نشرت صحيفة “أوبزيرفر” تعليقا على نجاح تركيا في تغيير اسمها الرسمي من “تيركي” إلى تركيا الذي يعكس حسب الأتراك ثقافتهم وتراثهم وتاريخهم، بخلاف الاسم الملفوظ بالحروف اللاتينية واللغة الإنجليزية الذي يتداخل أحيانا مع اسم الديك الرومي في حفلات أعياد الميلاد وله ظلال سلبية باللغة الإنجليزية واللغات الأخرى.
وقالت الصحيفة إن تغيير أسماء البلدان والمواقع هي فكرة قديمة، فهل سيؤدي تغيير اسم تركيا إلى إجبار إنكلترا على تغيير اسمها أيضا؟
وبدأت الصحيفة بعبارة لشكسبير: “ماذا في الاسم؟” أمر عظيم تقول، لو كنا نؤمن بما يقوله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. فقد نجح في رحلته التي استمرت عاما لتغيير اسم بلده إلى تركيا الأسبوع الماضي عندما باركت الأمم المتحدة التغيير بشكل رسمي.
وقال أردوغان: “تركيا هي أفضل تمثيل وتعبير عن ثقافة الشعب التركي وحضارته وقيمه”. وربما كان هذا هو الحال، ولكن بطريقته المعروفة التي لم يستشر فيها الشعب التركي في تلك الخطوة، كما لم يستشر الناطقين بالفرنسية والويلشية الذين لديهم طرقهم “التحدث مثل الديك الرومي” (أي الحديث بصراحة). ولأن الفرنسيين يظلون فرنسيين، فسيواصلون لفظ الاسم بـ”تريكوي”.
وتقول الصحيفة إن تغيير الاسم له قاعدة تاريخية معقولة، فالمناطق الحالية التي عاش فيها الأتراك عُرفت على مر القرون بعدة أسماء من آسيا الصغرى إلى الأناضول وتراقيا الشرقية، إلا أنها أصبحت “الجمهورية التركية” بعد الاستقلال عام 1923 وإلغاء مصطفى كمال أتاتورك الخلافة العثمانية والتي تحل المئوية الأولى لها في العام المقبل.
وأوضح أردوغان أنه يريد التخلص من الاسم “المؤنكلز” والمتغرب الذي يتناقض مع العلامة الإسلامية الجديدة والقومية الشعبوية. ففي أنقرة، كما في كل مكان، الهوية مهمة جدا. وأكثر من هذا، فاسم “تيركي” عادة ما يجلب معه صور حفلات عيد الشكر وموائد عيد الميلاد. والأسوأ أن اللفظ في أمريكا يعتبر الشخص الذي يوصف بأنه “تيركي” سخيفا وأحمقا.
وتقول الصحيفة إن تغيير اسم البلد ليس فكرة جديدة، وعادة ما يتأثر بالتحولات في الفضاء السياسي. ففي عام 1707 أدى قانون الوحدة إلى مفهوم جديد وهو “المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى”، أما مقدونيا، الدولة التي كانت جزءا من يوغسلافيا السابقة، فقد غيرت اسمها عام 2019 إلى مقدونيا الشمالية بعد معركة حامية مع اليونان. وما أصبح يطلق عليه الولايات المتحدة، كان يطلق عليها السكان الأصليون بأنها “جزيرة السلاحف”.
وقبل الثورة عام 1776 كانت تمجد اسم “المستعمرات المتحدة”، ويطلق عليها البعض اليوم “الشيطان الأكبر” أو “المستبد العالمي”. أما روسيا فقد كان جزءا من الاتحاد السوفييتي. وبنغلاديش هو الاسم الذي استقر عليه البنغاليون بعدما كان يطلق على بلدهم، باكستان الشرقية وشرقي البنغال. وتحولت مملكة سوازي لاند في جنوب أفريقيا إلى إسواتيني عام 2019 حتى لا يتم خلطها بـ”سويزرلاند” (سويسرا). كما أن الإرث الاستعماري أدى إلى تغيير كامل في الاسم فـ”بوتشاوانالاند” أصبحت بوتسوانا، وروديسا أصبحت زيمبابوي، ونياسالاند أصبحت ملاوي. وبالمثل تحولت سيام إلى تايلاند.
وحتى عام 1972 ظلت الملكة إليزابيث الثانية ملكة سيلان، وعندما أصبحت سريلانكا أطاحت بها عبر اتفاق رضائي. وبالمقارنة، فتغيير اسم بورما إلى ميانمار كان مثيرا للخلاف وفرضه نظام عسكري عام 1989 لا يمثل الشعب. وهناك أسباب تدعو لتغيير الاسم مثل الجغرافيا، كما في ولادة كوريا الشمالية وتيمور الشرقية. وعندما استقلت منطقة جنوب السودان، اختارت الاسم نفسه للدولة الجديدة عام 2011. وبالمثل، فبلاد الرافدين وفلسطين وفارس كانت مهد حضارات وليست دولا، وتسمى فارس الآن إيران. وكذا أعيد تغيير أسماء مدن كبرى في العالم لتعكس الجذور القديمة والواقع المتغير.
فنيويورك كانت تسمى نيو أمستردام، وأطلق عليها لفترة قصيرة اسم نيو أورانج، وهو اسم غريب لما توصف بأنها “بيغ أبل” (التفاحة الكبيرة)، وتحول اسم سانت بطرسبرغ إلى بتروغراد ولينين غراد، قبل أن تستعيد اسمها الأول، وبومبي إلى مومباي، والقسطنطينية إلى اسطنبول، وهو ما يعيدنا إلى تركيا، فهل يجب على المملكة المتحدة اتباع أردوغان؟ ولو انفصلت اسكتلندا عنها فلن تكون موجودة، والطريقة التي يتصرف فيها الجيل الشاب من أبناء العائلة المالكة قد تقود لتحولها إلى جمهورية. ومع تقلص بريطانيا العظمى وذبولها، ربما أصبحت “إنكلترا الصغيرة”، لكن ماذا عن اسم “بريكستانيا”؟
“القدس العربي”