اندلع فجر أمس الأحد، حريق ضخم في منزل أثري وامتد إلى البيوت العربية وورش الأحذية والحقائب والمحال التجارية في شارع الثورة خلف المصالح العقارية بجانب سوق الهال وسط العاصمة دمشق، قبل أن تتم السيطرة عليه، من قبل الدفاع المدني.
وشب الحريق قرابة الساعة الثالثة فجراً بينما أسعف الهلال الأحمر 8 حالات. وقالت مصادر رسمية، إن الحريق انتشر بسرعة جراء وجود عدد من الورشات التي تقوم بصناعة الأحذية والحقائب.
وتلقت محافظة دمشق إنذاراً عند الساعة الثالثة فجراً، بوجود حريـق نشب عند حمام الخاندي في منطقة ساروجة في اتجاه سوق الهال القديم، حيث وصل عدد سيارات الإطفاء التي تدخلت إلى 21 سيارة بعتادها الكامل، و3 سيارات من الدفاع المدني و4 صهاريج كبيرة من محافظة دمشق.
ووفقاً للمصدر، فإنه رغم التدخل السريع إلا أن الحريق طال عدداً من البيوت والورشات كون المنطقة عبارة عن بيوت عربية قديمة مبنية من الخشب والطين واللبن، إضافة لوجود ورشات لتصنيع الأحذية والحقائب التي تستعمل مواد قابلة للاشتعال وتساعد في ازدياد النار، وبالتالي انتشر الحريق وغطى مساحة لا بأس بها في المنطقة ذات الشوارع الضيقة، منوهاً إلى أنه يوجد في المنطقة موقع أثري يتم فيه تجميع وثائق تضرر بالحريق، إلا أنه منذ فترة تم نقل جميع الوثائق المهمة كون المنطقة تعرضت لحريق بسيط، وهذه الوثائق الآن في أمان.
وقال إن سيارات الإطفاء ستبقى في منطقة الحريق تحسباً من عودته أو حدوث أي انهيارات في الأقواس الأثرية، في حال ساهمت درجات الحرارة المرتفعة في تجدده، وحالياً يتم إجراء جرد لحصر المساحة التي طالها الحريق، وعدد البيوت والأضرار المادية التي حدثت.
وأفاد مصدر من الدفاع المدني في دمشق بأنه تمت السيطرة على الحريق مشيرًا إلى أنه “لم يعرف سبب الحريق والتحقيقات لاتزال مستمرة، لكن التقديرات الأولية تشير إلى احتراق معمل بلاستيك في المنطقة ومنه امتدت النيران للمنازل المجاورة”.
وطال الحريق عشرات المنازل القديمة قرب سوق الهال القديم في شارع الثورة، ومحال وورش صناعية مختلفة، دون وقوع إصابات بشرية.
وذكر الهلال الأحمر أنه تم إسعاف 8 حالات جراء الحريق في شارع الثورة ولا تزال الاستجابة مستمرة، موضحاً أن حالتين من الثمانية تم نقلهم للمشفى و4 مصابين تم إسعافهم في المكان. واستمرت عمليات الإخماد لأكثر من 3 ساعات بمشاركة أكثر من 20 آلية من فوج إطفاء دمشق وبمشاركة من الدفاع المدني والأهالي.
“القدس العربي” رصدت اتهام بعض الأهالي لـ “جهة ما” بإشعال الحرائق “للاستفادة من المساحة العقارية” في دمشق القديمة وفق قولهم. أبو البراء مكتبي أحد سكان مدينة دمشق، من أهالي الأحياء القديمة اتهم في حديث مع “القدس العربي” ما وصفه بـ “الأيادي الخبيثة” لإشعال عشرات الحرائق في المنطقة القديمة من حواري دمشق. وقال: المخطط ليس جديداً، وسبق أن اشتعلت عشرات الحرائق السابقة في المنطقة القديمة من دمشق، والمقصود من ذلك طمس معالم المدينة وخاصة حواريها القديمة وما تحويه من تاريخ وعبق من الماضي على يد الميليشيات الإيرانية التي تريد إخفاء كل معلم تاريخي وإبراز معالم تخصها ضمن ما يسمى بالأضرحة والمزارات المقدسة تنفيذاً لمخطط ومشروع هدام في سوريا والمنطقة.
وأضاف: بالتأكيد هذا الفعل الشنيع ليس عفوياً، بل تقف وراءه يد خبيثة، من أجل إكراه أهل المناطق وأصحاب المحالات ودور السكن القديمة لكي يتخلوا عن منازلهم ومحالهم ويبيعونها للمشترين التابعين للنظام الإيراني، للاستفادة من المساحة العقارية.
وعلق المحامي زيد العظم من أهالي العاصمة دمشق باقتضاب على حادثة الحريق، لـ “القدس العربي” بالقول “نشهد اليوم حريقاً لتراث دمشق في سوق ساروجة، حيث التهم عدداً كبيراً من البيوت العريقة التي تعتبر من الآثار المصنفة بأنها جزء من التراث والوطني السوري”.
واتهم العظم “الميليشيات الإيرانية، التي تسعى حثيثاً لصنع تغير ديموغرافي في دمشق القديمة” وأضاف “كلنا نعلم في مكان ما أن الإيرانيين لديهم حقد على مدينة دمشق والقاصي والداني يعلم ذلك”. وعلى النقيض من ذلك، اعتبر الباحث والمحلل السياسي محمد سالم أن الحرائق ممكن تحدث في الصيف الحار في كافة بلدان العالم، وذلك مع التغيرات المناخية بسبب ارتفاع درجات الحرارة. لكنه استدرك قائلا لـ”القدس العربي”: على الرغم من عدم وجود دلائل ومعلومات حول الفاعل، لكن من الممكن أن تكون هذه الحرائق مصطنعة ومستغلة للأوضاع الحالية.
وقال: يجب ألا ننسى بأننا في دولة فاشلة جداً، من حيث عدم وجود قواعد السلامة، واحتمالات حدوث الإهمال الذي يؤدي إلى حرائق مرتفعة أكثر بكثير في سوريا، مقارنة ببقية دول العالم، بسبب عدم الالتزام بقواعد السلامة، ورغم ذلك فإن الاحتمالات تبقى مفتوحة.
“القدس العربي”