تحت سقف قماشي عازل مركون على جدار بيته في أحد شوارع مدينة كيليس القديمة، يعيش اللاجئ السوري أبو عيسى منذ ضرب الزلزال المدمر جنوب تركيا والشمال السوري. يقول الرجل الخمسيني لـ”القدس العربي” إن منزله المتهالك آيل للسقوط في أي لحظة، ومركز إدارة الكوارث “آفاد” التركية منعه من دخوله بعد معاينتها الأضرار.
ولا يستطيع أبو عيسى الذي لجأ من حلب إلى تركيا في العام 2014 الانتقال إلى مراكز الإيواء بسبب وضعه الصحي، كما يوضح: “أعاني من داء السكري المزمن، ولا أستطيع الجلوس في مكان بعيد عن دورات المياه”. وأثناء حديثنا مع أبو عيسى كانت زوجته تبحث عن منزل للإيجار، “لا توجد منازل أبداً، وإن وجدت فإن إيجاراتها تكون مرتفعة، وأوضاعي المعيشية صعبة للغاية”.
وكانت الحكومة التركية قد خصصت أرقام هواتف في الولايات المنكوبة، للحصول على خيمة، لكن أبو عيسى لم يستطع تأمين الخيمة للآن، يقول: “اتصلنا على الرقم عشرات المرات، دون رد، حتى الخيمة صارت حلماً”.
وفي بلدة آقتبة التابعة لولاية “هاتاي” التركية، يقيم اللاجئ السوري أبو محمود وعائلته في بيت بلاستيكي مخصص للزراعة، منذ يوم الزلزال. يقول لـ”القدس العربي”: “لم نجد مكاناً آمناً، بعد انهيار المنزل سوى في هذا المكان”، يضيف: “المشكلة هنا أن رائحة السماد الطبيعي (روث الحيوانات) مزعجة للغاية، فالبيت مخصص للزراعة، ومالكه التركي من أصحاب الخير، ومنذ الزلزال زود المنزل بالمدافئ”.
وينتظر أبو محمود المتحدر من ريف حلب والذي يعمل في ورشة للإنشاءات ما ستقدمه السلطات التركية للمتضررين من الزلزال، ويقول: “يُقال إن السلطات ستخصص المساكن مسبقة الصنع (الكرفانات) لأصحاب المنازل المدمرة، لكن متى؟”. وحسب “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” توفي 3841 لاجئاً سورياً في تركيا حتى الآن، ولفتت إلى تحديات وصعوبات واجهت عمليات توثيق الضحايا، الذين ماتوا بسبب الزلازل وبسبب تأخر المساعدات الإنسانية الأممية والدولية.
وتواجه الحكومة التركية صعوبات كبيرة في عمليات الإيواء وتأمين المساكن للمتضررين من الزلزال المدمر، حيث خصصت الملاعب والمساكن للإيواء، وأطلقت منظمة “ihh” الخيرية التركية حملة تبرع لبناء مساكن مسبقة الصنع للمتضررين من الزلزال. وحسب نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي، يقيم نحو مليون و50 ألف مواطن من متضرري الزلازل في مراكز إيواء مؤقتة أُنشئت في المناطق المنكوبة، مضيفاً “نستضيف حالياً نحو مليون و50 ألف مواطن من متضرري الزلزال في مراكز إيواء مؤقتة”.
والخميس، أعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية “أفاد” ارتفاع حصيلة أعداد قتلى الزلازل التي ضربت جنوب شرقي البلاد إلى 36 ألفاً و187، وأشارت في بيان إلى إجلاء 216 ألفاً و347 شخصاً من المناطق المتضررة من الزلزال. ولفتت إلى وقوع 4,323 هزة ارتدادية عقب الزلازل التي ضربت ولاية قهرمان مرعش يوم 6 شباط /فبراير الجاري، وأضافت أن عدد المصابين جراء الزلازل بلغ 108 آلاف و68، وأفادت بأن 29 ألفاً و944 عامل إنقاذ يعملون في المناطق المنكوبة بمن فيهم الفرق الدولية.
واعتبرت منظمة “الصحة العالمية”، أن الزلزال الذي ضرب تركيا والشمال السوري على أنه “أكبر كارثة طبيعية خلال قرن” تضرب بلداً واقعا ضمن المنطقة الأوروبية، وقال مدير الفرع الأوروبي لمنظمة الصحة، هانس كلوغه، بمؤتمر صحافي عبر الإنترنت: “نحن شهود على أكبر كارثة طبيعية في منطقة الفرع الأوروبي من المنظمة خلال قرن وما زلنا نقيم حجمها”. وتابع بأن “التكلفة الحقيقية لم تُحدّد بعد وسيستغرق التعافي منها والشفاء منها وقتًا وجهدًا هائلَين”، وقال إن نحو 26 مليون شخص “يحتاجون إلى مساعدة إنسانية” في تركيا وسوريا.
“القدس العربي”