توجت المفاوضات العسيرة بين فصائل مسلحة في السويداء جنوب سوريا، وأجهزة النظام الأمنية، أمس الأحد، بإطلاق سراح سبعة معتقلين من قرية خازمة، بعد مضي نحو سبعة شهور على اعتقالهم، في حزيران/يونيو الماضي، وذلك خلال مواجهات بين المخابرات العسكرية، وفصيل قوة مكافحة الإرهاب، التابع لحزب اللواء السوري.
وقالت حركة رجال الكرامة، في بيان الأحد، إن الأجهزة الأمنية أطلقت سراح سبعة من معتقلي الهجوم على قرية خازمة، بينما توفي المعتقل الثامن. وأضاف البيان “بعد تكليف ذوي المعتقلين للحركة تم بعون الله اليوم الأحد الواقع 29/1/2023 الإفراج عن سبعة معتقلين والتحضير لاستلام جثمان المعتقل الثامن فيما بعد”.
وأشارت الحركة إلى أن “الوضع الاقتصادي المزري الذي نعيشه دفع بعض أصحاب الغايات الدنيئة لاستغلالهم مادياً وها هم اليوم بين أهاليهم في مضافة قائد حركة رجال الكرامة الشيخ أبو حسن يحيى الحجار في قرية شنيرة”. وأكدت شبكة “السويداء 24” في تقرير يوم أول أمس، دخول الحركة في مفاوضات مع السلطات الأمنية، للمطالبة بالإفراج عن معتقلي الهجوم على قرية خازمة، الذين كانوا ينتمون لفصيل قوة مكافحة الإرهاب، أو ما يعرف بحزب اللواء السوري.
وأشارت الشبكة، إلى أن المعتقل الثامن الذي تم الإعلان عن وفاته، هو رائد فواز الحمد، بينما تشير صور المعتقلين السبعة المفرج عنهم، الى أنهم كانوا يعانون من ظروف قاسية خلال فترة اعتقالهم. وكانت عائلات المعتقلين قد أعلنت قبل نحو أسبوعين التبرؤ من حزب اللواء السوري، وقالت إن أبناءهم التحقوا به بسبب الظروف المعيشية القاسية، معتبرين أنه تخلّى عنهم بعد اعتقالهم، بعدما أوهمهم بشعارات براقة. وتبع ذلك، توجه أهالي المعتقلين إلى مضافة قائد حركة رجال الكرامة، الشيخ أبو حسن يحيى الحجار، مطالبين بتدخل الحركة لإطلاق سراح أبنائهم، بعد مضي أكثر من سبعة شهور على اعتقالهم، وعدم إحالتهم للقضاء، أو شملهم بمرسوم العفو الأخير. وتعود الحادثة إلى شهر حزيران الماضي، عندما هاجمت المخابرات العسكرية، فصيل قوة مكافحة الإرهاب، التابع لحزب اللواء السوري، في قرية خازمة جنوب السويداء. وقُتل في الهجوم قائد القوة، سامر الحكيم، وسلّم بقية أفراد المجموعة أنفسهم للأجهزة الأمنية.
وحسب شبكة “السويداء 24” فإن أهالي المعتقلين كانوا قد “طرقوا أبواباً كثيرة من مرجعيات وفصائل مسلحة، دون أي نتيجة إيجابية. وقد أجمع الأهالي على بيان أعلنوا فيه التبرؤ من حزب اللواء السوري، الذي قالوا إنه تخلّى عن أبنائهم، بعدما غرر بهم برواتب شهرية، مستغلاً الظروف المعيشية القاسية”.
في غضون ذلك، دعا أمير دار عرى – التي تمثل زعامة اجتماعية تقليدية في محافظة السويداء – لؤي الأطرش، لاجتماع يضم وجهاء وأهالي المحافظة ضمن مساع حثيثة لتشكيل تكتل لجميع الفصائل والفعاليات المحلية، يقود المرحلة المقبلة. كما سيبحث الاجتماع الأزمات التي يواجهها الأهالي والتي وصفها الأطرش بأنها باتت “جحيما متعدد الأوجه” معلنا وقوفه ضد العصابات ومن يدعمها، وضد الفاسدين بأي مكان في المحافظة، وضد أشكال الظلم.
وقال في منشور عبر صفحته على موقع فيسبوك، قبل أيام، إن الاجتماع تحت عنوان “تجمع جبل العرب” بهدف النهوض “من واقعنا المر، ونعيد للسويداء بهاءها وتألقها”.
وكتب الأطرش: “لقد فاض صبرنا ونحن ننتظر الحلول لما نمر به من مشاكل طوال هذه السنوات، حتى مل الصبر منا، وباتت حياة سكان الجبل جحيماً متعدد الأوجه من فقر وعوز وعصابات السطو المسلح والإجرام، والتخوين، وتخلي الدولة عن مسؤولياتها في تقديم الحلول للخروج من هذا المستنقع، ولجوء الجميع إلى حلول العسكرة والسلاح، وعدم الاستماع لصوت العقل والحكمة بشكل متعمد”. وأضاف على الرغم من كل المحاولات التي يقوم بها الشرفاء للإصلاح ومحاولة النهوض من جديد، إلا أن العوائق كثيرة والانقسامات باتت داخل البيت الواحد. وأكد رفضه بشكل قاطع كل أشكال الفوضى والفساد والعنف والتحريض والتخوين “الذي يعكس عقلية من لا يستطيع تقديم شيء”.
وقال إن دار عرى التي تعتبر بيتاً لكل أهالي الجبل “تعلن من هذه اللحظة وقوفها ضد العصابات ومن يدعمها، وضد الفاسدين بأي مكان في المحافظة، وضد أشكال الظلم والتخريب”. مضيفاً “نمد يدنا لكل الشرفاء الباحثين عن العدل والأمان، والطامحين للعيش في وطن يستوعب الجميع، ويؤمن لهم مقومات الحياة الحرة الكريمة دون منية من أحد”.
ودعا “الشباب الذين اتبعوا دروب الخطأ لفرصة حياة جديدة، والعودة للرشد، فهم أبناؤنا ودمنا”، وأكمل “كما ندعو كل المواطنين ليكونوا معنا في اجتماع يحدد لاحقاً تحت عنوان واحد جامع هو (تجمع جبل العرب) كي ننهض من واقعنا المر، ونعيد للسويداء بهاءها وتألقها”. وتأييداً للأطرش، توافدت مجموعات وفصائل أهلية إلى دار عرى في السويداء الغربي، للتعبير عن دعمها للبيان الذي استنكر تدهور الأوضاع بصورة عامة في المحافظة.
ونقلت مصادر محلية عن مصدر مقرب من الأطرش، قوله: إن الفعاليات التي توافدت إلى دار عرى، الجمعة، عبّرت عن تأييدها للبيان الأخير، بينما ستشهد الأيام المقبلة توافد فعاليات أخرى. مضيفاً: لم يجر أي نقاش اليوم، إذ لا يزال التحضير قائمًا لاجتماع مرتقب في الأيام القادمة، تحت عنوان “تجمع جبل العرب”.
ولا تُعدّ هذه المحاولة الأولى من نوعها لأمير دار عرى لؤي الأطرش، والتي تهدف إلى جمع الفصائل والفعاليات المحلية المناصرة له، والبحث عن صيغة يشكّل فيها تكتلاً، يأخذ دوراً أكثر فعالية في محافظة السويداء، فقد شهدت الدار اجتماعات عديدة مماثلة خلال السنوات الماضية.
“القدس العربي”