ترجمة: عبد الحميد فحام
تُركّز معظم التغطية الإعلامية الإسرائيلية لسياسة الحرب بين الحروب على الضربات الجوية في سورية، ولا تزال مقيدة بقيود الرقابة. في كثير من الحالات، لا يسمح الرقيب العسكري – وفقاً لإملاءات القادة السياسيين ومجتمع المخابرات – إلا بالاقتباسات من المصادر الأجنبية.
تمتد ساحة المعركة عبر أماكن أخرى في الشرق الأوسط، وبأساليب متنوعة. فإلى جانب الصواريخ والقنابل، تمارس إسرائيل سياسة القوة الناعمة حيث تقوم بحملات التأثير بناءً على التهديدات والإشارات والمقالات في وسائل الإعلام الدولية.
وخير مثال على ذلك هو انخفاض الهجمات الإيرانية على إسرائيل من الأراضي السورية. لقد قاد قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، الجنرال قاسم سليماني، الذي اغتيل على يد الولايات المتحدة في العراق في كانون الثاني/ يناير 2020، عملية ترسيخ الوجود العسكري الإيراني في سورية.
وبحسب مصادر أجنبية، بدأت إسرائيل في اتخاذ إجراءات ضد ذلك أواخر عام 2017 عندما قصفت قاعدة إيرانية كبيرة بالقرب من دمشق. ومنذ ذلك الحين، تركزت العديد من الهجمات في الحرب بين الحروب على أهداف مرتبطة مباشرة بالحرس الثوري، وليس فقط على محاولات تعطيل تهريب الأسلحة الإيرانية عبر سورية إلى حزب الله في لبنان.
كان سليماني يأمل في إقامة وجود إيراني كبير ومستقل في سورية يعتمد على الآلاف من القوات المقاتلة. ما تبقى اليوم هو بضع مئات من المستشارين الإيرانيين بقدرة محدودة على إحداث الضرر.
هذا ليس انتصاراً إسرائيلياً ساحقاً – فلا تزال إيران تمارس نفوذاً في سورية، وقد أدّى تهريب الأسلحة إلى تحسين ترسانة حزب الله في لبنان، بما في ذلك الصواريخ الدقيقة. لكن الإيرانيين بعيدون عن تحقيق هدفهم الأصلي.
وخلف الكواليس، شاركت إسرائيل أيضاً في الأحداث التي أدّت إلى إقالة جواد الغفاري، قائد فيلق القدس في سورية، الذي كان يُعتبر الذراع اليمنى لسليماني. غفاري، الذي تخرج مثل معلمه من الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات، نشط في سورية منذ عام 2012، الأمر الذي أثار قلق وكالات الاستخبارات الغربية.
اكتشفت المخابرات العسكرية الإسرائيلية أنه نشط في مجالين يمكن أن يسببا إزعاجاً لمضيفته (سورية). استغلال غفاري تصاريح العبور في جميع أنحاء سورية لتهريب البضائع وبيعها في السوق السوداء، وجني الأرباح وزعزعة استقرار الاقتصاد السوري. كما وسّع نطاق عمل القواعد والميليشيات الشيعية بما يتجاوز ما تم الاتفاق عليه مع رئيس النظام السوري بشار الأسد.
إلى جانب تسريب هذه المعلومات، قصفت إسرائيل مواقع القيادة الإيرانية – التي كان وجودها أو حجم نشاطها على ما يبدو معروفاً قليلاً للسوريين.
كما قامت إسرائيل في وقت لاحق بمهاجمة خلايا مرتبطة بإيران وحزب الله بالقرب من مرتفعات الجولان السورية، وكشفت مرة أخرى النشاط الإيراني السرّي المتواجد في المنطقة هناك.
وبعد عام، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، طرد قائد الحرس الثوري إسماعيل قاني الغفاري. وكما هو معروف، فقد تم ذلك بناء على طلب الأسد.
في مجموعها، قامت إسرائيل بتكتيكات خشنة تارة وناعمة تارة أخرى لإحداث أكبر حجم ضرر ممكن لحليفة النظام السوري الأكبر ضرراً للدولة العبرية.
“نداء بوست”