سامي جمعة
استبشر أهالي بادية الشام بموسم نبات الكمأة هذا العام على عكس الأعوام الماضية، فالإنتاج اليوم أضعاف المواسم السابقة لكن صراع فصائل النظام للاستحواذ على هذه الثروة حرم أهالي المنطقة الاستفادة منها بل دفعوا ثمن هذا الصراع من دماء أبنائهم.
مع تكرار حالات القتل للعاملين في جمع الكمأة حاول موقع تلفزيون سوريا معرفة الأسباب الخفية وراء “المجازر” التي حصلت في السنوات الأخيرة غير تلك التي يسوقها النظام كعادته.
تمكّنّا من الوصول إلى محمد الدهمشي وهو أبناء قرية جحار “شمال غربي مدينة تدمر”، والذي عمل لفترة طويلة في جمع الكماة في موسمها إضافة إلى مهنته الرئيسية مربياً للأغنام، يقول محمد: “إن الفصائل المختلفة التابعة لنظام الأسد قسمت المنطقة فيما بينها أشبه بالتقسيم الأمني، فمثلا منطقة جحار وما يحيط بها من البادية تتبع لمفرزة الأمن العسكري وكذلك فوج مغاوير الصحراء في حين تتبع منطقة الصوانة لأمن الدولة وكذلك يسيطر أمن الدولة على المناطق المتاخمة لمنطقة السبع بيار إلى التنف”.
جمع الكمأة.. من بادية الحماد إلى العراق والأردن
ويستذكر الدهمشي كيف كان أهل البادية ينتظرون الموسم بفارغ الصبر لما يعود عليهم من عوائد تخفف من وطأة الحياة خاصة في سنوات الجفاف، حيث لا تكفي تربية الماشية وحدها لسد تكاليف الحياة: “كنا في الماضي نعمل على جمع الكمأة في مختلف مناطق بادية الحماد وكنا أحيانا نصل إلى داخل العراق أو الأردن حيث نلتقي دوريات الهجانة الأردنية أو الجمارك العراقية لندرك بأننا ذهبنا بعيدا في البحث، وكنّا نلقى كل الترحيب من الأشقاء في الأردن والعراق، ويطلب منا بمنتهى الأدب العودة إلى داخل الساتر (الحدود)”.
ويضيف الدهمشي: “مع اندلاع الثورة السورية لم يتغير علينا شيء سوى عدم تمكننا من قطع الحدود بسهولة كما من قبل، لكن مع منتصف 2015 مع عودة النظام والميليشيات المساندة له لفرض سيطرتها من جديد على البادية بدا واضحا بأن تقسيما أمنيا جغرافيا قسم البادية بين الفروع المختلفة والميليشيات الإيرانية التابعة لهم”.
ويلفت الدهمشي إلى أن المسؤول الأمني عن كل منطقة منع عمليات الجمع على الطريقة المعتادة، بل بات كل رئيس قطاع أمني يكلف أحد الأفراد من أبناء المنطقة بالإشراف على عملية جمع الكمأة مقابل أجر يومي للعمال لا يعادل سعر 100 غرام من الكمأة، مع وصول سعر الكيلو الواحد لربع مليون ليرة والأجر اليومي للعامل لا يتجاوز الخمسين ألف ليرة مقطوعة ومكافأة بسيطة تشجيعية تتناسب مع وزن الكمية التي يتمكن من جمعها”.
الدهمشي نجا من الموت بأعجوبة وذلك عام 2018 بعد أن طلب منهم المشرف “الشاويش” على الجمع بالتوجه شرقا أكثر من المعتاد حيث وصلوا إلى منطقة تسمى الشيخ سلمان وتبعد نحو خمسين كيلومترا عن مدينة السخنة جهة الشرق، حيث تعرضوا لإطلاق نار مباشر من مجهولين أدت إلى وفاة أحد الأفراد وجرح ثلاثة آخرين”.
“تلفزيون سوريا”