استكمالاً للاجتماعات التمهيدية بين تركيا والنظام السوري والتي من شأنها كسر الجليد وبناء الثقة بين الجانبين، والتأسيس لمرحلة متقدمة من التفاوض والعلاقات، تستعد موسكو لعقد اجتماع حول سوريا الشهر الجاري، يضمّ نواب وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران والنظام السوري، حيث يسعى هذا الأخير إلى توظيف المسار لكسر العزلة السياسية المفروضة عليه، بينما تحاول أنقرة إخراج الورقة السورية من يد المعارضة التركية، بينما يمضي الطرفان في هذا المسار بتسيير وترتيب من موسكو، رغم عبء التاريخ المثقل بالعداء بين قادة الجانبين.
وذكرت وكالة الأناضول أمس الاثنين، أن العاصمة الروسية موسكو ستستضيف خلال يومي 15 و 16 آذار الحالي، اجتماعاً حول سوريا يضمّ نواب وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران ونظام الأسد. ونقلت الوكالة عن مصادر دبلوماسية تركية أن نائب وزير الخارجية التركي براق أقتشابار سيترأس الوفد التركي في الاجتماع. وأوضحت المصادر أن الممثل الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا ميخائيل بوغدانوف سيكون على رأس الوفد الروسي، بينما يمثل إيران مستشار الشؤون السياسية لوزير الخارجية علي أصغر حجي، مشيرة إلى أن نائب وزير خارجية النظام السوري أيمن سوسان سيمثّل نظام الأسد في الاجتماع المرتقب. فيما رجحت مصادر لصحيفة «الوطن»، تأجيل اجتماع نواب وزراء خارجية سوريا وتركيا وروسيا وإيران إلى حين حصول دمشق على ضمانات كانت قد طلبتها. وفي مقدمة الضمانات التي طلبها النظام السوري من أنقرة، «جدولة انسحاب القوات التركية المحتلة لمناطق في شمال غربي البلاد».
وكان وزير الدفاع في الإدارة التركية خلوصي أكار قد تحدث أمس عن إمكان عقد اللجان الفنية اجتماعاً خلال الفترة المقبلة، ونقلت وكالة أنباء «الأناضول» التركية، عن أكار قوله أمس: «للمرة الأولى منذ 11 عاماً، عقد اجتماع في موسكو بمشاركة وزراء دفاع روسيا وسوريا وتركيا، ورؤساء وكالات المخابرات، وفي هذا الاجتماع تم التوصل إلى اتفاق لإجراء اجتماعات على مستوى اللجان لإنضاج مسار الاجتماعات اللاحقة (بين الرؤساء) ونؤيد استمرار هذه الاجتماعات بصيغ مختلفة عقب اجتماع اللجان الفنية في الفترة المقبلة، كما نود حل المشاكل من خلال المفاوضات».
والأربعاء الماضي أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، بأن اجتماعاً سيتم عقده في العاصمة الروسية موسكو الأسبوع الجاري ويضم نواب وزراء خارجية سوريا وتركيا وإيران وروسيا، وذلك في إطار مسار التقارب بين دمشق وأنقرة.
وفي تصريحاته أمس شدد أكار، على أن الجانب السوري «يتفهم أسباب ما تقوم به تركيا ضد الأهداف الإرهابية شمالي سوريا»، وأضاف: «يبدو أن محاورينا السوريين يتفهمون ذلك من حين لآخر، وهناك مؤشرات ملموسة على ذلك». وشهدت الأيام القليلة الماضية ترتيبات لعقد الاجتماع الذي سيجمع نوّاب وزراء خارجية سوريا وتركيا وإيران وروسيا، منها عقد المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وافريقيا، نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف لقاءين منفصلين الأول مع السفير السوري لدى موسكو بشار الجعفري، والثاني مع السفير التركي محمد سمسار.
كما قام وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الخميس الماضي بزيارة إلى سوريا قادماً من تركيا، أجرى خلالها مباحثات تتعلق بآخر التطورات الإقليمية. وبحسب صحيفة الوطن فإن «التوضيح الذي صدر من قبل نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، حول عدم تلقي موسكو الرد من سوريا وإيران بخصوص الاجتماع الرباعي كشف أن المعطيات اللازمة لانعقاد هذا الاجتماع لم تنضج بعد».
وكشف المصدر، أن موقف النظام السوري، مازال على حاله لجهة تأكيد ضرورة الحصول على ضمانات من تركيا بالانسحاب من أراضيها قبل حصول أي لقاء سياسي يجمع الطرفين على طاولة مباحثات واحدة، مشيرًا إلى أن البيان الرئاسي الصادر عقب استقبال بشار الأسد لوزير الخارجية الإيراني كان واضحاً في هذا السياق، حيث نقل البيان عن الأسد تأكيده ضرورة أن يكون هنالك تحضير جيد للاجتماعات المعنية في بناء الحوار بين دمشق وأنقرة، يستند إلى أجندة وعناوين ومُخرجات محددة وواضحة. وأشار المصدر إلى أن موقف إيران لم يكن بعيداً عن موقف دمشق وجاء مؤيداً لها حيث لفت عبد اللهيان إلى أن بلاده لديها ثقة كاملة بالمواقف والقرارات السورية وستدعم هذه المواقف في الاجتماعات الرباعية.
وقالت «الوطن» إنه «لا مواعيد محددة حتى الآن لانعقاد الاجتماع الرباعي لنواب وزراء خارجية سوريا وروسيا وإيران وتركيا… ودمشق منفتحة على كل الجهود الرامية لبناء الحوار مع أنقرة وفقاً للثوابت والأولويات التي يأتي في مقدمتها استعادة أراضيها المحتلة».
ولفتت إلى أن التحركات الدبلوماسية التي يقودها حليفا دمشق، لا تزال متواصلة، كما أن أبواب التوصل إلى توافقات تفضي لعقد الاجتماع الرباعي مازالت مفتوحة، لافتة في هذا الإطار إلى التصريح الذي صدر عن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أمس، الذي اعتبر أن بلاده ليست محتلة للأراضي السورية وتواجدها يهدف إلى مكافحة الإرهاب وحماية حدودها ووحدة أراضيها على حد قوله.
“القدس العربي”