بنيامين نتنياهو الديماغوجي تجاوز ديفيد بن غوريون في سنوات الجلوس على كرسي رئيس الوزراء. بن غوريون أسس إسرائيل وخاض حروبها، وتجنب أي تفاوض على السلام مع العرب، لأن الثمن كبير، وقال: “الهدنة تكفينا” كما يروي أبا إيبان.
نتنياهو ورث دولة قوية احتلت كل فلسطين والجولان السوري وسيناء المصرية والجنوب اللبناني، قبل أن تعقد معاهدات سلام مع مصر والأردن، واتفاق أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية، فلم يخض حرباً، ولا أقام سلاماً مع سوريا، ولا ترك أوسلو الذي رفضه يكمل طريقه، ولا دور له في ما صنعه ترمب من “اتفاقات أبراهام”. سياسته الدائمة هي اللا فعل أو تأخير ما لا بد منه إلى أطول ما يمكن ضمن صيانة “الستاتيكو” لمصلحة إسرائيل.
وليس من المفاجآت أن تكون حكومته الجديدة أكثر الحكومات تطرفاً في تاريخ إسرائيل. فالمسار الحتمي لنظام عنصري أقام دولته على أرض شعب آخر وحسابه هو التدرج من “الاعتدال” الشكلي الكاذب إلى التطرف، ثم التطرف الشديد، وصولاً إلى أعلى مراحل التطرف. وسيناريو “النموذج الأوروبي” في الشرق انتهى إلى كيان “شرقي” تتحكم به قبائل تعيد انتخاب رئيس حكومة خاضع للمحاكمة في قضايا رشوة وإساءة أمانة وفساد.
يوم إعلان قيام إسرائيل عام 1948 كان عدد السكان 806 آلاف نسمة، ضمنهم 154 ألف فلسطيني عربي. اليوم وصل عدد السكان، بحسب دائرة الإحصاء المركزية إلى 9,593 مليون نسمة، بينهم 19 في المئة من الفلسطينيين. كان عدد الحريديم صغيراً، فصار اليوم 10 في المئة من السكان، وسيصبح ثلث السكان عام 2065، بحسب شمويل روزنز في “جويش جورنال”، كان الحكم لما يسمى الوسط في حزب “ماباي”، واليسار المعتدل في حزب “مابام”. ولم يصل الليكود إلى السلطة حتى عام 1977. كان الحاخام كهاناً منبوذاً. اليوم يشكل تلامذته في حزب “القوة اليهودية”، وحزب “اليهودية الدينية” عماد حكومة نتنياهو. فمن أجل إيتمار بن غفير وبسلئيل سموترتيش والمحكوم أرييه درعي زعيم حزب “شاش”، جرى سن أربعة قوانين تلعب بالنظام. وما كان يسمى التوازن بين الطابع اليهودي والطابع الديمقراطي للدولة بدأ ينتهي لمصلحة الطابع اليهودي فقط. ألم يقل نتنياهو إن إسرائيل “ليست دولة لجميع مواطنيها، بل دولة الأمة اليهودية فقط؟”.
“اندبندنت عربية”