روسيا في الشرق الأوسط: مصدر للاستقرار أم عامل للاضطراب؟

آنا بورشتشيفسكايا وآخرون/ ترجمة أحمد عيشة

الزيارة التي قام بها سيرغي لافروف، وزير خارجية روسيا، إلى الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وقطر، في آذار/ مارس 2021، والتي استغرقت أربعة أيام، لم تشغل سوى قلة من العناوين العالمية. غير أنها أبرزت اتجاهات عدة في العلاقات بين روسيا والشرق الأوسط: الأولإدراك دول الخليج لنفوذ روسيا وحرصها على إقامة الروابط (على سبيل المثال، مُنح لافروف واحدًا من أعلى أوسمة الشرف في الإمارات العربية المتحدة)؛ والثاني تتناقض مشاركة روسيا رفيعة المستوى مع المنطقة مع النهج الأكثر تحفظًا الذي تتبناه الولايات المتحدة، والواقع أن مبيعات الأسلحة السعودية والإماراتية التي وافقت عليها إدارة دونالد ترامب ما زالت تعاني الإهمال، وأدى قانون قيصر إلى عرقلة الجهود الخليجية الرامية إلى المشاركة في إعادة تأهيل سورية، ولم يتحدث كثير من زعماء المنطقة مباشرة مع الرئيس جو بايدن؛ والثالث الاجتماع الثلاثي بين وزراء خارجية روسيا وتركيا وقطر، في الدوحة في 11 آذار/ مارس، وكان مثاليًا لتوسيع نطاق “العلاقة الإكراهية/ الصديق اللدود” الروسية التركية إلى مسرح آخر في الشرق الأوسط.

إن الجولة الخليجية التي قام بها لافروف (التي أعقبها اجتماع نادر في موسكو مع وفد حزب الله اللبناني في 15 آذار/ مارس، والاجتماع مع غابي أشكنازي، وزير الخارجية الإسرائيلي، بعد يومين، فضلًا عن زيارة لافروف المتوقعة إلى إيران) تعكس مدى تعقيد السياسة الخارجية الروسية في المنطقة. هذه الأحداث، مع استدعاء السفير الروسي في واشنطن لإجراء مشاورات في الكرملين، تجعل الوقت مناسبًا للنظر في دور روسيا في الشرق الأوسط. نحن نقدّم هنا وجهات نظر مختلفة من الولايات المتحدة وإسرائيل والعالم العربي.

منظور الولايات المتحدة

كان الشرق الأوسط دومًا جزءًا من المنطقة الضعيفة والرخوة لروسيا: المنطقة التي سعت الدولة الروسية إلى تأمينها، بينما كانت تندفع نحو لعب دور رئيس في السياسة الأوروبية والحصول على اعتراف كبير بالقوة. عمل فلاديمير بوتين، منذ توليه السلطة رسميًا في أيار/ مايو 2000 (إن لم يكن قبل ذلك) على إعادة روسيا إلى الشرق الأوسط، كجزء من نهجه في التعامل مع السياسة الدولية. صدَم التدخل العسكري الذي قام به بوتين في سورية في أيلول/ سبتمبر 2015، لدعم الدكتاتور السوري بشار الأسد كثيرين وأدهشهم، ولكنه كان بمنزلة الاستنتاج المنطقي لأعوامٍ من الأهداف الأوسع نطاقًا لردع الغرب، في سياق من السياسات الغربية المترددة.

وعلى النقيض من الاتحاد السوفيتي السابق، كان بوتين يزرع ويستمر في الاستثمار لدى كل الجهات الفاعلة الرئيسة حتى حين يعارض كلٌّ منها الآخر. إنه نهج أكثر واقعية ومرونة من النهج الأيديولوجي للاتحاد السوفيتي الذي كان له حلفاء وخصوم واضحون. لقد نجحت استراتيجية بوتين بشكل خاص في ظل تناقض الالتزامات الغربية تجاه المنطقة. ولذلك، فإن موسكو تقيم علاقات طيبة مع إيران ووكلائها، مع إسرائيل والخليج -على سبيل المثال لا الحصر- وتخبر كل جانب بأنها قادرة على لعب دور صانع السلام. تستخدم موسكو كلّ الأدوات في مجموعة أدواتها الحكومية لبناء النفوذ العملي، من خلال المؤسسة العسكرية، وأيضًا من خلال القوة شبه العسكرية، والاستخبارات، والتجارة، والقوة الناعمة.

فضلًا عن ذلك، فقد أصبح بوتين ينظر إلى الغرب باعتباره ضعيفًا -خاصة بعد أن رسم الرئيس باراك أوباما خطًا أحمر في سورية عام 2013 لم يستطع أن ينفذه- ومن المرجح أنه لهذا السبب يشعر بالثقة في التدخل في سورية عسكريًا. وساعد التردد الأميركي بوتين في الوصول إلى المنطقة. إن النهج الذي تتبناه موسكو في التعامل مع الشرق الأوسط ذو محصلة صفرية، ولكي يفوز بوتين يتعين على الغرب أن يخسر. إن بوتين لا يسعى إلى تحقيق استقرار حقيقي، بل إلى العكس من ذلك، حيث إن عدم الاستقرار المنخفض المستوى يضعه في موقع إداري مفيد.

سورية هي بؤرة نشاط الكرملين، التي يستخدمها بوتين كنقطة انطلاق لتوجيه القوة في مختلف أنحاء المنطقة وأوروبا وأفريقيا. ولا شيء يوضح ما قيل عن مصالح موسكو من إزاحة الستار أخيرًا عن نصب تذكاري لقديس الجيش الروسي الراعي الأمير ألكسندر نيفسكي، في قاعدة حميميم الجوية الروسية في سورية. وهذا يدل على الالتزام الروسي على الصعيدين الرمزي والعملي. والرمزية تلاقي صدى واسعًا في كل من الشرق الأوسط وروسيا.

بطبيعة الحال، من الناحية العسكرية، روسيا موجودة في سورية للبقاء تسعة وأربعين عامًا على الأقل، وفقًا لاتفاق بين موسكو ودمشق. وفي هذا الوقت، تواصل موسكو اتخاذ خطوات عملية على أرض الواقع لفرض النفوذ في سورية والدفع نحو نتائجها المفضلة. ويسمح الموقع الاستراتيجي لسورية على شرق البحر الأبيض المتوسط لروسيا بعرض القوة في الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلنطي، وعلى نطاق أوسع، في جنوب أوروبا. وفي هذا السياق، كانت ليبيا الغنية بالنفط وذات المركز الاستراتيجي هي الخطوة المنطقية التالية، كما كتبت في أوائل عام 2017. والواقع أن النشاط الروسي هناك أصبح أكثر وضوحًا في الأعوام الأخيرة على الجبهة الدبلوماسية -حيث كانت موسكو تهدف إلى وضع نفسها كوسيط- ومع نشر أكثر وضوحًا وتزايدًا لما يسمى بالمتعاقدين العسكريين الخاصين، مثل مجموعة (فاغنر).

وفي حين أن مصالح موسكو جيوسياسية في المقام الأول، فإن هناك أيضًا جانبًا تجاريًا -يتعلق في معظمه بالطاقة والأسلحة- بالإضافة إلى الأبعاد الثقافية والدينية. وعلى الرغم من أن بوتين يعمل على بناء الروابط مع الجميع -وليس من السهل الحفاظ على التوازن- فإن التوازن ما زال يميل إلى جهة مصالح القوى المناهضة لأميركا، وإيران ووكلائها، والأسد.

حتى الآن، لم تعلن الولايات المتحدة تحت قيادة بايدن سياستها في سورية، ولكن من غير المرجح أن تشكل دمشق أولوية، تلك السياسة التي لن تستمر إلا في مساعدة بوتين. وعلى الرغم من أن العديد من التفاصيل غير واضحة، فإن الولايات المتحدة تستمر، من منظور أوسع نطاقًا، في تقليل أهمية الشرق الأوسط لصالح منافسة القوة العظمى مع الصين وروسيا في مناطق أخرى. وعلى النقيض من ذلك، ترى موسكو في الشرق الأوسط ساحة رئيسة لهذا الزحف. وإذا استمر هذا الاتجاه، فإن روسيا سوف تستمر في التقارب العميق بالفعل مع إيران ووكلائها، وسوف تكون لها الكلمة الأخيرة في نهاية المطاف، بشأن مستقبل سورية. وهذا يمكن أن يؤدي إلى صعود أكثر وضوحًا للعلاقة بين روسيا وإيران والأسد، وتحويل الشرق الأوسط إلى منطقة تخلق مزيدًا من نقاط الضعف بالنسبة إلى الغرب وحلفائه، سواء في المنطقة أو في أوروبا. إن مثل هذا السيناريو لن يؤدي إلا إلى إلحاق الضرر بالمنافسة الأميركية الأوسع مع الصين وروسيا.

المنظور الإسرائيلي

بينما ترى إسرائيل نفسها جزءًا من المعسكر الغربي وحليفًا وثيقًا للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، فإنها لا تنظر إلى روسيا باعتبارها خصمًا. ويتعارض البلدان حول كثير من القضايا الأساسية في سياساتهما الشرق أوسطية، ولكنهما يفضّلان التركيز على جدول أعمال مقبول ومتوافق عليه.

يُسهم مليون مواطن ناطق بالروسية، عادوا إلى إسرائيل بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، في تطوير علاقات مكثفة بين الناس بين إسرائيل وروسيا، حتى في مجال التعاون الاقتصادي والثقافي. إن السرديات الاستراتيجية الوطنية للبلدين متشابكة. فالإسرائيليون يعتزون بالدور السوفيتي -الروسي في هزيمة ألمانيا النازية ووقف المحرقة. ويعرب الكرملين عن تقديره للإسرائيليين الذين تكلموا بصوت عال بشأن هذه المسألة، لأن هذا الانتصار يعطي روسيا الحق في الحصول على مكانة دولية حصرية -بالرغم من أن دور الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية يشكل في الوقت الحالي موضوعًا محلّ نزاع كبير بين موسكو وبلدان أوروبا الشرقية.

في الآونة الأخيرة، اتخذت إسرائيل موقفًا حذرًا من الانقسام الروسي الغربي، في أعقاب ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014. فهي لا تدين روسيا إدانة فعالة، ولا تنضم إلى العقوبات المفروضة عليها، ولا تزال تعقد اجتماعات رفيعة المستوى مع المسؤولين الروس. ويقدر الرئيس بوتين بشدة موقف بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء، مقارنة بالعقوبات وفك الارتباط من أغلب العواصم الأخرى الموالية للغرب.

أدى قرار روسيا في عام 2015، بالتدخل الرسمي في الحرب الأهلية السورية، إلى خلق بيئة استراتيجية وعملية جديدة لإسرائيل. وجعل المسرح السوري أهم قضية ثنائية حاسمة لدى إسرائيل مع موسكو. وأصبحت القوات الروسية سمة ثابتة على الحدود الشمالية الإسرائيلية في مرتفعات الجولان، حيث يقاتل جيش الدفاع الإسرائيلي لمنع وجود عسكري طويل الأجل من جانب إيران والميليشيات التي يسيطر عليها فيلق الحرس الثوري الإسلامي.

وعلى الرغم من دعم نظام الأسد والقتال مع إيران وحزب الله من أجل هذه القضية، فإن الروس لا يؤيدون أنشطتهم العدوانية ضد إسرائيل. وتقدر القدس الحياد النسبي لموسكو، وتغاضيها عن الضربات الإسرائيلية ضد الأهداف الإيرانية في سورية. كما تحرص كل من موسكو والقدس على التقليل من خطر وقوع اشتباك مباشر بين قواتهما العسكرية، على غرار الحادث الذي وقع في عام 2018، حيث أسقط الدفاع الجوي السوري بطريق الخطأ طائرة استطلاع روسية على متنها خمسة عشر ضابطًا في أعقاب هجوم جوي إسرائيلي، حيث أدى اتهام روسيا لإسرائيل بمسؤوليتها عن الحادث إلى أزمة كبيرة في العلاقات الثنائية.

قد تبدو العلاقات الإسرائيلية الروسية وكأنها شراكة وثيقة، لكن هذا يتغاضى عن الخلافات العميقة حول مستقبل سورية، والملف النووي الإيراني، ومبيعات الأسلحة الروسية إلى المنطقة، والقضية الفلسطينية. وبالرغم من أن إسرائيل لم تتخلَ بالكامل عن الأمل في أن يساعد نفوذ موسكو على الأسد في إخراج الإيرانيين من سورية، فإنها تعتمد في الأساس على نفسها وتدعم الوجود العسكري الأميركي هناك. كما أنها تعد روسيا مفرطة في حماية الخطوات الإيرانية التصعيدية في مجال التخصيب النووي وإنهاء حظر الأسلحة (حيث يسعى المجمع الصناعي العسكري الروسي إلى الحفاظ على حصته في السوق في إيران). وإضافة إلى ذلك، فإن القدس لا تتوافق مع وساطة موسكو إزاء الفلسطينيين، وتأخذ في الحسبان موقف الولايات المتحدة بشكل رئيس.

إن مصلحة إسرائيل الأساسية في الحفاظ على روابطها القوية وتعاونها الدفاعي مع الولايات المتحدة تقيد اتصالاتها مع روسيا. ومع ذلك، تدرك قيادتها أن المشاركة العامة النشطة مع بوتين ستساعد إسرائيل على الاحتفاظ بحرية عملياتها ضد التمركز الإيراني في سورية.

المنظور العربي

تستند السياسة الروسية الحالية في المنطقة إلى عنصرين: الأول أن السياسة العالمية في الأعوام الأربعة المقبلة سوف تكون فوضوية وغير قابلة للتنبؤ بها؛ والثاني الاقتناع بأن السياسة الأميركية سوف تؤدي إلى تضاؤل الوجود في الشرق الأوسط. وبالرغم من أن إدارة بايدن تعيد النظر في نهج السياسة الخارجية في واشنطن، فإن روسيا تعتقد أن هذه العملية يمكنها أن تقلل من تركيز الولايات المتحدة على الشرق الأوسط. ومن المرجح أن يتيح هذان العنصران لموسكو فرصة لتوسيع وجودها وتعزيز أهمية دورها في المنطقة.

لا تملك موسكو أي أوهام بخصوص الحلول محل واشنطن في المنطقة. إن مثل هذا الأمر ليس مدرجًا على أجندة الكرملين، لأنه يدرك تمام الإدراك أن تحقيق هذا أمرٌ مستحيل. إن ما تسعى إليه روسيا هو ملء الفراغ الذي خلفه الآخرون. وهذا هو جوهر السياسة الخارجية الروسية على مدى الأعوام القليلة الماضية.

يفسّر هذا ميل موسكو إلى توسيع وجودها العسكري بنشاط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في الأعوام الأخيرة. إن الأمر لا يتعلق بسورية فحسب، مع أن دمشق تشكّل بلا شك أولوية لروسيا في المنطقة. وذلك لأن المكاسب التي تحققت هناك لا يمكن استبدالها أو الاستغناء عنها. كما توصلت روسيا إلى اتفاق مع مصر لإنشاء منطقة صناعية روسية في شرق بورسعيد، وأخرى مع السودان لإنشاء مركز دعم لوجستي للبحرية في بورتسودان. ولروسيا أيضًا مشاركة عسكرية غير مباشرة في ليبيا، عن طريق مجموعة فاغنر، وهي شركة عسكرية متعاقدة.

لقد وجدت الدول العربية نفسها في مواجهة واقع جديد منذ الحرب في سورية. والآن أصبح لديهم جارة إقليمية جديدة ذات وجود عسكري طويل الأمد في سورية وارتباطات كبيرة مع كل من إيران وتركيا. وبينما ندرك أن نطاق المصالح الروسية قد اتسع بشكل ملحوظ، فإن الموقف الجماعي تقريبًا للمنطقة العربية هو الالتزام بالقانون الدولي. وهذا لا يقتصر على بلدان الخليج العربي فحسب، بل يشمل المنطقة العربية بأكملها من شمال أفريقيا إلى الشرق الأوسط، باستثناء سورية. فعلى سبيل المثال، لم يعترف أي بلد عربي بضمّ شبه جزيرة القرم. وفي المقابل، لم تنخرط البلدان العربية في سياسات تفرض عقوبات من جانب واحد على روسيا.

يتعدد أثر أنشطة روسيا في المنطقة وكيفية تشكيلها للعلاقات مع القوى العظمى. أولًا، ليس لدى روسيا استراتيجية شاملة للتعامل مع القضايا الإقليمية. وتستند تدابير موسكو إلى تحركات تكتيكية لتعزيز وجودها. وعلى النقيض من الصين، على سبيل المثال، لا تملك روسيا مشروعًا للقوة الناعمة أو آليات لتعزيز الاستثمارات. وبدلًا من ذلك، تسعى موسكو إلى اجتذاب استثمارات محدودة للتعامل مع سياسة العقوبات المفروضة على البلد.

ثانيًا، يبدو أن روسيا مهتمة بالانخراط في أزمة قائمة أكثر من اهتمامها بصياغة حلّها. وهذا يشير إلى أن موسكو لا تنظر إلى أي أزمة كما هي بالفعل، ولكن من خلال الكيفية التي تؤثر بها على علاقات موسكو مع أطراف الصراع الأخرى. إن روسيا غير راغبة أو غير قادرة على المساعدة في إيجاد حلول للمشكلات. وبدلًا من ذلك، تقدم مقترحات لإبقاء نفسها منخرطة في حوارات. ومن بين هذه الأمثلة: اقتراح مؤتمر دولي للسلام أو إحياء المجموعة الرباعية بشأن الشرق الأوسط؛ واقتراح آلية أمنية مشتركة في الخليج؛ ورعاية الحوارات بين الأطراف الليبية.

وبالإضافة إلى ذلك، هناك علاقة جدلية بين الولايات المتحدة ومسعى أوروبا للانتقال إلى مجال نفوذ روسيا ووجود موسكو في المنطقة. وكلما توسعت منظمة حلف شمال الأطلنطي نحو الشرق، من خلال ضم دول أعضاء جديدة من الاتحاد السوفيتي السابق أو يبدو أنها تشجع على حدوث ثورات ملونة في المنطقة المجاورة لروسيا؛ أصبحت موسكو على علاقة أكبر في المنطقة.

وأخيرًا، فإن سلوك موسكو مستنير باتجاهات السياسة الخارجية الأميركية. وبعبارة أخرى: بينما تضغط الولايات المتحدة على حلفائها في الشرق الأوسط، بخصوص قضايا حقوق الإنسان، تبدي روسيا مزيدًا من المرونة في هذا الصدد، ولا تضع أي شروط عندما تحتاج الأطراف إلى شراء الأسلحة أو تحسين القدرات العسكرية. ومن هذا المنطلق، تعمل روسيا على تعزيز اتجاهات السياسة العامة لصالحها وتعزيز آفاقها في أن تصبح لاعبًا فعالًا في المنطقة، ولكن ليس كحليف يستطيع أن يحل محل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

الاستنتاج

تبين المنظورات الواردة أعلاه الفروق الدقيقة لدور روسيا في المنطقة. إن تنوع الشرق الأوسط ومناطقه الفرعية -من حيث التنمية الاقتصادية، وطموحات قادته، والأولويات الأمنية، على سبيل المثال لا الحصر- يوفر عددًا لا يحصى من الفرص، ولكنه يوفر أيضًا تحديات معقدة للنفوذ الروسي. إن روسيا تدرك القيود المادية التي تواجهها، وخاصة ما يتعلق بالولايات المتحدة والصين. ومع ذلك، فهي تشعر باندفاع لا يمكن تداركه، بحقّها أن تصبح قوة عظمى يعترف بها الآخرون.

ينطوي التفاعل بين هذه السياقات الإقليمية والداخلية على نطاق الصراع بين الدول العظمى، ولكن على مجال متساو للتعاون بخصوص قضايا مختارة. ما هي القضايا الأكثر قربًا من علاقات التعاون؟ وأين يكمن الانقسام الأكبر بين القوى العظمى في الشرق الأوسط؟ وما هو نطاق الإرادة المتاحة للدول في الشرق الأوسط؟ وهل قُدّر على هذه المنطقة أن تكون “مخترقة”؟ سيلقي فريق العمل نظرة شاملة على هذه المسائل وغيرها، في الأشهر القليلة المقبلة.

اسم المقال الأصلي Russia in the Middle East: A source of stability or a pot-stirrer?
الكاتب آنا بورشتشيفسكايا وآخرون، Anna Borshchevskaya, Raed Wajeeh, Daniel Rakov, and Li-Chen Sim
مكان النشر وتاريخه المجلس الأطلسي، Atlantic Council، 21 نيسان/ أبريل 2021
رابط المقال https://bit.ly/33A0lkn
عدد الكلمات 2216
ترجمة وحدة الترجمة/ أحمد عيشة

مركز حرمون للدراسات المعاصرة

Next Post

اترك رد

منتدى الرأي للحوار الديمقراطي (يوتيوب)

أبريل 2024
س د ن ث أرب خ ج
 12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
27282930  

Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist