على وقع استمرار الضربات الجوية ومدفعية القوات التركية على مواقع الوحدات الكردية في شمالي سوريا، هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتنفيذ عملية برية جديدة شمالي سوريا “قريباً إن شاء الله”، وذلك عقب أيام من عملية جوية واسعة نفذها الجيش التركي واستهدف عددًا كبيرًا من المواقع في سوريا والعراق، مخلفة عشرات القتلى في صفوف الوحدات الكردية، بالتزامن مع مواقف لافتة من واشنطن وموسكو بأن تركيا تواجه تهديدات إرهابية، ودعوات باريس وبرلين لأنقرة إلى “ضبط النفس”.
كما كان لافتاً نقلاً عن مصادر تركية وسورية معارضة “أن الطائرات الحربية التركية استخدمت المجال الجوي الروسي – الأمريكي لأول مرة خلال تنفيذ عملية المخلب ـ السيف” ضد القوات الكردية في العراق وسوريا. وقال اردوغان “منذ أيام نلاحق الإرهابيين بطائراتنا ومدافعنا وفي أقرب وقت سنقتلع جذور الإرهابيين بدعم جنودنا ودباباتنا أيضاً”، كما هدد بالقول: “سنقتلع جذورهم جميعاً بأقرب وقت إن شاء الله… رداً على الهجوم الإرهابي الذي نفذوه في إسطنبول”.
وفي تطور آخر أمس، استهدفت مسيّرة تركية قاعدة مشتركة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) وأدى ذلك لمقتل اثنين من عناصرها، وفق ما أفاد متحدث باسم تلك القوات والمرصد السوري لحقوق الإنسان، فيما أعلنت القوات الأمريكية أنها “كانت بمنأى عن الخطر”.
وعقب أيام من التكهنات حول الطريقة التي نفذت بها الطائرات التركية ضرباتها الجوية الواسعة في سوريا، قالت مصادر تركية ومن المعارضة السورية إن الطائرات الحربية التركية استخدمت المجال الجوي الذي تسيطر عليه روسيا والولايات المتحدة لأول مرة خلال تنفيذ عملية “المخلب – السيف”، حيث يعتبر دخول الطائرات الحربية التركية في عمق الأراضي السورية حدثاً استثنائياً، كون ذلك يتطلب تنسيقاً متقدماً مع الولايات المتحدة وروسيا اللتين تنشران أنظمة دفاعية في المنطقة.
كما يؤشر ذلك إلى موقف تركي حازم بالضغط على روسيا وأمريكا لقبول تحركاتها في شمالي سوريا جواً أو التنسيق والموافقة على التحركات، وفي كلتا الحالتين فإن ذلك يعزز إمكانية بدء تركيا عملية عسكرية أوسع ببعد بري كما توعد أردوغان، حيث كان العائق على الدوام هو تأمين الغطاء الجوي للقوات البرية وتجنب الصدام مع موسكو وواشنطن اللتين أصدرتا بيانات لافتة عبرتا فيها عن “تفهمهما” للاحتياجات الأمنية التركية رغم المطالبات لأنقرة بـ”ضبط النفس”.
وكان لافتاً أمس موقف أمريكا، حيث قال البيت الأبيض إن تركيا تواجه تهديداً إرهابياً على حدودها الجنوبية و” من حقها الدفاع عن نفسها”، بحسب وكالة الأناضول نقلاً عن تصريح منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، للصحافيين، بأن “تركيا لها كل الحق في الدفاع عن نفسها ومواطنيها”.
وأضاف أن لدى الولايات المتحدة مخاوف بشأن العمليات عبر الحدود، والتي قال إنها ستؤثر على قتال تنظيم “الدولة” (داعش). وتابع كيربي أن العمليات “قد تجبر بعض شركائنا في قوات سوريا الديمقراطية على رد فعل من شأنه أن يقيد قدرتهم على مواصلة القتال ضد داعش”.
ويتسق الموقف الأمريكي مع ما قاله الكرملين الروسي من أنه يتفهم ما يسميها بالمخاوف الأمنية “المشروعة” لتركيا بشأن سوريا. وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين: “نتفهم ونحترم مخاوف تركيا بشأن ضمان أمنها. نؤمن بأن هذا حق مشروع لتركيا، وفي الوقت نفسه، ندعو جميع الأطراف إلى عدم الإقدام على خطوات قد تؤدي إلى زعزعة استقرار الوضع العام”.
“القدس العربي”