نشرت مجلة “ذي أتلانتك” مقالا لكيم غطاس قالت فيه إن سوريا تواجه دمارا متراكما، أولا الحرب الأهلية والآن الكارثة الطبيعية، التي ضربت شمال- غرب البلاد وهي بحاجة للمساعدات الدولية، مع أن من الصعب إيصالها. وقالت إن العالم التفت إلى سوريا بعد واحدة من أكبر الهزات الأرضية في القرن الحادي والعشرين، وهو البلد الذي دمرته 12 سنة من الحرب الأهلية والمقسم بين الحكومة والميليشيات المسلحة والقوى الأجنبية وهو بلد يعيش فيه ملايين من النازحين.
والصورة الأكثر دمارا التي خرجت من الكارثة جاءت من تركيا حيث ضربت هزة بدرجة 7.8 على مقياس ريختر وسجل أكثر من 6.000 قتيل. وبالنسبة لسوريا فالضحايا الذين سجل عددهم هو 1.900 والعدد مرشح للارتفاع. لكن ألم الحياة في مناطق المعارضة وبخاصة منطقة إدلب لا يحتمل. فقد جاءت الهزات الأرضية بعد سنوات من القصف الروسي وقصف الحكومة السورية. ويعيش في شمال- غرب سوريا حوالي 3 ملايين من المهجرين من مدنهم وقراهم، وهم معزولون عن المجتمع الدولي وفي ظل وضع دمرت فيه البنى التحتية، بما فيها المستشفيات، الهدف المفضل للروس والحكومة، وجعلت الهزات الأرضية حياة السوريين لا تحتمل.
وتذكر كارثة الإثنين بحاجة سوريا الماسة للمساعدات الدولية، رغم أن من الصعب إيصالها. فرغم تدفق العون إلى تركيا إلا أن الظروف الطبيعية واللوجيستية والسياسية تضيف لمصاعب سوريا وبخاصة المناطق المحتاجة جدا في شمال- غرب البلاد، وهي صعبة في ظل النزاع المستمر والعقوبات الدولية المفروضة على نظام بشار الأسد. وتقول الكاتبة إن الحكومة السورية وروسيا تحاولان تسييس المساعدات للكارثة من خلال الدعوة لرفع العقوبات ومن المحتمل استخدام الفرصة لاستعادة السيطرة على شمال- غرب البلاد. ويجب على الولايات المتحدة التحرك بسرعة ومن طرف واحد وأن تقدم الدعم الإنساني في وقت تمنع فيه التحرك الدبلوماسي والعسكري السوري والروسي.
وقبل الهزة الأرضية، سيطرت روسيا والحكومة السورية على الدعم الإنساني العابر للحدود من تركيا. وأكدت الحكومة السورية على ضرورة مرور الدعم المخصص لمناطق المعارضة من دمشق أولا. وفي الوقت نفسه استخدمت روسيا دائما الفيتو ضد جهود الأمم المتحدة لزيادة المساعدات الإنسانية إلى سوريا وبخاصة مناطق المعارضة عبر معبر باب الهوا على الحدود التركية- السورية. وتعرض الطريق إلى المعبر للدمار بسبب الهزة وما هو متوفر من المساعدات الإنسانية يحتاج إلى ثلاثة أو خمسة أيام.
وتلقت دمشق بعضا من الدعم للكارثة من الجزائر وإيران والعراق والإمارات العربية المتحدة وكذا من الأمم المتحدة، ولكن لا أحد سارع لدعم لسكان شمال- غرب سوريا، نظرا للتحديات السياسية والعقبات التي تقف أمام الوصول إلى هناك. وفي الوقت الذي ناشد فيه سفير سوريا بالأمم المتحدة الدول لتقديم الدعم إلا أنه اشترط مروره عبر دمشق، مما يعني أن حياة الذين فروا من النظام إلى مناطق المعارضة ستكون مرة أخرى في يد الأسد.
وعلى منصات التواصل المؤيدة للنظام دعوات تطالب بعدم تقديم الدعم لمناطق المعارضة. وفي ظل الدمار الواسع، يجب على المجتمع الدولي التفكير بالسماح لكل قنوات الدعم إلى سوريا بما في ذلك عبر الحكومة السورية، ولكن بشرط التزام الأخيرة بإيصال المساعدات والسماح بمرورها إلى مناطق المعارضة. إلا أن نظام الأسد لن يقاوم رغبة زيادة معاناة السكان في مناطق المعارضة، ومن الخطأ، في الوقت نفسه تصوير وصول الدعم إلى دمشق على أنه دعم لحكومة الأسد.
وأشارت الكاتبة لإمكانية قيام الأمريكيين باستخدام معبر آخر وبالتنسيق مع الأتراك لإيصال العون لمناطق شمال- غرب البلاد. ولأن الجيش الأمريكي موجود في بعض المناطق من هذا الجزء السوري، فيمكنه استخدام الطيران لإنزال المساعدات الإنسانية، مع أنه ليس خيارا جيدا بسبب سوء الأحوال الجوية. ويمكن للجيش استخدام قاعدته في شمال- شرق سوريا وتحويلها إلى مركز للمساعدات ونقلها للمناطق المتضررة بالتنسيق مع الأتراك والأكراد في سوريا. وفي العام الماضي قام الأردن والإمارات العربية المتحدة بخطوات تقارب مع الأسد الذي زار أبو ظبي إلا أن الولايات المتحدة حذرت من هذه المحاولات.
وتعهدت إدارة بايدن بدعم الطرفين في سوريا، وقال بايدن إن شركاء الولايات المتحدة هناك يردون على الكارثة. وهي تصريحات عكستها وزارة الخارجية ووكالة المساعدات الإنسانية. وقالت مديرة الوكالة سامنثا باور في تغريدة على تويتر إنها تحدثت مع رائد صالح رئيس جماعة الخوذ البيضاء. ولدى منظمة الدفاع المدني خبرة في الإنقاذ ونشرت المتطوعين للمساعدة في إخراج الضحايا من تحت الأنقاض لكنها تعاني من نقص المعدات والوقود.
وتمثل المساعدات اللوجيستية كابوسا، لكن على الولايات المتحدة وشركائها النظر في طرق لتخفيف معاناة السكان في شمال- غرب سوريا ثم التفكير بخطوات إبداعية لمساعدة سوريا دون تحليل الأسد من مسؤولية جرائمه. ولو كان هناك درس من الهزات الأرضية الأخيرة غير ضرورة التحضير في منطقة تقع على خطوط صدع فهو أن الجروح العميقة لا يمكن علاجها بالكي ثم تجاهلها كما فعلت واشنطن مع سوريا، فقد تم التخلي عن السوريين وتجاهلهم لوقت طويل.
“القدس العربي”