بيروت، باريس – «الحياة»
عاد موضوع إلغاء الطائفية السياسية الى واجهة السجال اللبناني الداخلي أمس، فيما عُقد مجلس الوزراء اللبناني برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، لاتخاذ قرار بإلغاء تأشيرات الدخول بين لبنان وتركيا بناء للاتفاق التي وقع بين البلدين الاثنين الماضي، خلال زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري لأنقرة. وسبق مجلس الوزراء خلوة بين سليمان والحريري أطلعه خلالها الأخير على نتائج زيارته، على صعيد التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري، فيما طمأن رئيس المجلس النيابي نبيه بري مجدداً المتحفظين عن اقتراحه تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية بأن تشكيل الهيئة «لا يعني أن الطائفية ألغيت أو أنها تقررت»، لكنه اعتبر إلغاء الطائفية «هدفاً وطنياً استكمالاً لوصية رجال الاستقلال ولاتفاق الطائف».
ورد زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، بعد ترؤسه اجتماعاً لتكتل «التغيير والإصلاح» النيابي عصر أمس، فرأى أن «لدينا الكثير من النصوص التي تحتاج الى تعديل قبل إلغاء الطائفية»، والى «الحاجة الى توضيح صلاحية تفسير الدستور مثلاً ولا نعرف ما هي تحديداً صلاحية رئيس الجمهورية». وسأل عون: «هل نقدر على تحرير المرء من طائفته مع إلغاء الطائفية السياسية؟».
وتناول الرئيس سليمان الموضوع من باب حديثه عن التعيينات الإدارية قبل ظهر أمس فرأى وجوب «اعتماد آلية لاختيار الرجل المناسب في المكان المناسب وهذا يشكل خطوة أساسية على طريق إلغاء الطائفية السياسية».
وكان الرئيس بري عقد مؤتمراً صحافياً ظهر أمس لشرح اقتراحه تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، وأكد أن طرحه «هو دفاع عن الدستور والمواثيق التي تنص على الأمر وعن نعمة الطوائف المتعايشة لا عن نقمة الطائفية». وتلا بري نص المادة 95 من الدستور التي تؤكد المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المجلس النيابي وتشكيل البرلمان للهيئة العليا للبحث في اقتراحات لإلغاء الطائفية. وقال: «عندما يكون النص ملزماً وبصيغة آمرة ينتفي الخيار وتتحوّل ممارسة الحق الى واجب لا يحتاج تطبيقه الى توافق أو حوار».
وأوضح بري أن اتفاق الطائف حدد سقف مهمة الهيئة الوطنية ووضع صيغة لتشكيلها برئاسة رئيس الجمهورية ومشاركة رئيس المجلس والحكومة وشخصيات سياسية وفكرية واجتماعية، «وما تتوصل إليه لا يكون تقريرياً بل اقتراح الى مجلسي النواب والوزراء»، كما طمأن القيادات المتخوفة من استعجال إلغاء الطائفية، لا سيما قيادات مسيحية، بالقول: «إن النصوص (في الدستور واتفاق الطائف) تكشف جانباً من حدود الفصل بين الهيئة الوطنية ونفاذ ما تقترحه وبين الاعتقاد القائل إن تشكيلها يعني إلغاء الطائفية». لكنه نبّه الى أن تعطيل تشكيل الهيئة لا ينعكس على استمرار تطبيق المادة 95 إنما على استمرار تعطيل مواد دستورية أخرى منها المادة 22 المتعلقة بإنشاء مجلس الشيوخ، والمادة 24 المتعلقة بقانون الانتخاب على أساس المحافظة. واقترح بري العودة لاعتماد الخدمة الإلزامية في الجيش.
من جهة ثانية، وصف مصدر فرنسي رفيع الزيارة المرتقبة للرئيس الحريري الى باريس في 20 الشهر الجاري بأنها «بمثابة تتويج لسنتين من الجهود لإحلال الاستقرار في لبنان وتطبيع أوضاعه وإخراجه من الأزمة المؤسساتية التي واجهها». وذكر المصدر أن «المطلوب اليوم فتح فصل جديد بالإصلاح وتعزيز الدولة والجيش وتحويل لبنان الى ملاذ آمن وترسيخ استقراره عبر تطبيع علاقاته مع الدول المجاورة أي سورية وإسرائيل». واستبعد المصدر «إمكان حصول ضربة إسرائيلية للبنان»، معتبراً أن «أي مغامرة إسرائيلية جديدة ستكون مكلفة سياسياً وأمنياً»، وأن «التحذيرات الإسرائيلية التي وجهت الى الحكومة اللبنانية وظيفتها الاستهلاك الداخلي الإسرائيلي».
على صعيد آخر، أبلغ مقرر المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ديفيد تولبرت الذي أعلن أول من أمس تقديمه استقالته من منصبه ليتولى منصباً في منظمة حقوقية غير حكومية، أن «استقالة موظفين رفيعي المستوى في المحاكم الدولية ليست أمراً خارجاً عن المألوف»، مشيراً الى أنه شهد خلال عمله في المحكمة الخاصة بيوغوسلافيا السابقة استقالات متكررة من دون أن يطرح ذلك تشكيكاً في شرعية المحكمة. وأشار الى أنه مستمر في إداء عمله حتى آخر آذار (مارس) المقبل.
ورداً على سؤال لـ «الحياة» عن بطء المحكمة، قال تولبرت إن «العدالة الدولية لا يمكن أن تكون سريعة ولا تعمل وفق الزمن السياسي». وأشار الى محاكم دولية أخرى «أمضت سنوات طويلة قبل أن تتمكن من سوق المجرمين أمام العدالة».
وفي سياق آخر، أصدرت المحكمة العسكرية في لبنان أمس حكماً بحق مجموعة تضم ثلاثة موقوفين والفارين الفلسطيني أسامة الشهابي والسوري مجد الدين عبود، بتهمة «تأليفهم عصابة مسلحة والتزود بالأسلحة والمتفجرات للقيام بأعمال إرهابية من خلال شراء 300 كيلوغرام من المواد الكيماوية».
وقضى الحكم بالحبس المؤبد للشهابي وعبود، وبالحبس 5 سنوات للموقوفين حسن أحمد جزيني والسوري ياسر محمد الشقيري الموقوف بتفجير عين علق، فيما حكمت على الفلسطيني الموقوف عثمان أبو حطب بالسجن مدة سنتين.
"الحياة"