دعت صحيفة “فايننشال تايمز” اللاعبين الدوليين ممن لهم تأثير على الجنرالين المتحاربين في السودان العمل على جرهما من الهاوية التي يسيران نحوها.
وجاء في افتتاحية الصحيفة أنه كانت هناك حتمية كئيبة للقتال الذي اندلع نهاية الأسبوع في السودان، فمنذ أن أطاح الجيش والقوات شبه العسكرية المعروفة بقوات الدعم السريع بعمر البشير في عام 2019، تشاركا وبشكل غير مريح بالسلطة. وربما كان السودان ثالث دولة في أفريقيا من ناحية المساحة لكنه على ما يبدو ليس كبيرا ليتسع لكل منها.
ومع قصف الطيران أجزاء في العاصمة الخرطوم وانتشار القتال إلى مناطق أخرى من البلاد، هناك مخاوف من أن ينزلق البلد إلى حرب أهلية حقيقية. وستكون هذه كارثة ليس على السودان وشعبه البالغ عددهم 45 مليون نسمة ولكن على المنطقة بكاملها.
ويشترك السودان بالحدود مع سبع دول ولديه شاطئ طويل على البحر الأحمر الذي يمر عبره معظم نفط أوروبا. وتخشى دول الخليج التي دعمت الحكومة السودانية من الفوضى، لكنها وثقت كثيرا بالاستقرار الذي يقدمه الرجال الأقوياء. والرجلان المعنيان يقود كل واحد منهما جزءا من أجهزة الأمن في البلاد ودخلا الآن في حرب مفتوحة.
وأمر الجنرال عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش والحاكم الفعلي للسودان بحل قوات الدعم السريع التي يقودها الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي) ووصفه بالمجرم، فيما تعهد الثاني بقتله “مثل الكلب”، وعلى المحك في النزاع بينهما ليس السيطرة على البلد ولكن اقتصاد النخب الفاسدة ويبدو أنه قتال حتى الموت.
وقتل أكثر من 180 شخصا حتى الآن وتبددت أحلام الديمقراطية التي أضاءت مرة احتجاجات الشوارع وقامت دائما على فكرة مهزوزة أن أصحاب البنادق والتجارة غير الشرعية سيسلمون السلطة للمدنيين.
وأكثر من ذلك، كان المجتمع الدولي يأمل بلكز السودان نحو الديمقراطية عبر الجزرة، بما في ذلك رفع العقوبات والإعفاء من الديون، وهو نهج يبدو ساذجا اليوم. ولعب قادة السودان بالغرب، بما في ذلك عندما اعترف البرهان بإسرائيل بشكل فتح باب المساعدات أثناء ذلك.
كان المجتمع الدولي يأمل بلكز السودان نحو الديمقراطية عبر الجزرة، بما في ذلك رفع العقوبات والإعفاء من الديون، وهو نهج يبدو ساذجا اليوم
وتعلق الصحيفة أن الخطر الأكبر هو جر أطراف خارجية في النزاع في السودان . فقد دعمت السعودية والإمارات الحكومة العسكرية، حيث أقامت الأولى علاقات وثيقة مع حميدتي. ودعمت مصر البرهان، وفي نهاية الأسبوع قامت قوات حميدتي بأسر جنود مصريين كانوا يشاركون بمناورات مع الجيش السوداني.
وأشارت الصحيفة إلى أن لدى روسيا مصالح أيضا، فمؤسس شركة فاغنر سيئة السمعة، يفغيني بريغوجين، يدير شركة سودانية للتنقيب عن الذهب، لديها علاقات مع عمليات حميدتي للتنقيب عن الذهب في دارفور. فلم تستفد موسكو من شحن الذهب إليها فقط بل ضغطت على الجنرالين للحصول على منفذ في ميناء بورتسودان. هذا هو مزيج سام، ولكن لا يخدم مصلحة أحد ولا حتى روسيا رؤية السودان وهو ينزلق نحو الفوضى.
ورأت الصحيفة أن على الولايات المتحدة، التي لا يزال لديها بعض النفوذ، التفكير بفرض عقوبات على البرهان وحميدتي والمقربين منهما لمنع تدفق المال والسلاح لهما.
وتضيف أن السودان يقدم للمطالبين بالديمقراطية رسالة تحذير، فعندما يخرج الملايين من الناس إلى الشوارع، سيكون من الصعب إبعاد رجال البنادق عن السلطة، وحتى يعود الجيش إلى ثكناته، وهو احتمال ضئيل، يظل منظور البلد قاتما.
“القدس العربي”