قتل سبعة مدنيين بينهم أربعة أطفال من عائلة واحدة، وأصيب 13 آخرون بجروح، بينهم 8 أطفال، في مجزرة مروعة، أمس الجمعة، نتيجة قصف المقاتلات الحربية الروسية على قريتي الجديدة واليعقوبية اللتين يقطنهما مسيحيون في ريف إدلب، شمالي غربي سوريا.
وقال الناشط الإعلامي محمد الخطيب من ريف إدلب لـ «القدس العربي» إن الطائرات الحربية شنت 4 غارات على مزرعة دواجن تسكنها عائلات نازحة، في بلدة الجديدة شرق جسر الشغور في ريف إدلب الغربي. وأضاف «استيقظ الأهالي في القرية، على مجزرة راح ضحيتها 7 مدنيين بينهم 4 أطفال أخوة، بينما أصيب أبوهم وأمهم، بجروح بليغة».
من جهته، قال الدفاع المدني السوري، إن الطائرات الحربية الروسية ارتكبت «الجمعة 22 تموز، مجزرة بعدما استهدفت مزرعة لتربية الدواجن يقطنها مهجرون ومنازل مدنيين على أطراف قرية الجديدة، في ريف إدلب الغربي» حيث أسعفت فرق الخوذ البيضاء المصابين، وانتشلت القتلى من تحت الأنقاض. وخلّف القصف الروسي، وفق المصدر، 7 قتلى مدنيين، وإصابة 13 آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء، كما خلف عالقين تحت الأنقاض، وذلك وسط تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع والطائرات الحربية الروسية في أجواء المنطقة.
موسكو تحاول إحراج أنقرة ضمن مناطق نفوذها
وذكر مرصد «تعقب حركة الطيران» التابع للمعارضة عبر معرفاته الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي، بأن «طائرة حربية روسية أقلعت الساعة 05.36 بالتوقيت المحلي (2.36 تغ) من مطار حميميم في اللاذقية (غرب)، وقصفت قريتي اليعقوبية والجديدة في ريف إدلب الغربي». من جانبها، أصدرت منظمة «منسقو استجابة سوريا» بياناً صحافياً حول المجزرة والقصف الذي استهدف بلدتي اليعقوبية وجديدة الجسر غربي إدلب.
وذكرت المجموعة في بيانها أن الطائرات الحربية الروسية، استهدفت فجر الجمعة «بلدتي اليعقوبية وجديدة الجسر غربي إدلب بعدة غارات جوية خلفت أكثر من 7 ضحايا من المدنيين جلهم من الأطفال وإصابات اخرى تجاوزت 14 مصاباً». وأدانت المنظمة «الاستهداف المباشر لبلدتي اليعقوبية وجديدة الجسر وباقي المناطق الأخرى» معتبرة أن ذلك من شأنه إفراغ تلك المدن والبلدات من سكانها في خطوة لإحداث تغيير ديموغرافي في المنطقة.
واعتبرت المجموعة أن «غياب الملاحقات القانونية عن الجرائم التي ترتكبها قوات النظام السوري وروسيا بحق المدنيين في محافظة إدلب والانتهاكات المستمرة من قبل ما يسمى «الضامن الروسي» ساعده على ارتكاب المزيد من الانتهاكات وعمليات التصفية الممنهجة بحق السكان المدنيين في محافظة ادلب. وإن لغة الإدانات الروتينية من قبل المنظمات الدولية والحقوقية والمجتمع الدولي لم تعد مجدية في إيقاف الأعمال الإرهابية التي تقوم بها قوات النظام السوري وروسيا، ولا بد من تقديم المسؤولين عن تلك الأعمال الوحشية إلى المحاكمة والمحاسبة القانونية ضمن المحاكم الدولية لجرائم الحرب».
قراءة المشهد
التطورات الميدانية، جاءت بعد يومين من ختام قمة طهران بين الرؤساء التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، والإيراني إبراهيم رئيسي، والتي يبدو أنها لم تنجح أسوة بسابقيها من القمم بحسم الخلافات أو إيجاد تفاهم يرضي جميع الأطراف.
ولقراءة المشهد، وأسباب التصعيد والرسائل المرادة منه، رأى المحلل السياسي د. محمود حمزة من موسكو، أن ما تشهده إدلب هو من نتائج قمة طهران التي «حاولت فيها موسكو ثني تركيا عن الحملة العسكرية المرتقبة، إلا أن الأخيرة مصرة على المضي بهجمتها». وقال لـ «القدس العربي» هذا الخلاف الكبير بين تركيا من جهة وروسيا وإيران من جهة، سوف يتم حسمه على أرض الميدان في الواقع، مشيراً إلى أن الهدف الروسي من وراء هذا التصعيد، توجيه رسالة إلى تركيا مفادها أن «الطيران الروسي نشيط ويقوم بهجمات لتذكير تركيا بالمطالب الروسية». وتوقع المتحدث أن يستمر التصعيد الروسي ضد إدلب ومحيطها، خلال الأيام القادمة، وذلك نتيجة «التصميم التركي على العملية العسكرية والتي قد تبدأ في أي وقت، وهو نوع من الإرباك لتركيا».
وأضاف «تركيا إذا قامت بعملية عسكرية، ستكون محدودة، وحسب مصادر روسية، فإن موسكو ليست ضد الحملة في المطلق بشرط ألا تتجاوز عمق محدد أو مساحات معينة، وبالتالي القصف الروسي سوف يستمر بين فترة وأخرى لتذكير تركيا المصممة على المتابعة».
رد المعارضة
وقرأ الباحث لدى مركز الحوار السوري محمد سالم، التصعيد الروسي، على أنه ترجمة فعلية للاعتراض الروسي والإيراني على الحملة التركية المرتقبة. وقال سالم لـ «القدس العربي» تنوي موسكو إحراج تركيا في مناطق نفوذها، وضرب تعهداتها إزاء الحفاظ على الهدوء وخفض التصعيد في مناطق شمال غرب سوريا، عبر استهداف إدلب، وتكرار المجازر ضد المدنيين بوتيرة عالية، خاصة أن «الضباط الأتراك كانوا قد وجهوا رسائل طمأنة للسكان المحليين في جبل الزاوية تحثهم على العودة لقراهم».
وأثار التصعيد الروسي واستهداف التجمعات السكنية في ريف إدلب، ردود فعل غاضبة حيث كتب رئيس هيئة التفاوض السورية السابق نصر الحريري «سبعة شهداء في جسر الشغور في محافظة إدلب خمسة منهم أطفال والقاتل نفسه روسيا وإيران وحثالة النظام المجرم. نظام الأسد الإرهابي يتلقى قصف الطيران الإسرائيلي وتمسح به وبسيادته المزعومة الأرض من جهة ويحاول إعــطاء بـــراهين علـــى سيادته المهترئة المباعة مستهدفاً أجساد الأطفال من جهة أخرى».
كما اعتبر رئيس الائتلاف الوطني المعارض سالم المسلط، المجزرة الروسية بأنها «عمل إرهابي جديد من قبل الاحتلال الروسي يؤدي إلى مقتل 7 مدنيين أبرياء (منهم 4 أطفال) عبر قصف جوي استهدف منزلاً يؤوي عائلة نازحة في بلدة الجديدة في ريف إدلب. من جديد يؤكد نظام الأسد وحلفاؤه أن منهجهم في سوريا هو القتل والتدمير مع تعطيل كل ما يتصل بالعملية السياسية».
الكاتب السياسي، محمد عطري كتب يقول «إلى أدعياء الإنسانية وحقوق الإنسان في الغرب الذين صدعوا رؤوسنا بشأن أوكرانيا ختمت أفواههم تجاه الجرائم في سوريا أطفال سوريا يمتلكون العيون الزرقاء والشعر الأشقر تماماً كأطفال أوكرانيا لم نسمع صوتكم لإدانة المجازر الجديدة في إدلب والمجرم واحد بوتين». وقالت «دارين العبد الله» إن ما يجري في «جسر الشغور اليوم هو حصاد نتائج قمة طهران» وأضافت أن النتيجة هو «القضاء على الأطفال الخدج والرضع والركع والشيوخ وتدمير البيوت فوق ساكنيها». من جهته، كتب المحلل العسكري أسعد الزعبي يقول «على ضوء التفجيرات الإسرائيلية، حول دمشق …. قام النظام وداعموه من روسيا وإيران بالرد على إدلب وقتل أطفال ونساء وهذا هو الرد الذي يهدد به النظام دوماً».
“القدس العربي”