في مقابلة خصّ بها صحيفة “لوموند” الفرنسية، دعا رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان، الذي اعتقل في التاسع من مايو الجاري في محكمة ووضع رهن الاعتقال، ثم أفرج عنه بعد يومين من قبل المحكمة العليا، دعا إلى إجراء انتخابات من أجل وضع حد للتوتر السياسي.
وقال عمران خان إن ما يخشاه هو تفكك مؤسسات البلاد الديمقراطية، معتبرا أن الحكومة الحالية لا تحترم أوامر المحكمة العليا، وأن قانون الأقوى هو الذي يسود الآن على الدستور في باكستان. مشددا على أن باكستان لا يمكن أن تدار من قبل حكومة أقلية يتحكم فيها متمردون.
ورداً على سؤال “لوموند” حول اختياره حشد الشارع بدلاً من انتظار انتخابات أكتوبر 2023، وذلك بعد الإطاحة به من السلطة في أبريل 2022، بعد تصويت بحجب الثقة عن البرلمان وهو إجراء قانوني تماما، اعتبر عمران خان أن ما حصل كان مؤامرة، قائلاً: “ كانت حكومتي هي الأكثر نجاحا في التاريخ. على الرغم من عامين من كوفيد 19، فقد سجلنا معدل نمو بنسبة 6.5 بالمئة خلال العام الماضي. كان نمونا الصناعي في ذروته، وازدهرت الزراعة لدينا وشهدت صادرتنا من تكنولوجيا المعلومات زيادة غير مسبوقة. على الرغم من هذه النتائج، خضعت للتصويت بحجب الثقة عني لأن الممثلين المنتخبين من أغلبيتي تم شراؤهم علانية. لم يكن الأمر سرا، فقد كان ثمن النائب مليون دولار. كل ما قلته منذ ذلك الحين هو أنه يجب أن تكون هناك انتخابات في باكستان لأنه لا يمكن أن تدار البلاد من قبل حكومة أقلية يجمعها المنشقون. دع الناس يقررون”.
ورأى عمران خان أن مشكلة باكستان الرئيسية هي هيكلية، موضحا أنه على مدار الثلاثين عاما الماضية، لم تتكبد البلاد عناء زيادة صادراتها. وبالتالي فإن وارداتها أكبر بثلاث مرات من صادراتها. وأوضح أنه في ظل حكومته، كان لدى البلاد صادرات قياسية، لكن الأمر يتطلب بعض الوقت لتغيير اقتصادها بالكامل.
وأضاف موضحا: “نحن بحاجة إلى تحسين التدفقات النقدية بالدولار أولا من خلال الصادرات، ثم من خلال التحويلات من عشرة ملايين باكستاني يعيشون في الخارج، ولكن أيضا من خلال السياحة. نحن بحاجة إلى استثمارات ولن يكون هذا ممكنا إلا إذا تم احترام سيادة القانون. يجب علينا أيضا تقليل عجزنا المالي. فمن بين سكان البلاد البالغ عددهم 230 مليون نسمة، يدفع 2.5 مليون فقط الضرائب. الوضع غير مستدام.
وتابع عمران خان القول إن الجيش في باكستان حقيقة واقعية. فمنذ نشأتها، كانت البلاد دولة آمنة، تخشى ألا تنجو من جار معادٍ حجمه سبعة أضعاف حجمها. كانت لديها ثلاث صراعات مع الهند في العشرين سنة الأولى من وجودها. من خلال الخوف، ترسخ دور الجيش ثم زاد في باكستان.
وقال : “نصف الوقت حكمنا فيه الجيش، والنصف الآخر حُكمنا من قبل سلالتين (شريف وبوتو). الاعتقاد بأن الجيش لن يلعب أي دور في باكستان، هو عيش في عالم من الأوهام. لكن عليك أن تجد التوازن. لا يمكن أن يكون لدينا رئيس وزراء منتخب سلطته في يد الجيش. لا يمكن لهذا النظام أن يعمل، يجب وضع المسؤولية والسلطة في نفس المكانة”.
وشدد عمران خان على أن حل المشكلة الباكستانية مرهون بالاستقرار السياسي، قائلا إنه لا يمكن أن يأتي هذا إلا من خلال انتخابات حرة وشفافة، وتتولى حكومة السلطة بتفويض عام مدته خمس سنوات. وإلا فلن يستثمر أحد فلسا واحدا في بلد يسود فيه عدم القدرة على التنبؤ.
ويضيف: “يبدو الوضع الحالي غير مستدام بالنسبة لي. لا يمكنك حظر أكبر حزب سياسي في البلاد إلى الأبد، ومحاكمة أنصاره في المحاكم العسكرية وإلقاؤهم في السجن. عاجلا أم آجلا، يجب إجراء الانتخابات ولن تكون قادرة على منع حزبي من الفوز. لهذا السبب يستخدمون جميع أنواع الوسائل، بما في ذلك العدالة والعنف، لإبعادي عن طريقهم. لقد تعرضت لمحاولتيْ اغتيال وأخشى أن تكون هناك محاولة أخرى”.
واعتبر عمران خان أن الجميع بات يُريد التغيير، مشددا على أنه يتعين البدء باستعادة سيادة القانون، الأمر الذي سيجعل من الممكن إخضاع الأقوياء للقانون وإجبارهم على دفع ضرائبهم بدلاً من إخراج الأموال من البلاد، واستعادة الحقوق الأساسية للمواطنين.
“القدس العربي”