سلسلةٌ استقصائية نجري في كل حلقة منها حواراً مكون من سؤال واحد، مع مجموعة من الناشطين والكتاب والمحللين والباحثين بقصد عرض أكثر من وجهة نظر وأكثر من رأي حول قضية سياسية أو اجتماعية شائكة ونقوم بعرضها تباعاً
فيما يشبه الغربال الذي كانت تجمع به جداتنا الحبوب الا أن غربال القبضة هذا، هو.. غربال للرأي.
مع أو ضد: شرعنة وجود أحزاب ومنظّماتٍ سياسيّةٍ ذات نزعةٍ دينيّةٍ طائفيّةٍ أو عرقيّةٍ قوميّةٍ في سوريا ما بعد الأسد؟
كتب عمار وهاب ناشط سوري ضمن حزب الشعب: “يعدّ نظام الأسد من الأنظمة التي سعت إلى تفرقة الشعب السوري ولعلّ الورقتين القومية والطائفية تأتي في مقدمة هذا السعي. فكان هذا النظام المؤسس أمنياً قد سيطر على سوريا بطرق مختلفة أهمها التغلغل إلى عمق الطوائف وجعلها في صفّه ومن مؤيّديه وهنا لا نفرق بين طائفة صغيرة أو كبيرة ولعلّ تأييده من الطائفة الكبرى في سورية كان السبب الرئيس في ثباته لعشرات السنين. ومنذ بداية انطلاق الثورة السورية في عام 2011 كان الأسد وعلى لسان أبواقه يمهّد لحربٍ أهليةٍ طويلة الأمد تعتمد على القوميّات والطوائف المختلفة في سورية والتي كان خلال سنوات حكمه يزرع الفتن والشقاق فيما بينها. وكان يدّعي أنه حاميها وبالأحرى الصغرى منها والتي تتخوف من التهامها من الطائفة الكبرى والقومية الكبرى، وبدأ بتجييشها وعسكرتها لصالحه. وللأسف الشديد فقد استطاع ذلك ولو حتى بالتحييد وعدم الانخراط في الصراع الدائر.”
ويكمل وهاب: “ثم جاءت تشكيلات المعارضة المختلفة لتتبع أسلوب تمثيل السوريين بكافة مشاربهم، فوقعت في نفق الطائفية والقومية المظلم فكان الانحراف دائماً عن الهدف الأساس وهو إسقاط النظام بالدخول في تفاصيل دقيقة تاهت عن أحوال الشعب السوري وكرّست فكرة الانقسامات في المجتمع الواحد، وظهرت تشكيلات معارضة قومية وطائفية تصارعت فيما بينها أكثر من صراعها مع النظام ناهيك عن التشكيلات العسكرية التي أفضت إلى تقسيم الجغرافية السورية وخلق مناطق سيطرة مختلفة تهيئ بشكل أو بآخر إلى تقسيم موشك.
إن فكرة تشكيل أحزاب قومية أو طائفية لن ترتكز إلا على حلول متفرقة لن ترقَ لحلٍّ شاملٍ للشعب السوري، وإن أي تشكيل لا ينطلق من فكرة سورية الموحدة أرضاً وشعباً سيكون أكثر سوءاً من حزب البعث الذي اتخذ القومية العربية هدفاً واختبأ خلفه لتحقيق مصالحه ومصالح القوى العالمية بحيث تبقي الشعب تحت سلطة الاستعمار عبر مندوبين له ألا وهو نظام الأسد.
وبالتالي فإن بناء دولة القانون وفقط سيادة القانون كفيل بحماية السوريين وحفظ حقوقهم والمساواة بينهم ولن تكون دولة القانون إلا بوجود أحزاب وطنية سورية تسعى في برامجها إلى وحدة الأرض والشعب بكافة انتماءاته، وكذلك وجود منظمات مجتمع مدني ترفع من سويّة تفكير المواطن ومنزّهةً عن كل تفكير طائفي أو قومي.”
يضيف سمير غالي الناشط السياسي ومدرب كرة قدم: “بالتأكيد ضد، أظن اننا تعلمنا درساً مما يحصل بوجود الفصائل التي أغرقت الثورة السورية في بحر من الظلام، ومما يحصل في العراق ولبنان.”
أكّدت السّيدة نرمين الشيحاوي الناشطة الحقوقية عدم وجود أي أمل إن لم يتم تغيير العقلية السورية تجاه التعاطي مع السياسة، وتابعت: “ستظل الاحزاب ذات الخلفية الدينية والقومية والطائفية خطراً جاثماً على صدور السوريين. نحتاج قبل كل شيء الخروج من عباءة القبيلة وما تعنيه من انتماء.”
سوريا البلد الذي يقطنه الكثير من الطوائف والقوميات والإثنيات، يحتاج سكانه إلى العمل على مصلحتهم بالتعايش وهذه المصلحة تقتضي أولاً رفض الرضوخ السياسي لأيّ انتماءٍ دينيٍّ أو قبليٍّ، والعمل على بناء مجتمعٍ يحقّق مصالح الفرد كمواطن ٍسوريٍّ بالدرجة الأولى خارجاً عن أية عباءةٍ تضرب المصلحة المشتركة بالتّعايش السّلميٍ لأفراد المجتمع السّوريّ.”