تحت عنوان: “إسرائيل-حماس.. الهند «المعلّم الروحي للعالم» تلمع بحكمتها”، قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية إن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الذي استضافت بلاده قمة رؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء مجموعة العشرين في نيودلهي، يتظاهر بأنه “مُرشد/معلّم العالم”، وفقاً للصيغة العزيزة على اليمين القومي الهندوسي الموجود في السلطة. ويدعو إلى حل النزاعات المسلحة “من خلال الحوار والدبلوماسية”، مؤكدا أن بلاده “ستدعم أي جهد للحفاظ على السلام في العالم”. ويُروّج شعار الهند لقمة مجموعة العشرين لمثال الانسجام: “أرض واحدة، أسرة واحدة، مستقبل واحد”.
لكن نيودلهي – تضيف “لوفيغارو”، برزت ”بحكمتها” منذ العملية التي شنتها حركة حماس الفلسطينية ضد إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري. فبعد ساعات قليلة من الهجوم، قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، في تغريدة له، إنه “مصدوم”، معربا عن “تضامنه مع إسرائيل في هذا الوقت العصيب”. وبعد ثلاثة أيام، تحدث الزعيم القومي الهندوسي هاتفيا مع بنيامين نتنياهو ودان “الإرهاب بجميع أشكاله”.
بعد ذلك، اتصل مودي، يوم الخميس التاسع عشر من هذا الشهر، بالرئيس الفلسطيني محمود عباس ووعدَه بتقديم مساعدات إنسانية.
وتابعت “لوفيغارو” القول إن نيودلهي وعلى الرغم من كونها في موقع جيد للحوار مع الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، إلا أنّها لم تحاول الوساطة بينهما في هذه المرحلة بغية وقف التصعيد العسكري، بما في ذلك مع إيران. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية أريندام باغشي إنه “ليس على علم بأي خطط” للهند لبدء الوساطة.
ومع ذلك – تتابع “لوفيغارو”- تحافظ نيودلهي على خط متوازن بشأن القضية الإسرائيلية -الفلسطينية. وقد كرّرت وزارة الخارجية الهندية موقفها التقليدي في 12 أكتوبر/تشرين الأول الجاري. فلطالما دعت نيودلهي إلى استئناف المفاوضات المباشرة بهدف إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة ومستقلة وقابلة للحياة تتمتع بحدود معترف بها وآمنة وتعيش في سلام مع إسرائيل. (…) مشيرة إلى أن “هناك التزاماً عالمياً باحترام القانون الإنساني الدولي”.
وخلافاً للدول الغربية، في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لا تعتبر الهند حركة حماس “منظمة إرهابية”، تُشير “لوفيغارو”، مُذَكِّرةً أن نيودلهي رفضت في السنوات الأخيرة “دعم القرارات التي دفعت بها الولايات المتحدة في الأمم المتحدة لتصنيف حماس على هذا النحو”، كما يوضح للصحيفة نيكولاس بلاريل، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ليدن ومؤلف كتاب “تطور سياسة الهند الإسرائيلية” الذي نُشر عام 2015 (غير مترجم).
وفي الوقت نفسه – توضح “لوفيغارو”- اقتربت نيودلهي من إسرائيل منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية معها في عام 1992. وكان ناريندرا مودي أول رئيس حكومة هندي يزور إسرائيل في عام 2017. وتتمتع الدولتان بشراكة استراتيجية. وتتسلم الهند 37% من الأسلحة التي تصدرها إسرائيل. وتضاعفت التجارة الثنائية خلال خمس سنوات، لتصل إلى 10.7 مليار دولار العام الماضي.
وقالت “لوفيغارو” إن القرب بين “القدس ونيودلهي” اتّخذ خطوة إلى الأمام في قمة مجموعة العشرين الشهر الماضي مع الإعلان عن ممر اقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا يمر عبر المملكة العربية السعودية وإسرائيل. كما أن الهند دعمت اتفاقيات أبراهام، وكانت تؤيد التقارب بين إسرائيل والسعوديين، يوضح نيكولا بلاريل، الذي يضيف أن “الإعلان الهندي في 12 أكتوبر الجاري بشأن الدولة الفلسطينية هو تذكير بموقفها التاريخي وخطابها المرتبط بالجنوب العالمي. لكنه اعتبر أنها ليست قناعة قوية، لأن حكومة مودي أكثر انحيازًا لإسرائيل من تحالفها مع القضية الفلسطينية”.
واعتبرت “لوفيغارو” أن هذا الموقف يوضّح دبلوماسية نيودلهي، وأن التصريحات التي تصور الهند باعتبارها مهتمة بالوئام العالمي تقع في قلب “القوة الناعمة” الهندية. في الواقع، تخدم نيودلهي مصالحها الوطنية قبل كل شيء، تقول الصحيفة الفرنسية.
وتتابع “لوفيغارو” القول إن الهند تجنّبت دائمًا إقامة علاقات مع حركة حماس للحفاظ على الشراكة مع إسرائيل، ولكن أيضًا على علاقتها مع الدول الخليجية التي تزودها بالنفط مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. “فباستثناء اجتماع سري في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لم يكن للحكومة الهندية أي علاقة مع حماس. ومن الوهم أن نتصور الهند كوسيط لإطلاق سراح “الرهائن” المحتجزين في قطاع غزة، على سبيل المثال”، يخلص نيكولا بلاريل.
“القدس العربي”