المشهد السوري المأساوي، لخصه مسؤول في منظمة الصحة العالمية الجمعة بأن «الزلزال المدمر أعاد إلى الواجهة الأزمة المنسية في سوريا» مؤكداً جهوزية منظمته لإرسال كميات كبيرة من الإمدادات التي عرقلتها «قيود لوجستية».
وأودى الزلزال المدمر الذي وقع الاثنين بأكثر من 22 ألفاً و700 شخص، بينهم أكثر من 3300 في سوريا.
وقال مايك راين للصحافيين في المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي «العالم نسي سوريا (…) بصراحة، أعاد الزلزال تسليط الضوء» على سوريا. وأضاف «لكن الملايين في سوريا يعانون منذ سنوات في ظل ما باتت أزمة منسية». وعادة ما تنقل الأمم المتحدة المساعدات الإنسانية المخصصة لشمال غرب سوريا عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، أو من داخل سوريا، من مناطق سيطرة الحكومة.
وفي السياق وتزامناً، وجه مدير الدفاع المدني السوري مجموعة من الرسائل لكل من المنكوبين في سوريا، والمجتمع الدولي معتبراً أن الأمم المتحدة مكلفة بالاعتذار للسوريين بسبب تقصيرها في إنقاذ الضحايا، معبراً عن أسفه «لكل من لم نستطع الوصول إلى أهله وذويه على قيد الحياة».
يذكر أنه لم يتم إرسال أي مساعدات من داخل سوريا إلى شمال غرب البلاد منذ نحو ثلاثة أسابيع. ويثير تأخر وصول المساعدات الى هذه المنطقة غضب منظمات محلية وسكان ومسعفين. ودخلت أول قافلة مساعدات للأمم المتحدة الخميس إلى شمال غربي البلاد مؤلفة من ست شاحنات فقط، تلتها قافلة ثانية الجمعة مؤلفة من 14 شاحنة. وضمت القافلتان معدات إنسانية وخيماً وبطانيات، إلا أنها خلت من مواد غذائية وأخرى ضرورية لعمليات البحث والإنقاذ. وأوضح راين أن «العديد من المنظمات ومن بينها نحن، قامت بتخزين المساعدات لأننا في فصل الشتاء».
ومنذ الاثنين، تنهمك فرق الإغاثة بالبحث عن ناجين تحت الأنقاض في ظل نقص في الإمكانات، فيما تتضاءل تدريجياً إمكانية العثور على أحياء.
كارثة إنسانية أخرى
وحذر راين من أن سوريا تواجه الآن «كارثة اخرى» تتمثل في فقدان الأرواح بسبب نقص المعدات الطبية اللازمة. وأضاف «علينا أن ندرك أن حجم هذه الكارثة كبير للغاية وأنها تفوق قدرة الجميع». وتابع «في حال لم تتوافر المعدات، لا يمكنهم القيام بعملهم. الأمر أشبه بمطالبة رجل اطفاء بالذهاب لمواجهة حريق من دون خرطوم».
مسؤول في منظمة الصحة العالمية: «العالم نسي سوريا»
ويقطن في المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق في محافظة إدلب وريف حلب الشمالي المجاور أكثر من أربعة ملايين شخص، جزء كبير منهم من النازحين. وانتقدت منظمة الخوذ البيضاء، الدفاع المدني في المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق، المساعدات الضئيلة التي ترسلها الأمم المتحدة والتي لا تشمل معدات لفرق البحث والإنقاذ.
3300 وفاة
وبعد أكثر من 100 ساعة على الكارثة الإنسانية، دخلت طلائع قوافل الإغاثة الطارئة إلى المنطقة المنكوبة شمال غربي سوريا، بينما ارتفعت حصيلة الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا وامتد إلى محافظات إدلب وحلب وحماة واللاذقية وطرطوس شمال غربي سوريا، إلى نحو 3300 وفاة وأكثر من 13000 ألف مصاب في عموم سوريا، حتى مساء الجمعة، وفق إحصائيات رسمية من جانب وزارة الصحة لدى النظام، والدفاع المدني في مناطق المعارضة السورية. ولأول مرة، اعتبر النظام السوري، محافظة إدلب الخارجة عن سيطرته، منطقة منكوبة، معلناً عن جلسة طارئة لمجلس الوزراء سمح فيها لمنظمة الصليب الأحمر الدولي دخول هذه المنطقة، لإغاثة المنكوبين بعد خمسة أيام على وقوع الكارثة، وذلك في أعقاب تصريحات أدلى بها الناطق الرسمي باسم الصليب الأحمر الدولي عدنان حزام، الخميس، لـ «القدس العربي» والتي أكد فيها أن المساعدات الدولية المقدمة من الاتحاد الأوروبي وزعت على ثلاث محافظات فقط هي حمص وحلب واللاذقية، وهي مناطق تقع تحت سيطرة النظام السوري.
وقالت وكالة النظام الرسمية سانا، الجمعة، إن مجلس الوزراء عقد جلسة استثنائية قرر خلالها اعتبار المناطق المتضررة في محافظات حلب واللاذقية وحماة وإدلب نتيجة الزلزال الذي أصابها مناطق منكوبة. وأعلنت مديرية صحة إدلب، أن عدد الضحايا في المنطقة المنكوبة شمال غربي البلاد بلغ 1885 وفاة، و10900.
نقص المعدات «قاتل»
وقال الصالح في مؤتمر صحافي عقده في سرمدا في ريف إدلب، الجمعة، «كنا نقاتل العجز ونحارب الزمن للوصول إليهم أحياء، لقد كان نقص المعدات ذات الفعالية سبباً كبيراً في هذا العجز ولكننا نقسم لكم أننا عملنا وبذلنا قصارى جهدنا». وأضاف: أن عملياتنا باتت تتخذ مسار البحث والانتشال، إن فرص العالقين تحت الأنقاض بالبقاء على قيد الحياة نادرة جداً بعد مرور 108 ساعات».
حصيلة ضحايا الزلزال حتى أمس في سوريا: 3300 قتيل و13 ألف جريح
ووجه الصالح الشكر لكل الدول التي ساهمت في تقديم المساعدة للسورين «الدنمارك، ألمانيا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، فرنسا، وقطر» ولكل من مصر وتونس والجزائر والسعودية والعراق وكل البلدان التي وقفت إلى جانب السوريين.
مدير «الصحة العالمية»
وأضاف: إن أنين الضحايا العالقين تحت الأنقاض سيبقى في مسامعنا ما حيينا، لقد كان الضحايا يتلون وصيتهم لنا ويرسلون مشاعر الفقد إلى ذويهم وهم تحت الأنقاض قبل وفاتهم، إن هذه الرسائل والكلمات ستبقى أمانة في أعناقنا. من جهتها، قالت المنظمة الدولية للهجرة، الجمعة إن 14 شاحنة تحمل مساعدات إنسانية عبرت الحدود من تركيا إلى شمال غربي سوريا.
وأكدت مصادر محلية، في إدلب وصول قافلة مساعدات أممية تضم 14 شاحنة إلى الجانب السوري. وقال المتحدث باسم المنظمة الدولية بول ديلون إن الشاحنات تحمل «أجهزة تدفئة كهربائية وخياما وبطانيات وأغراضا أخرى لمساعدة المشردين من جراء هذا الزلزال الكارثي».ويعتزم المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم جيبريسوس، زيارة مدينة حلب السورية، الجمعة، في أعقاب الزلازل التي وقعت هذا الأسبوع، طبقاً لرئيس مكتبه في جنيف. وتسيطر حكومة الرئيس السوري، بشار الأسد على مدينة حلب، التي تقع شمال غربي البلاد.
ولم تكشف المنظمة النقاب عما إذا كان تيدروس سيزور أيضاً مناطق تسيطر عليها المعارضة، حول مدينة إدلب. خاصة بعد انتقاد منظمة «الخوذ البيضاء» للإغاثة، التي تنشط في المنطقة، التي تسيطر عليها المعارضة، نقص معونات الأمم المتحدة، في أعقاب الزلازل.
وذكرت المنظمة أن طائرة شحن، محملة بإمدادات طبية، وصلت إلى دمشق، وتم نقل الإمدادات إلى المنطقة المتضررة من الزلزال، في شمال غربي البلاد. وتضررت منطقتان تسيطر عليها الحكومة وأخرى تسيطر عليها المعارضة، بسبب الزلزال. وذكرت المنظمة أن من المقرر أن تقلع طائرتا شحن أخريين، محملتين بمواد إغاثة، بحلول بعد غد الأحد، على متنهما إمدادات كافية لـ400 ألف شخص.
“القدس العربي”