جرّم “مجلس الإفتاء الأعلى” التابع لهيئة تحرير الشام انتقال الأفراد من مناطق سيطرة الفصائل المعارضة إلى مناطق النظام السوري من أجل إجراء عملية التسوية الأمنية (المصالحة)، وطالب بملاحقة المروّجين والدُعاة إليها. فيما تجاهل المجلس نيّة تحرير الشام صراحةً افتتاح معبر سراقب في ريف إدلب الجنوبي الشرقي للتبادل التجاري مع النظام، ولمّح إلى مشروعيته.
وطالب المجلس في بيان، ب”عدم التجاوب مع دعوات المصالحة أو الالتفات إليها”، واصفاً تلك الدعوات ب”المجرمة والخائنة والوقحة والكاذبة”، مضيفاً أنها بمثابة “الاستسلام وقبول للعبودية تحت حكم نظام السفاح بشار الأسد”. وأشار إلى أن تسميتها بالمصالحات هو بهدف اللعب على المصطلحات فقط.
وقال المجلس إن إجراء التسويات “مُحرّم حُرمة مؤكدة”، وكذلك بالنسبة للعودة إلى مناطق سيطرته من المناطق المحررة من أجل القيام بها، معتبراً أنها “موبقة عظيمة وكبيرة مُهلكة من كبائر الذنوب لما يترتب عليها من مفاسد شرعية بحق الجهاد والثورة والمسلمين”، إضافة إلى كونها “تحقق مصالح النظام على حساب المسلمين”.
وعبّر عن مخاوفه بأن لا يقتصر الأمر عند عقد التسوية، ويتطور إلى إجبار النظام لهؤلاء على الانخراط في صفوف جيشه وشبيحته وبالتالي “الانضمام إلى طائفته والقتال معه ضد المسلمين ما يعني خسارة واضحة لدينهم”.
وطالب المجلس بملاحقة المروّجين والدعاة إلى هذه المصالحة لأنهم من “الساعين إلى الفساد في الأرض والمحاربين لله ورسوله”، مشدّداً على ضرورة محاكمتهم ومعاقبتهم بما يردعهم وأمثالهم عن مجرد التفكير في مثل هذه الشانعات.
ويأتي تحريم المجلس للمصالحة بعد موجة عودة عكسية للمدنيين في مناطق سيطرة تحرير الشام إلى مدنهم وبلداتهم التي أصبحت تحت سيطرة النظام بعد الحملة العسكرية في 2019، عبر معابر التهريب المنتشرة على خطوط التماس بينهما.
وزادت وتيرة العودة مع افتتاح النظام مركز التسوية الأمنية الخاص بأبناء محافظة إدلب في مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي. إلا أنها عادت للانخفاض مجدداً بعد تسجيل حالات اعتقال بالجملة بحق بعض هؤلاء من قبل الأجهزة الأمنية داخل المركز، عدا عن منعهم من العودة إلى مدنهم الخاضعة لسيطرته، مُخالفاً الوعود التي أطلقها مسؤولوه خلال افتتاح المركز لجذبهم.
ولمّح البيان إلى مشروعية فتح معبر ترنبة- سراقب مع النظام السوري. وقال إن “الأصل في الهدنة مع العدو هي تحقيق مصالح راجحة ودفع مفاسد راجحة”. وبذلك تطابق فتوى “المجلس الأعلى” المبررات التي ساقها إعلام تحرير الشام لإضفاء الشرعية على خطوتها في فتح المعبر بشكل كامل لأغراض تجارية مع النظام.
وكانت تحرير الشام قد دفعت قبل أيام بأليات وجرافات عملت على إزالة السواتر الترابية من محور بلدة سرمين الواقعة على محيط معبر سراقب، إضافة إلى تفكيك شبكات الألغام المتواجدة هناك تمهيداً لفتحه بشكل كامل. ورجّح بعض المحللين أن يكون افتتاحه إحدى نتائج التقارب بين الحكومة التركية والنظام السوري بتنسيق روسي.
وقالت تحرير الشام عبر إعلامها الرسمي إن فتح المعبر من “صالح المناطق المحررة” وذلك عبر تصدير الفائض من الإنتاج الزراعي إلى النظام السوري، إضافة إلى “تحريك الاقتصاد وتوفير فرص عمل للأهالي”، عدا عن توفير بعض المواد أبرزها الأدوية من مناطق النظام.
“المدن”