قبل أقل من أسبوعين، قتل مخرب فلسطيني من جنين ثلاثة إسرائيليين في تل أبيب. وبعد أن صفّي، برز عنوان مميز في “الغارديان”: “قوات إسرائيلية قتلت فلسطينياً بعد حادثة إطلاق نار في تل أبيب، قُتل فيها اثنان”. وهذا لا يقل عن عكس الحقيقة. وهكذا هي أحداث الحرم أيضاً، إذ ينظر إليها بشكل معاكس في عيون الإسرائيليين والمسلمين. عكس تام للمعتدي والمعتدى عليه، فحين تحاول قوات الشرطة إعادة النظام في القدس، تعرض كمعتدية.
لا يهم كم مرة حاولت حكومة إسرائيل ضبط نفسها، وتراجعت كفتاة مطاطية في محاولاتها لمعالجة هجمة الإرهاب الفلسطينية بأدوات دفاعية حصرياً، وهي في نهاية المطاف تدفع الثمن في الساحة السياسية. رئيس الوزراء بينيت ووزير الخارجية لبيد غير جاهزين لمعركة سياسية تقوم على أساس المواجهة. من ناحية مرجعية الدول العربية السُنية، هذه ليست مفاجأة. الأزمة التي نشأت في أعقاب الأحداث وبخاصة حيال الإمارات، هي نوع من هزة أرضية متوسطة ناقص. إذن، فإنهم لن يشاركوا في طيران يوم الاستقلال. والمقلق أكثر أنه ومن خلال هجمة الإرهاب، التي سماها بينيت “موجة إرهاب” وكأن الحديث يدور عن أوميكرون 9 ملم، مضافة إليه أعمال الشغب في الحرم والهجوم على المصلين في البلدة القديمة، فإن الفلسطينيين قادرون على تحريك مسيرة سياسية.
بينيت ورفاقه يصلون إلى لحظة الحقيقة. ذات مرة كانت هناك مسيرة تسمى “تحفيز رابين”، وكانت مأساة كاملة الأوصاف. والآن كما يقول ماركس، تأتي صيغة المهزلة: “تحفيز بينيت”. ففي رده على بضع تغريدات تويتر لليكود، يبدو بينيت كمن بقي في المجال الدعائي، ولكنه لم يصل إلى مستوى القيادة كسياسي رجل دولة. الضغط العنيف من الميدان الفلسطيني بمرافقة الضغط السياسي الأمريكي، وربما أيضاً الروسي بعد قليل، سيسيّرون الحكومة المفككة إلى قناة سياسية.
الأردن يتصرف بالشكل الأكثر ازدواجية، كعادته. كل محاولات المصالحة لا تجدي نفعاً. الملك عبد الله يتلقى سلفاً سخية من جانب إسرائيل، من أيدي وزير الدفاع بني غانتس ورئيس الوزراء بينيت، ويعود إلى عادته في هجمات لا تتوقف. في بداية الطريق، ضوعفت كمية مياهه من أيدي إسرائيل؛ وهذا لم يغير موقفه من إسرائيل – الضعيف يبث رائحة الضعف.
لكن ما يفاجئ سلباً هو رد فعل الولايات المتحدة الذي يتصدره وزير الخارجية بلينكن. فهو بدلاً من أن يعطي إسناداً لحكومة إسرائيل التي تحاول فرض القانون والنظام، هاجم “عنف المستوطنين ودخول الجيش الإسرائيلي إلى “المناطق أ”. كما أن طلب أبو مازن فتح القنصلية الأمريكية في القدس، سيعود إلى جدول الأعمال. الأمريكيون والفلسطينيون يتحدثون عن “أفق سياسي”. وروسيا المحاصرة في الساحة الدولية ستستعرض قريباً أنها لم تنس كيف تستخدم الورقة الفلسطينية لتحظى بالشرعية، بل وربما تتسبب بانقسام في الغرب.
بقلم: أمنون لورد
إسرائيل اليوم 20/4/2022