قبل تسع سنوات اختفى الأب اليسوعي باولو دللوليو في شمال سورية بعد أن كرس أكثر من ثلاثين عاماً من حياته لإرساء الحوار بين مختلف الديانات في سورية وفي الشرق الأوسط بأسره.
إن أسرة الأب دللوليو المنحدرة من روما شأنها شأن كل عائلات الأشخاص المختفين في شمال شرق سورية بين عامي ٢٠١٣ و٢٠١٧ والذين لم يُعثر لهم على أثر لا تزال بانتظار رجوعة.
قبل عدة أيام وجه أفراد عائلة الأب دالوليو رسالة إلى كبار المسؤولين في الدولة الإيطالية لمطالبتهم بإنشاء لجنة برلمانية تعمل على “الوصول إلى الحقيقة”. كان أبونا باولو كما يسميه الكثيرون قد اختفى في الرقة في ٢٩ يوليو تموز لعام ٢٠١٣ وذلك قبل أن تتحول تلك المدينة إلى عاصمة ما يدعى بـ”الدولة الإسلامية” في سورية.
وعلى الفور دار الحديث عن اختطاف الأب باولو من قبل ميليشيات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” وإن لم يتبن التنظيم ذلك.
منذ ذلك التاريخ لم ترد معلومات موثوقة عن مصيره، ولم تظهر دلائل تشير إلى بقائه حياً ضمن التصريحات العديدة الصادرة عن شهود مزعومين ومخبرين ومفاوضين ومنشقين من مختلف الجماعات المسلحة.
من جهتها وعدت الولايات المتحدة الأمريكية في عام ٢٠١٩ بمكافأة مالية قيمتها خمسة ملايين دولار لكل من يقدم معلومات عن الأب اليسوعي الإيطالي.
أماديو ريكوتشي، أحد مراسلي راي، القناة الإيطالية الرسمية للإذاعة والتلفزيون، والذي توفي مؤخراً كان من الصحفيين القلائل الذين حاولوا إلقاء بعض الضوء على هذه القضية في الرقة وغيرها من الأماكن.
وقد وجه ريكوتشي قبل عامين رسالة مفتوحة إلى كبار مسؤولي الدولة الإيطالية طرح فيها أسئلة أساسية ” هل يمكن التأكيد على أن الأب دللوليو قد اختطف من قبل تنظيم داعش فعلاً؟” وأيضاً “إذا كان قد قتل حقاً فهل هناك من يسعى من الحكومة الإيطالية للعثور على جثمانه؟”
أسئلة بقيت من دون جواب أعاد طرحها مؤخراً أفراد عائلة دللوليو في رسالة موجهة إلى رئيس مجلس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي ورئيسي مجلس الشيوخ والبرلمان الإيطاليين، ماريا إليزابيتا كازيلاتي وروبرتو فيكو وإلى وزير الشؤون الخارجية الإيطالية لويجي دي مايو وكذلك إلى رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ ستيفانيا كراكسي وإلى رئيس اللجنة البرلمانية لأمن الجمهورية الإيطالية أدولفو أرسو وذلك للمطالبة بتوضيح رسمي للقضية وبإجراء تحقيقات أصبحت حتمية ولا غنى عنها” وقد وجهت نفس الرسالة للاطلاع إلى رئيس الجمهورية الإيطالية سيرجو ماتاريلا.
وقد ورد في الرسالة: “نعتقد أن إنشاء لجنة برلمانية وبسبب مدلولها السياسي الهام، هو الوسيلة الوحيدة التي من شأنها الوصول إلى الحقيقة”. كان الأب اليسوعي دللوليو قد وصل إلى سورية في الثمانينيات وبقي فيها منذ ذلك التاريخ متنقلاً بين دمشق وآثار دير مار موسى الحبشي.
في التسعينيات وعد بإجراء لقاءات لإرساء الحوار الإسلامي المسيحي بين المسلمين والمسيحيين في سورية لا بل في الشرق الأوسط بأسره.
ومع اندلاع الاحتجاجات الشعبية المناهضة للحكومة السورية في عام ٢٠١١ وما تلاها من عمليات قمع على يد السلطة الحاكمة انتقد الأب باولو الحكومة السورية في موقف دفع ثمنه الطرد من الأراضي السورية في يونيو حزيران لعام ٢٠١٢ وبعد سنة وشهر فقط من ذلك التاريخ اختفت آثاره في الرقة.