طهران أعلنت أن المواجهة الأخيرة بين الخصمين منتهية فيما حثت الدول الغربية الأطراف على ضبط النفس بينما ينتظر الجميع القرار الإسرائيلي
ملخص
بعد الهجوم الإيراني، الشرق الأوسط أمام أبواب صراع مفتوحة إذا قرر الإسرائيليون الرد في إيران
كانت الجولة الأولى من الانتقام الإيراني ضد إسرائيل مذهلة من الناحية الرمزية، ولكنها عديمة الفاعلية عسكرياً إلى حد كبير، إذ أفادت التقارير بإسقاط 99 في المئة من المسيّرات الانتحارية والصواريخ الباليستية وصواريخ “كروز” التي أطلقت والبالغ عددها 330. ومع ذلك، ستكون لها عواقب وخيمة.
وقُصفت قاعدة نيفاتيم الجوية في النقب، مما تسبب في أضرار طفيفة بحسب الإسرائيليين. وكانت الضحية الوحيدة وفق التقرير طفلة بدوية في العاشرة من عمرها أصيبت بجروح.
الأحداث التالية ستُقرر ما إذا كان الأمر سينتهي ببعض العمل العسكري الإضافي المحدود: أو ما إذا كانت حرب أوسع نطاقاً ستندلع في الشرق الأوسط، وتطلق تداعيات يتردد صداها إلى ما هو أبعد من المنطقة.
في هذه الفترة المشحونة والمليئة بانعدام اليقين، نجد أنفسنا في الجغرافيا السياسية لدونالد رامسفيلد التي تقوم على [تصريحه الشهير] “هناك أشياء ندرك أنها المعروفة، وأشياء مجهولة لكننا نعرفها، وأمور مجهولة ما زلنا نجهلها”.
وكان معلوماً أنه سيتعين على إيران الرد على مقتل قائد إيراني وضباط كبار في الحرس الثوري الإيراني في [الضربة التي استهدفت] قنصليتها في دمشق على يد إسرائيل، ضمن “عملية الوعد الصادق” التي تحققت الآن.
أما المجهول المعروف، فهو ما إذا كانت إسرائيل ستنفذ الآن ضربات داخل إيران. ما هو غير معروف في هذه المرحلة هو ما إذا كان مثل هذا التصعيد في منطقة جاهزة للاشتعال سيؤدي إلى حريق كبير.
وأبلغت الحكومة الإسرائيلية الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط بأنها سترد بقوة على الهجوم الإيراني. وهدد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بـ”رد أقوى” على أي تحرك إسرائيلي “متهور”.
وسيتقرر الرد الإسرائيلي من قبل مجلس حرب شكل خصيصاً ومكون من ثلاثة أعضاء وهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت وبيني غانتس، وزير الدفاع السابق الذي انضم إلى الحكومة بعد مذبحة حركة “حماس” في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
ويقال إن جو بايدن كرر تأكيده في مكالمة هاتفية مدتها 25 دقيقة مع نتنياهو أن إسرائيل ستحصل على الدعم الأميركي الكامل. ومع ذلك، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام الأميركية، أعرب الرئيس سراً عن قلقه من أن يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي “جر الولايات المتحدة بصورة أكبر إلى صراع أوسع نطاقاً”.
وليس هناك شك في أن إسرائيل ترغب في اغتنام هذه الفرصة لتحقيق طموحها القديم بمحاولة تدمير المنشآت النووية الإيرانية. وهي لم تفعل ذلك بعد لأنه سيكون من الصعب للغاية تحقيق الأمر من دون الدعم العسكري الأميركي.
وتدرك طهران ذلك جيداً. وبعد شن هجماتها خلال الليل، أعلنت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة أن الانتقام من الهجوم على المجمع الدبلوماسي في دمشق انتهى. لكنها أضافت: “إذا ارتكب النظام الإسرائيلي خطأً آخر، فإن رد إيران سيكون أكثر خطورة بكثير. إنه صراع بين إيران والنظام الإسرائيلي المارق، ويجب على الولايات المتحدة أن تبقى بعيدة!”.
وأكدت إيران، منذ مقتل ضباط الحرس الثوري الإيراني، لواشنطن أن الانتقام لمقتلهم لن يشمل أي أهداف غربية. إن تحذير طهران من أنها قد تشن هجمات على إسرائيل يعني أن الولايات المتحدة كانت قادرة على القيام بالاستعدادات التي مكنت الطائرات الأميركية والبريطانية والأردنية من إسقاط المسيّرات الإيرانية.
ووفقاً لمسؤولين أميركيين، سلط بايدن الضوء خلال المكالمة الهاتفية مع نتنياهو على حقيقة أن هذا العمل الدولي المنسق كان فاعلاً. وشدد الرئيس على أن القدرة الدفاعية “الرائعة” هي “رسالة واضحة إلى خصومها بأنهم لا يستطيعون تهديد أمن إسرائيل بصورة فاعلة”.
ومن غير المرجح أن يمنع هذا في حد ذاته إسرائيل من تنفيذ ضربات مضادة. والسؤال هو ما الشكل الذي ستتخذه هذه الضربات؟ وربما يكون حلفاء إيران، مثل “حزب الله” في لبنان والميليشيات الشيعية في سوريا والعراق والحوثيين في اليمن أهدافاً للنيران الإسرائيلية. وقد تكون هناك هجمات داخل إيران. ففي نهاية المطاف، نفذت إسرائيل عمليات اغتيال منتظمة للعلماء المشاركين في البرنامج النووي داخل البلاد.
وفي الوقت نفسه، تستمر الجهود الدبلوماسية للحد من التصعيد، مع اجتماع لمجلس الأمن الدولي في وقت لاحق اليوم الأحد.
ويزعم المسؤولون الإيرانيون الذين كانوا ينصحون حكومتهم بالحذر، أن إدانة مجلس الأمن السريعة للضربة المميتة على القنصلية لربما كانت حدت من رد إيران.
ويشيرون إلى أن خطط إيران بالهجوم على أفغانستان عام 1998، عندما قتلت حركة “طالبان” دبلوماسيين إيرانيين في قنصلية، جرى إلغاؤها بعد تدخل قوي من قبل الأمم المتحدة [أسهمت وساطتها في سحب فتيل التوتر]. ويشكو هؤلاء من أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا منعت إرسال رسالة مماثلة بعد ضربة دمشق.
© The Independent