خرج عشرات المتظاهرين في محافظة درعا الخاضعة لسيطرة النظام السوري، عقب صلاة الجمعة في مظاهرة تؤكد على استمرارية الثورة التي انطلقت قبل 12 عاما.
شهدت سوريا خروج مظاهرات عدة في الذكرى الثانية عشرة لانطلاق ثورتهم، وشملت المظاهرات محافظة درعا في جنوب البلاد وبلدات إدلب أريحا وكفرتخاريم وسرمدا وحفسرجة والأتارب ودارة عزة شمال وشمال غرب سوريا.
وردد المتظاهرون في مدينة إدلب الخاضعة لسيطرة هيئة «تحرير الشام» وحكومة الإنقاذ هتافات تؤكد على استمرارية الثورة حتى إسقاط النظام، وحملوا أعلام ورايات الثورة.
وفي أريحا وسرمدا وكفرتخاريم حمل المتظاهرون لافتات تطالب بمحاسبة نظام الأسد، وأنشدوا الأغاني الثورية الحماسية ومنها «جنة يا وطنا» ورددوا هتافات تمجد الثورة وشهداءها. كما دان المتظاهرون تغير سياسات بعض الدول التي بدأت باتخاذ خطوات تطبيع وإعادة علاقات مع حكومة نظام الأسد، معلنين رفضهم لأي خطوة تقارب مع النظام الذي وصفوه بـ«الإجرامي».
وبالتوازي، خرجت مظاهرات عدة في مناطق سيطرة «الجيش الوطني» شملت مدن وبلدات عفرين واعزاز وجرابلس والباب وقباسين واخترين، وطالب المتظاهرون بإسقاط النظام وأقسموا على مضيهم في حراكهم الثوري حتى تحقيق أهدافه. وخرج عشرات المتظاهرين في محافظة درعا الخاضعة لسيطرة النظام السوري، عقب صلاة الجمعة في مظاهرة تؤكد على استمرارية الثورة التي انطلقت قبل 12 عاما.
وفي أوروبا، نظمت الجاليات السورية، اعتصامات ووقفات في كل من برلين ولاهاي واستوكهولم ولندن وكوبنهاغن وفيينا وعواصم ومدن أخرى.
وبمناسبة ذكرى الثورة السورية، أصدرت أمريكا وإنكلترا وفرنسا وألمانيا بيانا مشتركا دعا إلى محاسبة النظام على جرائمه بحق الشعب، وأكد البيان أن الدول الأربع لن تخطوا في التطبيع مع حكومة الأسد ما لم يتحقق الحل السياسي المستدام، وجاء في البيان «بينما نحيي الذكرى الـ 12 لإشعال نظام الأسد فتيل هذا النزاع المروّع، وتزامناً مع مواجهتنا النزاعات في جميع أنحاء العالم، ينبغي أن تبقى محنة الشعب السوري في الطليعة».
وأكدت الدول الأربع على استمرارها في مساندة الشعب السوري، وقالت إنها «تقدم كل الدعم للجهود المبذولة من أجل التوصل إلى حل سياسي مستدام تماشياً مع القرار 2245 والذي يرتكز على العدالة والمحاسبة»
وأشار البيان إلى أن «الذكرى تأتي هذه السنة بُعيد سلسلة من الزلازل المدمرة التي حصدت أرواح قرابة 10 آلاف سوري في سوريا وخارج حدودها في تركيا، حيث بحث عدد كبير منهم عن ملجأ بعد الفرار من نظام الأسد».
في سياق متصل، أكد الاتحاد الأوروبي على أنه مستمر في معارضته للتطبيع مع النظام السوري، وشدد على ضرورة بذل الجهود من قبل المجتمع الدولي وصولاً لحل عادل وشامل في سوريا تماشيا مع القرار الأممي 2245.
وجاء ذلك في بيانٍ صادر عن الممثل الأعلى للعلاقات الخارجية والسياسية والأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، وأشار البيان إلى أن مؤتمر بروكسل لدعم مستقبل سوريا سيعقد نسخته المقبلة منتصف حزيران (يونيو) المقبل.
وعلى صعيد المؤسسات والكيانات السورية المعارضة، جدد «الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة» دعواته عدم منح النظام السوري أي منبر في المحافل الدولية، ووصفه بأنه يسعى لتدوير نفسه من خلال الخداع الدائم.
وعبر بيان الائتلاف عن فخره بصمود وثبات الشعب السوري، وقال «إن الصيحات الأولى التي صدحت في 2011 تتجدد الآن في يومنا ووقتنا الحالي بمطالب واضحة، وهي إسقاط هذا النظام ومحاكمته».
وقال مدير الدفاع المدني السوري رائد الصالح في كلمة ألقاها في احتفالية الثورة الثانية عشرة في مدينة إدلب، ورصدتها «القدس العربي»: «نُبعث من الرماد، مثل اسطورة طائر الفينيق، هم السوريون حكاية حرية، وطن وكرامة منذ 12 سنة، ملتصقون بالشمس رغم الثمن لكنهم سيبعثون من الرماد من جديد ليصنعوا الحياة».
وأشار بيان للحكومة السورية المؤقتة إلى أن «ممارسات نظام الأسد الوحشية لم تنل من عزيمة الشعب السوري، بل زادته إصرارا وقوة على الاستمرار في ثورته».
ولفت البيان إلى أن السوريين قدموا أعظم التضحيات، وما زالوا ثابتين في ميدان العزة والكرامة.
وفي ذكرى الثورة أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً حمل عنوان «الانتقال السياسي الديمقراطي المطلب الأساسي للحراك الشعبي منذ 12 عاما» وثقت من خلاله مقتل أكثر من230 ألف سوري بينهم 30 ألف طفل و16 ألف امرأة، وتشريد قرابة 14 مليون سوري.
هذا وتعتبر «الشبكة» من أبرز المؤسسات الحقوقية المعنية بتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان بعد انطلاق الثورة السورية في عام 2011 وحول دوافع وأسباب تأسيسها، قال مدير الشبكة فضل عبد الغني في اتصال مع «القدس العربي» أن تأسيس الشبكة جاء «انطلاقا من الإيمان بأن الحراك الثوري لا بد أن يشمل الحراك الحقوقي المترافق مع النضال السياسي والإعلامي». وأضاف «بدأنا بإصدار تقارير يومية، ولا تزال مستمرة حتى اليوم على الرغم من معرفة القائمين على الشبكة أن نسب متابعة وقراءة التقارير ليست كبيرة، إلا أنها وثائق قانونية لحفظ الحقوق».
وعن طرائق العمل، أشار إلى أن «حفظ الحقوق لا يتم إلا عن طريق منهجية توثيق وبروتوكولات خاصة، ونجحت الشبكة في الحصول على الاعتماد لدى العديد من المؤسسات الأوروبية والأممية» مؤكدا على استمراريتها في سبيل تحقيق العدالة.
وفي سياق منفصل، عملت الماكينة الدعائية لهيئة «تحرير الشام» على اظهار أبي محمد الجولاني كزعيم أوحد لمناطق سيطرة المعارضة في شمال سوريا، حيث تنقل بين مجالس القبائل والخيام التي أقيمت للاحتفال في ذكرى الثورة، واستقبل بحفاوة كبيرة بين الجموع باعتباره بطلا وقائد مناطق سيطرة المعارضة السورية.
وبثت المعرفات الرسمية لـ «الهيئة» كلمة مصورة للجولاني، ليل الجمعة، أشار فيها إلى أهمية التوحد من أجل النصر، وفي سابقة، خاطب السوريين جميعا باعتبارهم «شعب سوريا الكريم» وتجنب ذكر العبارات الطائفية والتكفيرية، وركز على أن الشعب السوري يستحق أن يعيش بحرية وكرامة، في حين أن النظام حول مناطق سيطرته إلى مناطق لتجارة المخدرات، ولفت الجولاني إلى أن النظام باع سوريا ومقدراتها إلى روسيا وإيران. ولم يدخل الجولاني في حساسيات الوضع الفصائلي وما يجري في الشمال من صراعات.
ومع العمل على إظهار الجولاني باعتباره قائد وزعيم الشمال السوري، تأتي المقارنة عاجلة بين صورة الملثم المنتمي لتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق» ومن ثم لاحقا التصاقه بتنظيم «القاعدة» باحثا عن حماية ما من أيمن الظواهري في وجه ابي بكر البغدادي الأكثر توحشاً، وبين رجل اليوم الذي ينعت بأنه الأكثر براغماتية بين كل السوريين على الإطلاق. ولكن صورته تلك لا تقنع عشرات الآلاف من الناشطين المدنيين والثوار الذين عبروا الحدود إلى تركيا خوفا من بطش «جبهة النصرة» التي يقودها حيث شيطن تنظيمه وباقي التنظيمات الإسلامية فصائل الجيش الحر، واتهموها بانها «كافرة» و«عميلة لأمريكا» تسعى لـ «استبدال شرع الله بالديمقراطية الغربية» وقادتها عبارة عن «لصوص» وهذا جزء من التراجيديا التي تختصر الكثير من عذابات السوريين.
“القدس العربي”