ترجمة: علاء الدين أبو زينة
لم تكن فترة ولاية الظواهري في قيادة التنظيم فوضى كاملة. تحت قيادته، قاومت فروع “القاعدة” في شمال أفريقيا والصومال واليمن جاذبية “داعش” وسطوته وظلت موالية للتنظيم، وتشكلت فروع جديدة في جنوب آسيا ومالي، وكانت هذه الفروع الأخيرة نشطة بشكل خاص. ولكن، حتى في الوقت الذي يمكن فيه للظواهري أن يدعي قدرًا من النجاح في الحفاظ على الشبكة متماسكة معاً، فإنه ليس هناك من ينكر أنه أشرف على فترة تجاوز فيها تنظيم منافس تنظيم القاعدة وتفوق عليه، وشهدت فيها قيادته الأساسية قطع رؤوسها. كما أن الظواهري لم يتمكن من تحقيق هدفه الرئيسي: مهاجمة الولايات المتحدة. وكما أظهرت الباحثة نيللي لحود، فإن القيادة المركزية لتنظيم القاعدة لم توجه هجوماً ناجحًا واحداً إلى الولايات المتحدة منذ 11/9، وكان آخر عمل ناجح للإرهاب الدولي قد وقع في العام 2002 في مومباسا، كينيا، في عملية كان قد تم التخطيط لها قبل 11/9.
- * *
كان أيمن الظواهري هو الناجي النهائي من قيادة تنظيم القاعدة -حتى لم يعُد كذلك. على مدى 20 عامًا، انتهى موكب من القادة الجهاديين الآخرين -بمن فيهم أبو مصعب الزرقاوي، وأسامة بن لادن، وأبو بكر البغدادي، وأنور العولقي- إلى نهاية عنيفة على أيدي القوات الأميركية. لكن الظواهري بقي على قيد الحياة، ربما لأنه كان غير مكشوف أمام الاستخبارات الأميركية والطائرات من دون طيار.
ثم، يوم الأحد، 31 تموز (يوليو)، لقي الرجل الذي خلف ابن لادن كأمير لتنظيم القاعدة في العام 2011 أخيرًا مصيره، حيث أصيب بصاروخين من طراز “هيلفاير” بينما كان يقف في شرفة منزل آمن في العاصمة الأفغانية، كابول. ووفقًا للرئيس الأميركي جو بايدن، الذي أعلن عن نجاح الضربة في خطاب متلفز مساء الاثنين، لم تقع إصابات بين المدنيين.
بالنسبة للولايات المتحدة، يضع مقتل الظواهري نهاية لفصل من الحرب التي تقودها على الإرهاب، والتي تهدف إلى تقديم المسؤولين عن هجمات 11/9 إلى العدالة، حتى لو كان دور الظواهري في التخطيط لتلك الهجمات مبالغًا فيه في بعض الأحيان. وتعيد حقيقة أن الظواهري كان موجوداً في كابول -وأن وكالات المخابرات الأميركية تمكنت من استهدافه هناك- إحياء المناقشات الجارية منذ وقت طويل حول قرار سحب القوات الأميركية من أفغانستان وكيفية التعامل مع نظام طالبان. وبالنسبة لتنظيم القاعدة، تشكل وفاة الظواهري تحديًا فوريًا قصير الأجل فيما يتعلق بالخلافة، وتحديا أكثر صعوبة وأطول أجلاً يتمثل في حل مجموعة من التوترات والتناقضات الداخلية التي ظل التنظيم يتغاضى عنها لسنوات.
د. جهاد
ولد الظواهري في العام 1951 خارج القاهرة، وهو ينحدر من عائلة مصرية ثرية ومرموقة. كان والده، محمد، طبيباً جراحًا، وسوف يتبعه الظواهري الشاب في المهنة، ليتخرَّج من جامعة القاهرة بشهادة في الطب في العام 1974. ومع ذلك، كانت مهنتة الحقيقية والتزامه الشخصي هي قضية الجهاد، كما تجسد في اعتناقه فكرة الكفاح المسلح ضد الدولة المصرية، التي اعتقد أن حكامها ارتكبوا الردة بسبب عدم تطبيق الشريعة وإقامة علاقات ودية مع الدول الكافرة، بما في ذلك إسرائيل.
أدت هذه الأيديولوجية إلى اغتيال الرئيس المصري أنور السادات في العام 1981، وهو حدث كان الظواهري متورطاً فيه، ولو أنه لم يلعب دورًا حقيقيًا. وبعد أن أمضى حوالي أربع سنوات في السجن، تعرض خلالها للتعذيب وأُجبر على الإدلاء بشهادته ضد زملائه الجهاديين، ظهر الظواهري في أواخر الثمانينيات كزعيم للجهاد الإسلامي المصري، المعروف أيضًا باسم “جماعة الجهاد”، وهي منظمة مصرية نشطت في المنفى وسعت إلى الإطاحة بالحكومة المصرية. وفي التسعينيات، لجأ الظواهري إلى أفغانستان واقترب من بن لادن، وفي النهاية دمج منظمته بمنظمة الثري السعودي. وحدث الاندماج الرسمي بين المنظمتين في حزيران (يونيو) 2001، قبل وقت قصير من هجمات أيلول (سبتمبر)، وأسفر عن اسم “قاعدة الجهاد”، الذي ما يزال الاسم الرسمي لتنظيم القاعدة.
في أفغانستان، سوف يتخلى الظواهري عن استراتيجيته للجهاد الإقليمي لصالح تفضيل المعركة العالمية التي يخوضها ابن لادن، الذي اعتقد بأن مهاجمة الولايات المتحدة والغرب هي الشرط الأساسي لنجاح الثورة في العالم الإسلامي. فقط من خلال ضرب الولايات المتحدة وطرد قوتها العسكرية والدبلوماسية من المنطقة، كما ذهب خطه في التفكير، سيكون من الممكن تحقيق التغيير المنشود في الداخل. وكان هذا المفهوم هو الأساس الذي قامت عليه هجمات 11 أيلول (سبمتمبر)، وظل يمثل صرخة التحشيد لتنظيم القاعدة، على الرغم من أن الجماعة فشلت في تنفيذ هذه الاستراتيجية بنجاح على مدى السنوات العشرين الماضية، بما في ذلك فترتها تحت قيادة الظواهري.
سيتم تذكر الظواهري بالعديد من الأشياء، بما في ذلك العديد من النصوص الأيديولوجية، والكثير من المجلدات الضخمة في بحث التاريخ والدين. وتشمل هذه المجلدات كتاباً من 500 صفحة بعنوان “فرسان تحت راية النبي”، وكتابًا أحدث مكوناً من 850 صفحة عن النظرية السياسية الإسلامية وتاريخ الجهود التبشيرية الغربية في الشرق الأوسط. كما أنه يترك وراءه مجموعة كبيرة من الخطب والمحاضرات التي تم توثيقها على الفيديو أو الأشرطة الصوتية، والتي يصل مجموعها إلى مئات الساعات، إن لم يكن أكثر. غير أنه لم يكن بليغًا بشكل خاص. في الواقع، كان الظواهري يفتقر بشكل لافت إلى الكاريزما، وربما كان إنتاجه الإعلامي -غير المنقطع، المضجر، والمكرر- قد أوقع من الأضرار بسمعته أكثر مما فعل لتعزيزها.
كان الظواهري غزير الإنتاج للغاية، لدرجة أن المرء يتساءل كيف كان لديه الوقت لإدارة شؤون منظمة إرهابية عالمية -وهي حقيقة تتحدث عن الجانب الأكثر إثارة للجدل في إرثه: صعود تنظيم “الدولة الإسلامية” (المعروف أيضا باسم “داعش”)، الذي أصبح متفوقًا على تنظيم القاعدة نفسه باعتباره المنظمة الجهادية الأكثر تأثيراً في العالم. عندما تولى الظواهري قيادة تنظيم القاعدة بعد مقتل ابن لادن في العام 2011، كان الزعيم بلا منازع للحركة الجهادية العالمية. وبحلول أواخر العام 2014، لم يعد هذا واقع الحال، وحتى اليوم، يحتفظ تنظيم “داعش” بعلامة تجارية جهادية أقوى بكثير -وهي نتيجة ساعد الظواهري نفسه على تحقيقها.
الظواهري وصعود “داعش”
في منتصف العام 2013، انخرط الظواهري في تسوية نزاع بين اثنين من المرؤوسين المتنافسين في العراق وسورية. كان البغدادي قد أعلن عن توسيع فرع تنظيم القاعدة الذي قاده، “دولة العراق الإسلامية”، إلى سورية، وأسس ما أسماه “الدولة الإسلامية في العراق والشام”. غير أن زعيم فرع سوري لتنظيم القاعدة يدعى “جبهة النصرة” رفض هذا التدخل المتصور وناشد الظواهري علنًا التدخل. وفي رسالة حصلت عليها قناة “الجزيرة” ونشرتها في العام 2013، أمر الظواهري البغدادي بالتراجع عن مسعاه، وقصْر أنشطته على العراق. لكن البغدادي قاوم، مدعيًا أن هذا الأمر مخالف للشريعة.
ولم يمض وقت طويل بعد ذلك حتى أعلن تنظيم “الدولة الإسلامية” أن الظواهري وتنظيم القاعدة انحرفا عن المسار الجهادي الحقيقي من خلال التساهل مع الحُكام المسلمين المرتدين ومع الشيعة، الذين اعتبرهم الجهاديون السنة روافض منحرفين. وبعد مرور عام، أعلن تنظيم “داعش” نفسه خلافة متجددة، حيث استولى على مدن كبرى ومساحات شاسعة من الأراضي في العراق وسورية، وأسر انتباه العالم -وخيال المتعاطفين مع الجهاديين في جميع أنحاء العالم الإسلامي، الذين سافر الآلاف منهم إلى المنطقة للانضمام إلى التنظيم.
وبعد ذلك بعامين، غادر الفرع السوري لتنظيم القاعدة، الذي كان الظواهري قد تدخل في السابق لمحاولة إنقاذه، الحظيرة أيضًا في سياق سعيه إلى لعب دور أكبر في التمرد السوري ضد نظام بشار الأسد في دمشق. وفي سعيهم لأن يروق تنظيمهم لجمهور أوسع ويُطمئن الحلفاء الجدد، تخلى قادته عن قسم الولاء الذي كانوا قد تعهدوا به للظواهري، الذي اشتكى بصوت عال وعلني من هذا العمل الخياني. وعلى هذا النحو، فقد تنظيم القاعدة وجوده في قلب العالم العربي. وبذلك، جرى الطعن في سلطة الظواهري وتحديها مرتين، وخسر مرتين. وفي الوقت نفسه، ضاعف من تراجع التنظيم مقتل عدد من كبار شخصياته التي كانت قد لجأت إلى سورية -عن طريق ضربات الطائرات من دون طيار.
بطبيعة الحال، لم يكن كل شيء يسير على ما يرام بالنسبة لتنظيم “داعش” في ذلك الوقت أيضًا. وبحلول العام 2019، فقدت الخلافة السيطرة على آخر معاقلها في العراق وسورية، وفي تشرين الأول (أكتوبر) من ذلك العام، قتلت القوات الأميركية زعيمه، البغدادي. وفي شباط (فبراير) من هذا العام، تمكنت من القضاء على خليفته أيضًا.
ملاذ آمِن؟
في الحقيقة، لم تكن فترة ولاية الظواهري فوضى كاملة. تحت قيادته، قاومت فروع تنظيم القاعدة في شمال أفريقيا والصومال واليمن جاذبية “داعش” وظلت موالية للتنظيم، وتشكلت فروع جديدة في جنوب آسيا ومالي، وكانت هذه الفروع الأخيرة نشطة بشكل خاص. ولكن، حتى في الوقت الذي يمكن فيه للظواهري أن يدعي قدرًا من النجاح في الحفاظ على الشبكة متماسكة معاً، فإنه ليس هناك من ينكر أنه أشرف على فترة تجاوز فيها تنظيم منافس تنظيم القاعدة وتفوق عليه، وشهدت فيها قيادة التنظيم الأساسية قطع رؤوسها. كما أن الظواهري لم يتمكن من تحقيق هدفه الرئيسي: مهاجمة الولايات المتحدة. وكما أظهرت الباحثة نيللي لحود، فإن القيادة المركزية لتنظيم القاعدة لم توجه هجوماً ناجحًا واحداً إلى الولايات المتحدة منذ 11/9، وكان آخر عمل ناجح للإرهاب الدولي نفذه التنظيم قد وقع في العام 2002 في مومباسا، كينيا، في عملية كان قد تم التخطيط لها قبل 11/9.
ومع ذلك، بدا أن عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان في آب (أغسطس) 2021 قد تغير حظوظ تنظيم القاعدة. وقد أشاد تنظيم القاعدة باستعادة حكم طالبان ووصفه بأنه انتصار مهم لقضية الجهاد العالمية، وشعر الكثيرون بالقلق من أن طالبان ستوفر مساحة للـ”قاعدة” مساحة للتماسك وإعادة بناء نفسها. ومن المؤكد أن هذه المخاوف كان لها ما يبررها، على الرغم من أن علاقات الحركة بطالبان تظل معقدة. وكما ذكر البنتاغون مؤخرًا، فإنه “في حين أن لقادة تنظيم القاعدة علاقات طويلة الأمد مع كبار قادة طالبان، فإن الجماعة تحتفظ بقدرات محدودة فيما يتعلق بالتنقل والتدريب داخل أفغانستان، ومن المرجح أن تكون مقيدة بسبب جهود طالبان للحصول على الشرعية الدولية”. ويُحتمل كثيراً أن تنتهي هذه القيود “خلال الأشهر الـ12 إلى الـ24 المقبلة”، وفقًا للبنتاغون، لكنها تعكس حقيقة أنه على الرغم من أن مصالح الجماعتين غالبًا ما تتداخل، إلا أنها ليست متطابقة. فـ”القاعدة” تسعى إلى تدمير النظام الدولي؛ بينما تسعى طالبان إلى الانضمام إليه (حتى لو كان ذلك لتخريبه فحسب). وكان محتوى أحد مقاطع الفيديو الأخيرة للظواهري انتقادًا مبطناً لطالبان لسعيها إلى تمثيل أفغانستان في الأمم المتحدة، وهي منظمة رأى أنها تمثل نظامًا عالميًا كافراً، يجب تدميره وليس الانضمام إليه.
لطالما سرى تيار من انعدام الثقة في علاقة القاعدة بطالبان. وتظهر الوثائق التي تم انتشالها من المجمع في باكستان حيث قتلت القوات الأميركية أسامة بن لادن في العام 2011 أنه كان قلقاً من اتجاهات قيادة طالبان، التي رأى أنها منقسمة بين معسكر من المؤمنين الأتقياء وفصيل منافق يقوم بالعمل نيابة عن المخابرات الباكستانية، والذي ربما كان على استعداد لبيع تنظيم القاعدة. وقد ردد هذا الرأي صدى مخاوف الجهاديين العرب الآخرين: في أواخر التسعينيات، على سبيل المثال، اشتكى الاستراتيجي الجهادي السوري، أبو مصعب السوري، من أن هناك فصيلاً من قيادة طالبان لا يريد أن تكون له أي علاقة بالجهاد العالمي، وكان يسعى إلى إنشاء دولة محافظة في أفغانستان تشبه المملكة العربية السعودية فحسب. ومن جهتها، اتخذت قيادة “داعش” موقفًا أكثر عدوانية، وجادلت بأن الجزء المناهض للجهاديين من طالبان هو الذي يسيطر الآن بقوة على الحركة. ومنذ الإعلان عن وفاة الظواهري، سخر منه أنصار “داعش” على الإنترنت لأنه اعتقد أن طالبان ستحميه، مشيرين إلى أن الجماعة قدمته بدلاً من ذلك على طبق فضي للأميركيين.
لكن هذه الادعاءات مبالغ فيها. ليست طالبان حركة موالية للولايات المتحدة، ولم تكن قيادتها تريد قتل الظواهري. ويقال إن المنزل الذي استُهدف فيه الظواهري كان مملوكًا لأحد كبار مساعدي سراج الدين حقاني، وزير الداخلية في حكومة طالبان. ومن المرجح أن الظواهري كان هناك بناء على دعوة من صاحب المنزل. لكن شخصًا آخر في طالبان، ربما كان مهتمًا بنيل المكافأة البالغة 25 مليون دولار التي قدمتها واشنطن لمن يدل على الظواهري أكثر من اهتمامه بحماية الزعيم الجهادي العجوز. وتثير حقيقة أن الظواهري كان في أفغانستان التي تسيطر عليها طالبان تساؤلات حول تعهدات طالبان بمنع استخدام أراضيها لشن هجمات إرهابية. لكن حقيقة أن القوات الأميركية تمكنت من قتله هناك تلقي بظلال من الشك على فكرة أن أفغانستان يمكن أن تكون منصة لإحياء تنظيم القاعدة -حتى لو سمحت طالبان بمثل ذلك. ومن الواضح أن الولايات المتحدة ما تزال لديها عيون وآذان على الأرض في أفغانستان والكثير من المتعاونين الراغبين -ربما حتى داخل طالبان نفسها.
من التالي؟
سوف يكون التحدي الأكبر الذي يواجه تنظيم القاعدة على المدى القريب هو خلافة الظواهري. ويعتقد معظم المحللين أن الشخص التالي في الصف سيكون المتشدد المصري الشاب سيف العدل، الذي يعيش في إيران منذ فترة وجيزة بعد هجمات 9/11. ويأتي بعده عبد الرحمن المغربي، صهر الظواهري مغربي الجنسية ورئيس العمليات الإعلامية لتنظيم القاعدة، الذي يتخذ من إيران مقرًا له أيضًا. وليست حقيقة أن كليهما يقيم في إيران شيئاً جانبياً. فعلى الرغم من أنهما قد لا يكونان هناك عن رغبة وطيب خاطر، إلا أن وجودهما في ذلك البلد يُعقِّد صعودهما المحتمل إلى القيادة. إن إيران هي، ظاهريًا، عدو لتنظيم القاعدة، الذي ينتقد أتباعه الشيعة الإيرانيين وقوات الأمن في البلاد باعتبارهم “روافض” مرتدين، يعيثون فساداً في الشرق الأوسط، ويذبحون السنة في العراق وسورية واليمن. وسيكون من الصعب على تنظيم القاعدة تقديم زعيمه المقبل على أنه يدير العرض من شبه إقامة جبرية في إيران، الأمر الذي سيكون من شأنه تشجيع الشكوك في أن الجماعة كانت تحت سيطرة طهران.
وإذن، ربما يأتي الزعيم القادم بدلاً من ذلك من أحد الفروع التابعة لتنظيم القاعدة. ووفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن الأمم المتحدة، فإن خط الخلافة يسمّي يزيد مبارك في شمال أفريقيا، وأحمد ديرية في الصومال باعتبارهما التاليين في الخط، بعد الزعيمين المقيمين في إيران. ولكن، في إيران، قد لا يرغب عادل والمغربي، اللذان يعملان لفترة طويلة في الظل، في التخلي عن السلطة للفروع الإقليمية. كما أنه ليس من الواضح ما إذا كان القادة المنتسبون سيكونون مهتمين بارتداء عباءة القيادة، لأنهم لم يُظهروا التزامًا باستراتيجية “العدو البعيد” التي وضعها الظواهري.
وإذن، يبقى ما سيأتي بعد ذلك لتنظيم القاعدة غير واضح إلى حد كبير. من غير المرجح أن تُطوى صفحة الجماعة، لأن علامتها التجارية ما تزال تضفي قدرا كبيرا من الشرعية الجهادية على فروعها الإقليمية، والتي توفر لها هوية وعلمًا يمكن التحشيد حوله. لكن الجماعة لن تكون قادرة بعد الآن على تجاهل المشاكل التي تفاقمت منذ هجمات 11/9: العلاقة غير المريحة مع إيران؛ وعدم الثقة وغياب التوافق مع جزء من طالبان، وغياب استراتيجية مشتركة بين القيادة المركزية والفروع التابعة لها. لم تكن إدارة منظمة عالمية من المتشددين الملتزمين أيديولوجياً مهمة سهلة في أي يوم من الأيام -وعندما يتعلق الأمر بتنظيم القاعدة، أصبح الأمر الآن أكثر صعوبة فحسب.
*كول بونزل Cole Bunzel: زميل في معهد هوفر، جامعة ستانفورد، ومحرر مدونة جهاديكا Jihadica.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Al Qaedas Next Move: What Zawahiri’s Death Means for Global Jihadism