اليوم نجلس انا وانت وهنّ وهم نفكر بتحقيق العدالة لضحايا العنف الممنهج دون طلبها من مسبب هذا العنف ومكرسه، نفكر بعقاب للوحش دون إعادة إنتاج العنف نفسه. المهم أن نقاوم، أن نستيقظ كل يوم وندفع إلى الأمام.
“مشان الله لاء”، “كرامة النبي خلص”، بضع كلمات في 10 ثوان، صراخ لا يقاطعه إلا صوت السوط ودقات قلبك وأنت تشاهد. لن تصمد الّا لثوانٍ، تتمنى فيها أن تسمع كلمة “كات” فيكون المقطع تمثيلاً، أو أن يوقظك أحد من كابوس درامي عن انحدار البشرية، ثم تأخذ ثواني أخرى لتستعيد نَفسك ولون وجهك المخطوف، تلملم قدرتك على الحركة والنطق، ولن تستطيع.
انتشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيه عمّال ومراهقون من الجنسية السورية واللبنانية يتعرضون “للجلد” والتعذيب والإذلال، في فمهم رؤوس بطاطا وهم شبه عراة مكبلي الأيدي، أكل السياط من جسمهم لحماً وبصقه دماً. دقيقة واحدة، ولن تعود كما كنت أبداً، ما إن تستوعب المشهد ستتقيأ غالباً، أو تُشلّ لبضعة دقائق حانقاً مستنكراً. سيمر في بالك أن تساهم في نشر الفيديو كوسيلة ضغط على المعنيين بالتحرك والمحاسبة، ثم ستأخذ نفسًا وتقرأ أن الجهات المعنية قد تكون متورطة في الجريمة، ثم ستقرأ بياناً لقوى “الأمن” يوضح أن خلفية الحادثة هي سرقة 100 مليون ليرة وأن التحقيق سيتخذ مجراه بعد سماع شهادة “المعتدي”. ستجلس بعدها الى جانبي بعدما جلست بدوري الى جانب من سبقني، نفكر ما الذي فعلناه حتى نستحق هذا كله؟