أن «الرجل القوي» الإسرائيلي وضع حظراً بالمطلق على مشاركة وحدات عسكرية تركية في القوة الدولية المكلفة بحفظ الاستقرار في القطاع حسب خطة ترامب، كما سبق له أن أقسم بأغلظ الأيمان على «منع كل من يجب أن يُمنع» من حيازة مقاتلات F-35 الأمريكية وتركيا على وجه الخصوص. رئيس القوة الكونية الأعظم يرحب على العكس بمشاركة تركيا في قوة غزة، وهو لا ينفي بالمطلق إمكانية تزويد سلاح الجو التركي بالمقاتلات المذكورة رغم حصول أنقرة على منظومات الدفاع S-400 الروسية.
سوريا كانت المثال الثالث، فمنذ سقوط النظام أواخر 2024 اعتاد نتنياهو على تكرار أكذوبة الدفاع عن «الحلفاء الدروز»، بينما شن جيش الاحتلال مئات الاعتداءات وتوغل في مناطق عديدة داخل الأراضي السورية، لكنه في مارالاغو عزف نغمة جديدة أكثر افتضاحاً هي الدفاع عن مسيحيي سوريا. ترامب من جانبه لم يتردد في التأكيد على آراء سابقة له تمتدح الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، فوصفه بـ«شخص قوي تحتاجه سوريا في الوقت الحالي».
الفوارق طفيفة أياً كانت أهميتها في كل الملفات، وهي لا تتجاوز ما يقع عادة من تباينات بين تابع صغير مثل دولة الاحتلال، وراعٍ كبير على شاكلة الولايات المتحدة.
- القدس العربي






















