دمشق – «القدس العربي»: في سياق التصعيد الذي يشنه النظام السوري ضد المدنيين في إدلب وأرياف حماة وحلب القريبة، قتل مدني، الإثنين، نتيجة هجوم بطائرة مسيرة انتحارية استهدفته أثناء قيادته لجرار زراعي في بلدة كفرنوران غربي حلب، بينما استهدف هجوم مماثل منزلاً سكنياً في البلدة نفسها في ريف حلب شمال سوريا.
ندى الراشد، عضو مجلس إدارة الخوذ البيضاء، قالت في تصريح لـ “القدس العربي” إن الهجوم نفذته طائرتان مسيرتان انتحاريتان، انطلقتا من مناطق تسيطر عليها قوات النظام، حيث قتل مدني في بلدة كفرنوران غربي حلب، كما تضرر منزل سكني في البلدة ذاتها، ما يشكل خطراً كبيراً على حياة المدنيين جراء هذا التصعيد العنيف.
واعتبرت أن استخدام المسيرات الانتحارية يأتي في سياق النهج الخطير الذي تنتهجه قوات النظام بالهجمات على منطقة إدلب والأرياف الملاصقة لها شمال غربي سوريا، وهو ما “يزيد من تهديد أرواح السكان ويعرقل تنقلاتهم في ظل تراجع كبير في الاستجابة الإنسانية وتغافل المجتمع الدولي عن حق السوريين بالحياة والحماية من الهجمات الممنهجة التي تستهدف الأعيان المدنية”.
ووفقاً للدفاع المدني السوري، فقد تزامن الهجومان مع قصف مدفعي لقوات النظام استهدف منطقة زراعية بالقرب من البلدة تعرف باسم (عصوص) حيث عجزت فرق الإسعاف والإنقاذ من الوصول إلى المواقع المستهدفة بسبب رصد قوات النظام للمنطقة.
المرصد السوري لحقوق الإنسان أكد مقتل مواطن جراء استهدافه بطائرة مسيّرة انتحارية تابعة لقوات النظام حيث كان يستقل جراراً زراعياً في قرية كفرنوران بريف حلب الغربي، مشيراً إلى أن 4 مسيرات انتحارية هاجمت في الوقت ذاته مواقع لهيئة تحرير الشام التي تقودها النصرة.
وحسب المرصد، فقد هاجمت طائرة مسيرة انتحارية موقعاً على محور خربة الناقوس بريف حماة الغربي، كما هاجمت مسيرتان مواقع الفصائل على محور كنصفرة في ريف إدلب، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية، حيث ارتفع عدد المسيرات التي هاجمت منطقة إدلب ومحطيها إلى نحو 50 طائرة، وفق المصدر.
وتستخدم قوات النظام مسيرات انتحارية من نوع إف بي في، تم التعديل عليها للتحليق لمسافات بعيدة، وتذخيرها بمتفجرات وقذيفة آر بي جي تنفجر لحظة الارتطام بالهدف.
ويوم الأحد، قُتِل طفل وأصيب 3 مدنيين بينهم طفلان، حالة أحدهما حرجة وهو شقيق الطفل الذي قُتل، إثر استهداف لقوات النظام بصاروخ موجّه لسيارة مدنيّة كانت تقلّهم من المدرسة إلى منزلهم بالقرب من معملٍ مدنيٍ (معمل حمّيكو) في مدينة دارة عزة غربي حلب.
وشهدت مناطق ريف حماة الشمالي الغربي الأحد 10 آذار/ مارس، هجمات بطائرات مسيرة انتحارية انطلقت من مناطق سيطرة قوات النظام، استهدفت عدة مناطق في سهل الغاب، توزعت على هجومين بطائرتين مسيرتين انتحاريتين استهدفتا سيارة مدنية في قرية الزقوم، وهجوم بمسيرة انتحارية استهدف سيارة مدنية في قرية الحميدية، فيما استهدف هجومان بطائرتين مسيرتين انتحاريتين أراضي زراعية بالقرب من منازل المدنيين في بلدة قسطون بسهل الغاب شمال غربي حماة، دون وقوع إصابات بين المدنيين.
وقتل مدني، الخميس 7 آذار/ مارس، إثر هجوم بطائرة مسيرة انتحارية انطلقت من مناطق سيطرة قوات النظام، واستهدفته على أطراف مدينة دارة عزة غربي حلب أثناء عمله برعي الأغنام في المنطقة، كما استهدفت عدة هجمات اليوم بطائرات مسيرة انتحارية عدة مناطق في محيط مدينة دارة عزة بريف حلب الغربي.
ومنذ بداية العام الحالي 2024 حتى يوم الأحد 10 آذار/ مارس، وثقت الخوذ البيضاء 38 هجوماً بطائرات مسيرة انتحارية، حسب بيان رسمي “واستجابت فرق الإسعاف للهجمات التي استهدفت البيئات المدنية، وأدت الهجمات بالمسيرات لمقتل مدني، وإصابة 11 مدنياً بينهم طفلان”.
ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان 48 مسيرة انتحارية أطلقتها قوات النظام على دفعات، منذ أواخر يناير/ كانون الثاني من العام الحالي، أسفرت الهجمات عن مقتل وإصابة 35 مواطناً من العسكريين والمدنيين، حيث قُتل مدنيان اثنان وقتل 16 عنصراً من هيئة تحرير الشام والفصائل، كما أصيب 17 على الأقل بينهم طفلان ووالدهما.
ولا تقتصر آثار هذه الهجمات على الخسائر المباشرة في الأرواح والأضرار في الممتلكات، إذ يشكل “استهداف البيئات المدنية والقرى والبلدات والمزارعين والمناطق الزراعية تهديداً لقوت السكان والدخل لعدد كبير من الأسر، ما يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي، وستتأثر قدرة السكان على زراعة المحاصيل، كما ستزيد هذه الهجمات من عرقلة الوصول إلى الخدمات الأساسية، ما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي تواجهها المجتمعات المنكوبة أصلاً بسبب 13 عاماً من الحرب”، بحسب البيان.
واعتبر البيان أن فشلاً مستمراً للمجتمع الدولي في وقف الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي الإنساني في سوريا، يفتح الباب مشرعاً لنظام الأسد وروسيا لقتل المدنيين واستخدام منهجيات جديدة في القتل وتحويل مدن السوريين والمرافق العامة وأجساد السوريين إلى سوق تجرب فيه كل أنواع الأسلحة.