جددت قوات النظام السوري، قصفها البري على بلدات وقرى ريف إدلب شمال غربي سوريا، بينما أجبرت “هيئة تحرير الشام” فصيل “الفرقة الأولى الساحلية” التابع لـ”الجيش الوطني” المدعوم من أنقرة، على الانسحاب من نقاطها عند خطوط التماس مع قوات النظام السوري في جبل التركمان في ريف اللاذقية، بعد تطويق رتل مدجج بالسلاح للمنطقة.
وقال مصدر عسكري من الجيش الوطني لـ”القدس العربي” إن الفرقة أخلت مواقعها في جبل التركمان بعد تهديدها من قبل هيئة تحرير الشام، وذلك بعدما “ألزمتها هيئة تحرير الشام على الانسحاب إلى منطقة أخرى، واستولت على نقاط الفرقة بالقوة”. ونفى المتحدث الذي فضّل حجب هويته لأسباب أمنية، أن تكون قد دارت اشتباكات بين الطرفين حيث قال “الهيئة أخرجت الفرقة الساحلية من مواقعها بطريقة الإرهاب، حيث أرسلت رتلاً عسكرياً وقوات مدججة بالسلاح، طوقت نقاط الفرقة الأولى الساحلية وأجبرت عناصرها على الانسحاب من المنطقة”.
وشكك المصدر العسكري في نية هيئة تحرير الشام الاستيلاء على النقاط الواقعة على خطوط التماس، مؤكداً أنه “لا يوجد أي بوادر على الأرض أو نية للتصعيد العسكري بين الهيئة والنظام السوري” مبدياً تخوفه من “تسليم الهيئة مناطق جديدة لقوات النظام أسوة بما حدث سابقاً في الغاب وأرياف حماة وحلب وإدلب” حسب قوله. ورجح المتحدث أن “تشن الهيئة عملية وهمية على النظام تسقط على أثرها بعض القرى الجديدة ضمن مناطق نفوذها”.
في غضون ذلك، جددت قوات النظام قصفها البري على عدد من البلدات والقرى في ريف إدلب شمال غربي سوريا، حيث قصفت عناصره المتمركزة بقذائف المدفعية الثقيلة بلدات إحسم وسفوهن وفليفل بمنطقة جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي. كما قصفت بعد منتصف ليل الأربعاء – الخميس، بالمدفعية الثقيلة محيط قرية كفرتعال بريف حلب الغربي، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية.
وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، أول أمس إلى أن قوات النظام قصفت بالمدفعية الثقيلة محيط قرية خربة الناقوس بمنطقة سهل الغاب في ريف حماة الغربي، ما أدى إلى اشتعال النيران بالمحاصيل الزراعية في القرية، بالإضافة إلى قصف مدفعي طال محيط قرية الرويحة في جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، دون تسجيل خسائر بشرية.
وقال إن المنطقة الممتدة من جبال اللاذقية الشمالية الشرقية، وصولاً إلى الضواحي الشمالية الغربية لمدينة حلب مروراً بريفي حماة وإدلب، تشهد وقفًا لإطلاق النار في منطقة “خفض التصعيد”، انبثق عن اجتماع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في الـ 5 من شهر آذار/مارس 2020. مضيفاً، أن هذا الاتفاق إعلامي فقط، حيث تشهد المنطقة تصعيداً كبيراً من قبل قوات النظام والميليشيات الموالية والتابعة لها وللروس، عبر قصف يومي بعشرات القذائف الصاروخية والمدفعية، مخلفة خسائر بشرية ومادية فادحة. ويتركز القصف بالدرجة الأولى على ريف حلب الغربي والقطاع الجنوبي من ريف إدلب، وبدرجة أقل القطاع الشرقي من ريف إدلب وبلدات وقرى سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، وجبال اللاذقية.
في موازاة ذلك، قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر، أمس الخميس، إنَّ 42 مدنياً قتلوا في سوريا في أيار 2023 بينهم 7 أطفال وسيدة وشخص بسبب التعذيب، على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في أيار 2023. وبحسب التقرير، قتل النظام السوري مدنياً واحداً في أيار، فيما قتلت قوات سوريا الديمقراطية 3 مدنيين بينهم طفل، وقتلت قوات التحالف الدولي مدنياً واحداً، و قُتِل 37 مدنياً بينهم 6 أطفال وسيدة على يد جهات أخرى. ووفقاً للتقرير فقد شهد شهر أيار وقوع مجزرة على يد جهات أخرى، راح ضحيتها 7 مدنيين بينهم 5 أطفال وسيدة.
ووفقاً للتقرير فإنَّ تحليل البيانات أظهر أنَّ محافظة درعا تصدرت بقية المحافظات بنسبة تقارب 48 % من حصيلة الضحايا الموثقة في أيار جميعهم قضوا على يد جهات أخرى، تلتها محافظة السويداء بقرابة 17 %، ثم كل من محافظة حلب ودير الزور بنسبة 12 % من حصيلة الضحايا في أيار. وشهد الشهر الفائت، استمراراً لوقوع ضحايا مدنيين بسبب الألغام في محافظات ومناطق متفرقة من سوريا، حيث وثق مقتل 6 مدنيين، لتصبح حصيلة الضحايا بسبب الألغام منذ بداية عام 2023، 83 مدنياً بينهم 16 طفلاً و7 سيدات.
وأضاف أن فريق العمل في الشبكة السورية لحقوق الإنسان وثق في آذار مقتل شخص بسبب التعذيب على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة، وبلغت نسبة الضحايا بسبب التعذيب على يد قوات النظام ما يقارب 34 % مقارنةً بالمجموع الكلي لضحايا التعذيب على يد جميع أطراف النزاع والقوى المسيطرة في عام 2023 وكان شهر آذار قد شهد الحصيلة الأعلى للضحايا بسبب التعذيب خلال عام 2023 حيث بلغت نسبة ضحاياه 47 % أي أنَّ ما يعادل نصف الضحايا بسبب التعذيب قد قضوا في شهر آذار المنصرم. وبحسب التقرير فإنَّ الأدلة التي جمعها تشير إلى أنَّ بعض الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنية، كما تسبَّبت عمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، مشيراً إلى أنَّ هناك أسباباً معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة حرب.
“القدس العربي”