أصدر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية الأربعاء، تعليمات إدارية جديدة بخصوص تدفق المساعدات الإنسانية الداعمة للاحتياجات الأساسية، وجعلت هذه التعليمات الحسابات أكثر تعقيداً على الشركات الأجنبية والعربية التي تعمل في المجالات الإنسانية في مناطق سيطرة النظام بالشراكة مع جهات محلية، وتحديداً في المشاريع الإنسانية الأممية التي تشارك الولايات المتحدة في تمويلها.
وقالت مصادر أميركية ل”المدن” أن تعليمات وزارة الخزانة الجديدة تغلق ثغرة كانت الشركات تستغلها للالتفاف على العقوبات الأميركية المفروضة على النظام السوري، من خلال إغلاق المجال أمام التعاون مع الشركات المدرجة على لوائح العقوبات الأميركية، بغض النظر عن حجم المشاركة المالية.
ويوضح المعارض السوري المقيم في الولايات المتحدة أيمن عبد النور أنه رغم أن التعليمات الإدارية الجديدة لا تشمل سوريا فقط، وإنما تشمل كل قضايا المساعدات التي تشارك في تمويلها جهات أميركية حول العالم، إلا أننا أمام صفعة قوية للنظام ومنظومته الاقتصادية.
ويقول ل”المدن” أنه في السابق، كانت الشركات الأجنبية تستغل ثغرة حجم المساهمة للتعاون مع شركاء سوريين محليين مدرجة أسماؤهم على لائحة العقوبات، بحيث تستطيع الشركات الأجنبية أن تتعامل معهم شريطة أن تكون حصتها أقل من النصف.
ووفق عبد النور، فإن التعليمات الجديدة تُعرّض أي شركة أجنبية تتعامل مع الجهات السورية المعاقبة للمساءلة دون النظر إلى نسبة المشاركة في المشروع، ما يجعل من مخاوف الشركات الأجنبية وتحديداً العُمانية والإماراتية التي تساهم في تنفيذ مشاريع إنسانية في مناطق سيطرة النظام كبيرة، ما قد يدفعها إلى التوقف عن العمل خشية العقوبات.
وبذلك، يرجح المعارض السوري أن تُحجم الشركات العربية عن الدخول في أي مشروع إنساني في سوريا،يجري تنفيذه بالتعاون مع رجال الأعمال التابعين للنظام السوري، وكذلك مع المؤسسات الخيرية التابعة للنظام، مثل منظمة “الأمانة السورية للتنمية” التابعة لأسماء الأخرس، زوجة بشار الأسد.
وبطبيعة الحال، يحدّ الإجراء الأميركي الأخير من قدرة النظام السوري على التحكم بالمساعدات الإنسانية التي تصل إلى مناطقه، وتقلل من استفادته المالية منها، وتوزيعها على عناصر جيشه والميليشيات التابعة له.
وإلى جانب المساعدات الإنسانية، يؤكد الدبلوماسي السوري السابق في الولايات المتحدة بسام بربندي، أن مفاعيل التعليمات الإدارية الأميركية الجديدة، ستطال مشروع نقل الغاز المصري إلى لبنان عبر خط الغاز الذي يمر بالأردن وسوريا.
ويوضح ل”المدن” أن المشروع يتم بالتعاون مع وزارة النفط والثروة المعدنية التابعة للنظام السوري، المدرجة على لائحة العقوبات الأميركية، وهذا يعني أن التعامل معها سيعرض الشركات المصرية واللبنانية والأردنية للعقوبات، مهما كانت حصة الوزارة السورية.
وكان مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية قد كشف في شباط/فبراير 2022، عن تلاعب النظام السوري بالمساعدات الإنسانية في سوريا بشكل متكرر من خلال منعها عن معارضيه ومنحها لآخرين، مبيناً أن نظام الأسد يتمتع بسلطة قوية على وصول منظمات الإغاثة، بما في ذلك من خلال الموافقات على تأشيرات الدخول، لدرجة أنه أصبح من الطبيعي بالنسبة لأقارب كبار مسؤولي النظام الحصول على وظائف داخل هيئات الأمم المتحدة.
ويقول التقرير إن ماهر شقيق بشار الأسد، ورجل الأعمال محمد حمشو، فازا بعقود مشتريات أممية لنزع المعادن في المناطق التي استعادها النظام وإعادة تدويرها للبيع في شركة حديد للصناعات المعدنية المملوكة لرجل الأعمال الذي سبق له أن شغل عضوية مجلس الشعب، وتضيف مؤلفة التقرير، ناتاشا هول: “لا توجد مواقف كثيرة في التاريخ لشخص يرتكب جرائم فظيعة ويبقى في السلطة ويسيطر على جهاز المساعدة، إنها حلقة فاسدة للغاية يتم إنشاؤها”.
“المدن”