يبدو أن نتائج زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى إيران التي أجراها الأسبوع الماضي، قد بدأت بالظهور سريعاً، من خلال إعلان دمشق عن أن شحنات النفط الإيراني ستصل سوريا خلال الفترة القادمة.
وحسب رئيس الحكومة السوري حسين عرنوس، أنهت دمشق إجراءات الخط الائتماني الإيراني الجديد، مضيفاً أن الرئيس الأسد «وقع على مرحلة جديدة من اتفاقية الخط الائتماني الإيراني -السوري خلال زيارته إلى طهران قبل أيام، وتضمن الاتفاقية تزويد النظام بالمشتقات النفطية والمواد الأساسية لسد الاحتياجات الأساسية اللازمة للسوق المحلية».
ويرى الباحث بالشأن الاقتصادي السوري رضوان الدبس، أن إعلان حكومة النظام عن قرب وصول شحنات النفط الإيراني يأتي تأكيداً للتصريحات الرسمية الإيرانية التي تحدثت في نهاية زيارة الأسد عن نتائج اقتصادية للزيارة.
ويضيف لـ»القدس العربي»، أن ما يثير الانتباه هو عدم ذكر قيمة الخط الائتماني الذي افتتحته طهران لدمشق، وأيضاً عدم التطرق الرسمي لموعد وطريقة السداد. والمتعارف عليه اقتصادياً، أن السداد في الخط الائتماني يكون بعد بيع المواد، وهنا يقول الدبس: إن «النظام اعتاد منذ العام 2012 على عدم السداد نقداً لإيران، والمقابل كان وضع الأخيرة يدها على بعض الاستثمارات والشركات الصناعية الحكومية والمناجم ضمن اتفاقيات محددة لاستراد ثمن الخط الائتماني».
وعن الثمن الذي ستقدمه حكومة دمشق لإيران مقابل الخط الائتماني الجديد، يقول الدبس: لا بد أولاً من السؤال عن مصلحة طهران من وراء تقديم الدعم للنظام السوري، وهي تدرك مسبقاً أنه لا يستطيع السداد، وثم يجيب «النقطة الجوهرية هنا، هو وجود تحالف سياسي وثيق بين دمشق وطهران، وبالتالي تريد الأخيرة إرسال رسائل مفادها أن إيران لن تتخلى عن النظام السوري».
وحسب الباحث، فإن طهران باتت ملزمة على تقديم الدعم لدمشق، وخصوصاً بعد اللامبالاة الروسية، موضحاً: «تريد طهران تأمين النفط والقمح للنظام، مقابل تعزيز نفوذها في سوريا بشكل أكبر». وطبقاً للدبس، فإن من غير المستبعد أن يلمس السوريون بعض التحسن الإيجابي على صعيد الاحتياجات الأساسية، أي توفر المشتقات النفطية والغاز المنزلي، مستدركاً «لكن سعر البيع سيكون طبقاً للتسعيرة العالمية». أما المحلل السياسي فواز المفلح، فيرى في حديثه لـ»القدس العربي»، أنه لا يمكن قراءة افتتاح إيران للخط لائتماني المخصص لدعم النظام السوري بمعزل عن الرسائل والأهداف السياسية.
ويوضح المفلح أن النظام يقول لكل الأطراف العربية المطالبة بتحجيم علاقته مع إيران، مقابل تقديم الدعم له، إن علاقته مع طهران غير قابلة للنقاش. وينطبق الحال ذاته على إيران حسب المفلح، الذي أضاف: «تبدو إيران أكثر جدية في المضي بدعم الأطراف المتحالفة معها، من كل الأطراف الأخرى، دولية أو إقليمية». وكان الأسد، قد أجرى زيارة لطهران في 8 أيار/مايو الحالي، وهي الزيارة الثانية له منذ اندلاع الثورة ضد نظامه في العام 2011، التقى خلالها بالمرشد الايراني علي خامنئي والرئيس الايراني ابراهيم رئيسي.
وبعيد الزيارة، نقلت وكالة «مهر» الإيرانية عن الدبلوماسي السابق هادي أفقهي، قوله إن «زيارة الأسد تمثل شوكة في عيون الذين راهنوا على إيجاد شرخ في العلاقة الاستراتيجية بين البلدين».
لكن، المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب قال إن «رسالة زيارة الأسد إلى طهران هي دخول سوريا إلى مرحلة جديدة، وهي مرحلة إعادة الإعمار، وكان من الطبيعي أن تكون طهران ضمن وجهات زيارات الطرف السوري في هذا السياق، وذلك لتجميع نتائج الاتفاقات بين البلدين».
«القدس العربي»