ترجمة: عبد الحميد فحام
بقلم: شوشانا براين
إذا راقبت الحدث الذي جرى في فيينا، فلا بد أنك شاهدت الولايات المتحدة وإيران هائمتين على وجهيهما بين صدّ وردّ في جولة أخرى حول برنامج إيران النووي. لكن العمل الحقيقي كان في سورية ولبنان.
قد يخطر ببالك أن إدارة بايدن بدأت تأخذ على محمل الجد مخاوف إسرائيل بشأن إيران نووية. فوفقاً لمراسل موقع “والا”، باراك رافيد، كان لدى مستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيال هولاتا ثلاثة مخاوف أساسية عندما جاء إلى واشنطن الأسبوع الماضي: أولاً، أن توافق الولايات المتحدة على مطلب إيران بإغلاق تحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في نشاط إيران النووي غير المعلن.
ثانياً، أن تخفف الولايات المتحدة القيود المفروضة على المعاملات التجارية مع الشركات الإيرانية المرتبطة بالحرس الثوري الإسلامي. وثالثاً، أن توافق الولايات المتحدة على مطلب إيران بفترة سماح مدتها 2.5 عام تعفيها من أي عقوبات جديدة.
وقد أفاد رافيد، “بعد زيارة هولاتا للولايات المتحدة، أن المسؤولين الإسرائيليين مطمئنون بأن الولايات المتحدة لا تخطط لمنح إيران المزيد من التنازلات ذات المغزى”.
لذا، فالنتيجة الطبيعة تقول إن المنطقة بخير، أليس كذلك؟
ولكن الإجابة الصحيحة هي: لا ليست بخير بشكل قطعي.
لقد ضربت الميليشيات التي ترعاها إيران موقعاً أمريكياً في سورية الأسبوع الماضي، وهناك بعض الأدلة على أن الصواريخ جاءت من الأراضي العراقية. وقامت القوات الأمريكية بالردّ فدمّرت ثلاث سيارات وبعض المُعدّات. وقال المسؤولون إنهم يعتزمون “إرسال رسالة إلى طهران”، على الرغم من أنه يبدو أنهم أحجموا عن إصابة أهداف معينة “بدافع الحذر الشديد من أجل تجنب وقوع إصابات”، وفقاً لـ بوليتيكو.
لماذا ستضرب إيران وأتباعها القوات الأمريكية أثناء المحادثات الجارية؟
جزئياً تقوم بذلك لتوضيح أن لديها طرقاً للضغط على الولايات المتحدة، لكن الإجابة قد تكمن أيضاً داخل العراق، حيث يعاني العراق من أزمة عسكرية سياسية. ففي انتخابات تشرين الأول /أكتوبر 2021، انتخب الشعب العراقي أحزاباً شيعية مناهضة لإيران وفقد الشيعة الموالون لإيران السيطرة على البرلمان. رفضت الحكومة العراقية المنتهية ولايتها ترك منصبها. وقد حشدت الأحزاب المعادية لإيران، بما في ذلك حزب مقتدى الصدر (الذي هو أيضاً معادٍ لإيران ومعادٍ للولايات المتحدة)، أنصارها خارج البرلمان، مطالبين بتولي الحكومة الجديدة مهامها. ولكن إيران ترفض ذلك رغم أنها لم تتمكن من تحريك الصدر والآخرين.
بينما تقوم إيران بتداول الهجمات على القوات الأمريكية باعتبارها نتيجة إيجابية، فإن الانتقام الأمريكي داخل العراق – أو الانتقام الذي قتل قوات الميليشيات – سيظهر أن إيران تعمل داخل العراق، وهو ما لن يؤدي إلّا إلى تأجيج العراقيين.
حافظت إدارة بايدن على تنفيذ ضرباتها، حتى الآن على الأقل، داخل سورية مع عدد قليل من الضحايا بين قوات الميليشيات.
في هذه الأثناء، في لبنان، كان المبعوث الأمريكي يعمل على بندين متصلين: كيفية إدخال الغاز الطبيعي إلى لبنان وكيفية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل. لماذا ا؟ الجواب الإنساني هو أن لبنان مجتمع منهار – إنه مفلس، وأهله جائعون، ولا صادرات له، ولا كهرباء عندهم.
لكن الجواب الحقيقي هو أن حكومة بيروت المفلسة، التي يسيطر عليها حزب الله (التي تسيطر عليه إيران نفسها)، ليس لديها ما تقدمه كـ “رشوة” للشعب للبقاء تحت سيطرتها.
على المدى القصير، هدف مبعوث الطاقة الأمريكي عاموس هوشستين هو نقل الغاز الطبيعي المصري إلى لبنان. ولكن لا يمكن تشغيل خطوط انابيب وحزب الله يرفض وصول الغاز الطبيعي الإسرائيلي عبر البحر. لكن هذا لن يوقف هوشستين الذي قال: “من أجل الحصول على الغاز، عليك أن تعبُر من مكان ما. على مصر أن تجد مكاناً لتمرير الأنابيب. ربما لا تكون إسرائيل المكان المناسب ليأتي الغاز، وبالتالي إرسال الغاز من الأردن عن طريق سورية هي الطريقة الوحيدة “. لذلك، سيتم استخدام مصر والأردن – خصوم إيران – لمساعدة سورية، التي ستأخذ نصيبها من الغاز، ووكلاء إيران في لبنان.
بالإضافة إلى ذلك، إذا تمكن لبنان من استخراج الغاز من حقول الغاز في البحر الأبيض المتوسط - في موقع متنازع عليه حالياً بين إسرائيل ولبنان – فربما يمكن، التخفيف من حدة الأزمة الأكبر. ويمكن لحزب الله / إيران أن يحافظ على قبضته الحديدية على شعب لبنان.
لذا فإن الولايات المتحدة تساعد إيران في السيطرة على بيروت من خلال تسهيل صادرات الطاقة.
“نداء بوست”