لاقت زيارة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، إلى دمشق موجة انتقادات لاذعة، من قبل ناشطين ومنظمات وجهات كثيرة، على خلفية لقائه برئيس النظام السوري بشار الأسد، ووزراء ومسؤولين في حكومته.
وقالت وكالة أنباء النظام السورية، “سانا”، إن بشار الأسد استقبل غراندي المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الذي أكد “على ضرورة النظر إلى آثار الزلزال والحرب على سوريا برؤية واحدة شاملة، إذ إن ما خلفته الحرب جعل مواجهة تداعيات الزلزال أكثر صعوبة”.
وبحث رأس النظام السوري وغراندي “الاستمرار في الإجراءات الضرورية لعودة اللاجئين السوريين إلى مدنهم ومناطقهم” كما أكّد غراندي أنّ المفوضية ستكثف أعمالها وجهودها في سوريا لدعم الاستجابة الإنسانية التي تقوم بها الدولة السورية في مواجهة كارثة الزلزال وما خلفته من أضرار بشرية ومادية كبيرة.
مشيرا إلى أنّه لمس خلال زيارته إلى محافظتي اللاذقية وحماة الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة السورية ومنظمات المجتمع الأهلي في مساعدة وإغاثة المتضررين من الزلزال. وتجول المفوض السامي لشؤون اللاجئين في محافظتي اللاذقية وحماة، المتضررتين من كارثة الزلزال، وأكد على أن المفوضية “ستكثف أعمالها وجهودها في سوريا، لدعم الاستجابة الإنسانية التي يقوم بها النظام السوري في مواجهة كارثة الزلزال، وما خلفته من أضرار بشرية ومادية كبيرة”.
وتحت عنوان “هيا بنا نتعايش” كتب الناشط السوري عمر القصير: لا تختلف مفوضية اللاجئين عن أية مؤسسة أممية تأكد السوريون منذ سنوات أنها موجودة لزيادة معاناتهم لا مساعدتهم، ليست استثناء لا هي ولا رئيسها الذي دائماً ما يتحفنا بتصريحات وتغريدات مضحكة عن ضرورة تمكين السوريين من العودة إلى بلادهم (كيف لا أحد يعلم).
«يجب عودة اللاجئين»
العام الماضي قال غراندي، الذي تجول في جبلة أمس، إن المفوضية تعمل مع الحكومة السورية على إزالة العوائق الجدّية التي تمنع اللاجئين السوريين من العودة إلى بلادهم، زاعماً أن “معظم الناس يريدون العودة” !.. وقبلها بعام شكر تركيا إزاء شراكتها القوية مع المفوضية واستضافتها اللاجئين السوريين، متناسياً أن تركيا لا تعتبرهم لاجئين أساساً وفق تعريف مفوضيته، ولم يسبق له أن أشار للكوارث التي ترتكب بحقهم هناك، ابتداء بالعنصرية وانتهاء بالترحيل القسري، وهو الذي ينتقد هكذا أمور عندما يتحدث عن بلدان أخرى.
وأضاف: في تصريح سابق أيضاً، طالب غراندي المجتمع الدولي بالتعايش مع طالبان لصالح الشعب الأفغاني، ويبدو أن لقاءه اليوم ببشار الأسد لا يختلف كثيراً عن ذاك التصريح.. هيا بنا نتعايش مع بشار الأسد لصالح الشعب السوري الذي حوله بشار الأسد ذاته لأكبر مجموعة لاجئين في العالم.
واعتبر القصير أن “زيارة الإيطالي فيليبو غراندي، المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، إلى سوريا، ليست الأولى من نوعها، ولكنه يلتقي بشار الأسد للمرة الأولى -إن لم تخني الذاكرة- بعد أن كانت لقاءاته في سوريا محصورة بالوزراء أو المسؤولين المحليين.
وسبق لغراندي، دارس التاريخ والفلسفة، أن زار سوريا أكثر من مرة منذ العام 2016 (العام الذي شهد استلامه لمنصبه)، والتقى في تلك الزيارات وليد المعلم وفيصل المقداد وحسين مخلوف ومحافظ حلب، ورغم أنه ينشر صوراً لجميع النشاطات التي يقوم بها وجميع المسؤولين الذين يلتقي بهم عندما يتعلق الأمر بسوريا (مسؤولين ورؤساء وغيرهم في تركيا ولبنان والأردن وإيران والعالم) إلا أنه لم يسبق له أن نشر صورة تجمعه بمسؤول سوري، هل لأنه يعلم شناعة وعدم فائدة هذه اللقاءات بل والأذى والضرر الذي تتسبب به للسوريين المنكوبين أو المهجرين الذين سيشاهدونه وهو يتضاحك مع من هجرهم؟ لا أعلم ولكن أتمنى أن يكون الأمر كذلك.
المحامي والناشط في حقوق الإنسان زيد العظم علق باقتضاب: السيد فيليبو غراندي، هل تعلم بأن النظام الذي تصافح يد رئيسه تسبب في نزوح ولجوء الملايين من السوريين؟ مشهد صاعق!
عصابات الأسد
وعلق المعارض السوري ومدير موقع “كلنا شركاء” أيمن عبد النور يقول: السوريون يتداولون هذا باستهزاء: فيليبو غراندي المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التقى بشار الاسد وشكره لأنه بسبب تهجيره السوريين ولّد آلاف فرص العمل لمؤسسته وراتباً مرتفعاً له؟!
بينما اعتبر الناشط السوري أحمد الزاهر المنظمات الدولية مجرد أدوات لتحقيق المصالح، وكتب معقباً: المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة هي أدوات لتحقيق مصالح الدول العظمى.
وأضاف: فيليبو غراندي المفوض السامي للأمم المتحدة يلتقي بشار الأسد لبحث سبل التعاون فيما بينهم لعودة اللاجئين، كم ثمن الجهود التي تبذلها عصابات آل الأسد المجرمة وحلفاؤها في سبيل تحقيق ذلك.
وقالت منظمة “مواطنون من أجل أمريكا آمنة”، إن اجتماع مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، “المسؤول عن تهجير ملايين السوريين، مقلق للغاية، ويسلط الضوء على نهج الأمم المتحدة المقلق باستمرار في سوريا”.
وأضافت المنظمة الأمريكية – السورية عبر “تويتر”: “من خلال الانخراط مع هذا النظام الوحشي، تضفي الأمم المتحدة الشرعية عليه بشكل فعال، وترسل رسالة مفادها أنه سيتم التسامح مع مثل هذا السلوك”.
وشارك مدير الحملات في منظمة “العفو الدولية” كريستيان بنديكت، صورة من لقاء الأسد وغراندي، وقال متسائلاً: “كيف يشعر ملايين النازحين السوريين الذين هجّرهم نظام الأسد حيال تلك الابتسامة؟”.
وأمس، قالت “الرئاسة السورية” إن الأسد وغراندي بحثا “الاستمرار في الإجراءات الضرورية لعودة اللاجئين السوريين إلى مدنهم ومناطقهم”. وأكد الأسد خلال اللقاء أهمية “النظر إلى آثار الزلزال والحرب على سوريا برؤية واحدة شاملة”، مشيراً إلى أن “ما خلفته الحرب جعل مواجهة تداعيات الزلزال أكثر صعوبة”. ونقلت “الرئاسة” عن غراندي، تعهده تكثيف أعمال المفوضية وجهودها في سوريا لدعم الاستجابة الإنسانية في مواجهة كارثة الزلزال.
“القدس العربي”