على خلفية الانتفاضة الشعبية التي شهدتها محافظة السويداء جنوب سوريا، واقتحام المتظاهرين الغاضبين مبنى المحافظة وإحراقه وتمزيق صور بشار الأسد، والمطالبة بإسقاط نظامه، استدعى النظام السوري محافظ السويداء بسام باسيك، إلى دمشق، وكلّفت نائبه وائل جربوع في إدارة شؤون المحافظة إلى أجل غير مسمى، بينما طردت مجموعة من أهالي بلدة الثعلة في ريف السويداء الغربي، الثلاثاء، وفداً عسكرياً روسياً، بعد انتشار جنوده المدججين بالسلاح في البلدة.
وقال المسؤول الإعلامي لدى شبكة أخبار “السويداء 24″، ريان معروف، في اتصال مع “القدس العربي” إن “التخبط سيد الموقف بعد الأحداث الأخيرة، فقد تم استدعاء المحافظ وهو متواجد في مقر الحكومة في دمشق، منذ يوم الاثنين”. وصرح نائب محافظ السويداء، وائل جربوع، أن “الأضرار التي لحقت بالمحافظة ومحتوياتها كبيرة جدًا”، مشيراً إلى أن تكلفة إعادة تأهيلها وترميمها تحتاج إلى مبالغ باهظة. وأضاف: لن يكون ذلك على حساب أي من الموازنات المخصصة للقضايا الخدمية، لذلك سيتم تأخير أعمال الترميم ريثما تتوفر الاعتمادات اللازمة لذلك.
وأعلنت محافظة السويداء عبر معرفاتها الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي، استمرارها في تقديم خدماتها “وفق الإمكانات المتاحة، رغم ما لحق بالمبنى من أضرار ناجمة عن “الأعمال التخريبية”. وذكر نائب المحافظ، أنه سيتم الاستمرار بمتابعة العمل في المحافظة على وضعها الراهن، مع الاستعداد لتسيير أمور المواطنين، معتبراً أن ما حصل “لن يثني العاملين في المحافظة عن أداء واجبهم تجاه المواطنين والانطلاق بالعمل من جديد”.
في غضون ذلك، طردت مجموعة من أهالي بلدة الثعلة في ريف السويداء الغربي، الثلاثاء، وفدًا عسكريًا روسيًا، بعد انتشار جنوده في البلدة بمظهر مستفز. وقال معروف إن “عربتين عسكريتين تابعتين للقوات الروسية دخلتا إلى بلدة الثعلة في ريف السويداء، قادمتين من درعا، ترافقهما دورية للمخابرات العسكرية السورية. وتوقف الوفد عند مبنى بلدية الثعلة، إذ انتشر الجنود الروس في محيط المبنى بأسلحتهم”.
وأضاف أن مجموعة من أهالي البلدة تجمعوا في محيط مبنى البلدية، وانهالوا بالصراخ على الجنود الروس، ووصفوهم بالمحتلين، كما طلبوا منهم مغادرة البلدة على الفور، وهذا ما حصل فعلاً، إذ انسحب الوفد من البلدة دون تطور الموقف. من جانبه، قال رئيس بلدية الثعلة، إن الوفد جاء للاستفسار عن الأحداث الاخيرة التي شهدتها السويداء. وذكر أحد أهالي البلدة الذين طردوا الوفد، أن انتشار المجندين الروس بأسلحتهم في شوارع البلدة، كان مثيراً للاستفزاز. وأضاف المصدر “أنا أؤمن بأنهم محتلون ولا وجود لهم في بلدنا وشوارعنا بأسلحتهم وبهذه العنجهية”.
ولا توجد مقرات رسمية للقوات الروسية في السويداء، لكنها عادة ما ترسل وفوداً عسكرية من دمشق ودرعا، إلى محافظة السويداء، للاستفسار عن الأوضاع عند حصول تطورات أحياناً كما حصل يوم الأحد الماضي، كما تتردد القوات الروسية لتوزيع مساعدات إغاثية في بعض الأحيان، كان آخرها الشهر الماضي في قريتي وقم، وجرين، غربي السويداء. ومنذ شهرين تسيّر القوات الروسية دوريات مراقبة أسبوعية على الحدود السورية – الأردنية، وتتجول في القرى الحدودية، والمناطق التي تشهد عمليات تهريب مخدرات من سوريا إلى الأردن.
يشار إلى أنها ليست المرة الأولى التي يطرد الأهالي فيها وفوداً روسية، فسبق أن سجلت المحافظة حوادث مماثلة في بلدة المزرعة ومدينة شهبا وقرية الجنينة، طرد فيها بعض الأهالي الدوريات الروسية. في ظلّ اعتبار الكثيرين الوجود الروسي، كما باقي القوى الأجنبية على الأراضي السورية، احتلالاً عسكرياً.
بموازاة ذلك، بث موقع “تلفزيون سوريا” المعارض شريطاً مصوراً يوثق لقطات صادمة لاستهداف قوات النظام متظاهري السويداء بالرصاص الحي، يوم الأحد، ما أدى إلى مقتل شخص ووقوع إصابات عدة. ويظهر في الفيديو أشخاص وهم يهربون للاحتماء من وابل الرصاص الذي أطلقته أجهزة النظام الأمنية، في حين ظهر آخرون وهم يحاولون جرَّ مَن أصيبوا بإطلاق النار لإسعافهم. وتعليقاً على الفيديو، قال الصحافي نورس عزيز: “هذا الفيديو يدحض كلَّ كذب النظام بخصوص الاحتجاجات ويبين تماماً أن المحتجين هم مدنيون وقام بإطلاق النار عليهم بشكل عشوائي”.
وكانت وزارة الداخلية في حكومة النظام السوري أصدرت بياناً، الأحد، وصفت فيه المتظاهرين في السويداء بـ “الخارجين عن القانون”، واتهمت بعضهم بحمل الأسلحة وإطلاق النيران. وتطوّرت الاحتجاجات إلى إقدام مئات المتظاهرين على اقتحام مبنى السرايا الحكومي وسط مدينة السويداء، بعد إطلاق عناصر أجهزة النظام الرصاص الحي على المحتجين، ما أدّى إلى مقتل شاب وإصابة 18 آخرين بجروح، وفقاً لشبكة “السويداء 24”. وخلال الأيام الماضية، انتشرت دعوات للتظاهر وقطع الطرقات في مدينة السويداء، في ظل احتقان شعبي غير مسبوق نتيجة استمرار تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية، التي تشهدها عموم مناطق سيطرة النظام السوري.
“القدس العربي”