دمشق ـ «القدس العربي»: مازال المجلس الوطني الكردي في سوريا يتمسك بمطالبه القديمة في اتجاه إقامة دولة فدرالية باعتبار أن هذا النموذج أثبت جدواه في الحفاظ على وحدة الدول ونموها، وفق ما قال المتحدث الرسمي باسمه، فيصل يوسف لـ«القدس العربي» موضحاً أن اللقاء الذي جمع الهيئة الرئاسية للمجلس مع الزعيم الكردي مسعود بارزاني في أربيل، ركز على «ضرورة الحفاظ على المصالح الكردية والتفاعل مع جميع مكونات المجتمع السوري وفق رؤية واضحة».
وبين لـ«القدس العربي» أن اللقاء الأول من نوعه منذ سقوط نظام الأسد، وقد استمر لنحو ساعة ونصف الساعة في صلاح الدين (مقر بارزاني) وشارك فيه من جانب الهيئة الرئاسية، رئيس المجلس للدورة الحالية وسكرتير «الحزب الديمقراطي الكردستاني ـ سوريا» محمد إسماعيل، والمتحدث الرسمي باسم المجلس والمنسق العام لحركة الإصلاح الكردي فيصل يوسف، وسكرتير حزب يكيتي الكردستاني سيلمان أوسو، وسكرتير حزب المساواة الكردي نعمة داوود، وسكرتير حزب الوحدة الديمقراطي الكردستاني فصلة يوسف.
ووفق تقارير إعلامية عراقية، اللقاء في أحد جوانبه قد جاء ضمن مساع يبذلها بارزاني لتوحيد الصف الكردي شمال شرق سورية وأيضاً لاستغلال علاقاته مع تركيا لتأمين لقاء للمجلس مع القيادة الجديدة في دمشق.
قال يوسف: «لطالما كانت علاقاتنا ممتازة مع بارزاني، ودعانا بداية الثورية السورية وأنجزنا مع أحزاب الوحدة الوطنية المتآلفة مع حزب الاتحاد الديمقراطي (بي، واي، دي) اتفاقات في أعوام 2012 و2013 و2014 بهدف توحيد الموقف الكردي، واليوم نمر بمنعطف مهم ومصيري في سوريا، فعاد بارزاني وأكد دعمه للمسألة الكردية وللاستقرار في سوريا».
وأشار يوسف إلى أن «المأمول من اللقاء كان بفتح بوابة خاصة لتقديم المساعدات إلى شعبنا الكردي عبر معبر سيمالكا- فيش خابور، إضافة إلى استثمار نفوذ الرئيس بارزاني مع القوى الدولية لدعم أكراد سوريا عموما».
وصدر بيان عن مكتب بارزاني في أربيل، أوضح أن «اللقاء شهد تبادل الرؤى ووجهات النظر حول الأوضاع الراهنة وآخر المستجدات والتغيُّرات في سوريا، إضافة إلى موقف الأطراف الكردية إزاء التحوّلات الحالية».
المتحدث باسمه قال لـ«القدس العربي» إنها أثبتت جدواها في الحفاظ على وحدة الدول
وأكد بارزاني، حسب البيان، على «دعمه لقضية الشعب الكردي في سوريا وضرورة توحيد الصف والموقف بين الأطراف الكردية، مع الأخذ بنظر الاعتبار مصالح الشعب الكردي في سوريا واتخاذ الحوار والوسائل السلمية سبيلاً لمعالجة الخلافات».
والثلاثاء، استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بأنقرة، رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، ضمن زيارته الرسمية إلى تركيا، و«بحث الجانبان الأوضاع في سوريا وخصوصاً القضية الكردية».
ونهاية الشهر الماضي جرى لقاء بعيداً عن الأضواء، بين قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع وقائد «قوات سوريا الديمقراطية – قسد» مظلوم عبدي، في مطار الضمير العسكري قرب دمشق، بوساطة أمريكية، وتم خلاله «بحث الأمور العسكرية وآلية التنسيق والقضايا المشتركة».
ولطالما ضيّقت «قسد» وهي الذراع العسكري لحزب «بي واي دي» وحلفائه، على نشاطات المجلس الوطني الكردي، العضو في الائتلاف الوطني السوري، في شمال شرق البلاد.
ويأمل يوسف بتخفيف الضغوط بعد سقوط نظام الأسد، موضحا: «لم نكن شركاء في الإدارة الذاتية، ولم تكن علاقاتنا مع الاتحاد الديمقراطي جيدة، وحتى اتفاقات 2012 و2013 و2014، ومن ثم اتفاق 2020 برعاية أمريكية، كانت حبراً على ورق، واليوم وبعد المستجدات الجديدة على مستوى الداخل السوري وعلى المستوى الإقليمي، نأمل أن يتجه العمل بأفضل مما كان عليه وخصوصاً على المستوى الكردي الكردي».
وأوضح أن المجلس الوطني الكردي سعى لفتح خطوط اتصال مباشرة مع القيادة الجديدة في دمشق، وقال: «أوصلنا صوتنا عبر وسطاء وعبرنا عن رغبتنا لنكون شركاء في بناء سوريا المستقبل، وما زلنا على تواصل مع القوى الكردية الأخرى في منطقتنا».
وتابع: «سمعنا أكثر من تصريح يشير إلى وجود حصة وتمثيل للمجلس الوطني الكردي وللأكراد في مؤتمر الحوار الوطني المزمع عقده لاحقاً، والتصريحات التي تناول فيها الشرع الملف الكردي، كانت إيجابية وتركت ارتياحاً عميقاً عندنا، ونعتقد بأهمية وضرورة إنجاز عملية انتقال سياسي يشارك فيه جميع مكونات الشعب السوري بمن فيهم الكرد بهدف بناء سوريا الجديدة».
وعن المراحل التي وصلت إليها المحادثات الأخيرة بين المجلس الوطني الكردي وأحزاب الوحدة الوطنية الكردية المتحالفة مع «بي. واي. دي» بالرعاية الأمريكية، قال: «نؤكد على ضرورة استكمال المحادثات التي جرت عام 2020 بالرعاية الأمريكية وعدم العودة إلى نقطة الصفر في المفاوضات الحالية باعتبار أن هناك رؤية سياسية منجزة ومرجعية كردية عليا تم الاتفاق عليها وعلى مهامها، ولابد اليوم من التركيز على اتمام ما سبق بأقصر وقت ممكن».
وشدد يوسف على أن أكراد سوريا مازالوا يتمسكون بمطلبهم تجاه إقامة دولة فيدرالية بعد مستجدات الداخل وسقوط نظام الأسد، وقال: «إن مطالبنا التي طرحناها في بداية اجتماعات لجان تعديل الدستور السوري منذ سنوات، على حالها، ونعتقد أن النموذج الفدرالي قد أثبت جدواه في الحفاظ على وحدة الدول وزيادة وتيرة نمو الشعوب وتطورهم، لكننا منفتحون ذات الوقت على الحوار فيما يخدم الدولة السورية في المرحلة المقبلة، ونحن جزء من الشعب السوري وناضلنا لعشرات السنين في مواجهة النظام السابق».
- القدس العربي