باريس: أصدرت قاضيتا تحقيق فرنسيتان مذكرة توقيف بحق الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد الذي منح لجوءا إنسانيا في روسيا، بشبهة التواطؤ في جرائم حرب في قصف لمدينة درعا في 2017 أوقع قتيلا مدنيا يحمل الجنسيتين الفرنسية والسورية.
وهذه ثاني مذكرة توقيف تصدر عن قضاة فرنسيين في دائرة مكافحة الجرائم ضد الإنسانية في المحكمة الجنائية في باريس، وتستهدف الأسد الذي أطيح به في كانون الأول/ديسمبر 2024.
وأفاد مصدر مطّلع بأن مذكّرة التوقيف صدرت الإثنين في ختام تحقيقات خلصت إلى أن صلاح أبو نبوت وهو مواطن سوري فرنسي يبلغ 59 عاما واستاذ لغة فرنسية سابق، قتل في السابع من حزيران/يونيو 2017 جراء قصف منزله بمروحيات تابعة للجيش السوري.
وأتى صدور المذكرة بطلب من النيابة العامة الوطنية لمكافحة الإرهاب (بنات) وفق المصدر نفسه.
وتفيد عناصر التحقيق بأن “بنات” تعتبر أن بشار الأسد لم يعد في منصبه ولا يتمتع تاليا بحصانة شخصية تحميه من أي ملاحقة قضائية أمام محاكم أجنبية بموجب ممارسة في القانون الدولي تستند إلى احترام السيادة المتبادل.
ويعتبر القضاء الفرنسي أن بشار الأسد أمر بهذا الهجوم ووفر له الوسائل الضرورية بصفته “قائدا أعلى للقوات السورية”.
وسبق أن صدرت مذكرات توقيف في حق ستة ضباط في الجيش السوري بشبهة التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب في إطار هذا التحقيق القضائي الذي بوشر في 2018.
“مصلحة السوريين ”
وقال عمر أبو نبوت نجل الضحية “إن هذه القضية تتويج لطريق طويل نحو العدالة التي آمنت وعائلتي بها منذ البداية. نحن سعيدون خصوصا بأن المدعي العام وقاضي التحقيق استجابا لمطالبنا ومطالب السوريين الضحايا، ونامل أن تكون هناك محاكمة وأن يتم القبض على المسؤولين في نهاية المطاف ومحاكمتهم أينما كانوا”، وفق ما نقل عنه المركز السوري للإعلام وحرية التعبير.
في تشرين الثاني/نوفمبر 2023 صدرت مذكرة توقيف أولى في حق بشار الأسد في إطار هجمات بأسلحة كيميائية نسبت إلى قواته في الخامس من آب/أغسطس في عدرا ودوما (450 جريحا) وفي 21 آب/أغسطس 2013 في الغوطة الشرقية حيث قتل أكثر من ألف شخص وفق الاستخبارات الأميركية، بغاز السارين.
في حين أقرّت النيابة العامة بأنه “من المحتمل” أن يكون بشار الأسد قد شارك في هذه الهجمات، اعترضت الهيئة على الأسس القانونية لصدور هذه المذكّرة التي تم تأكيدها بالاستئناف، معتبرة أن المُلاحَق يتمتّع بالحصانة إذ كان ما زال، لدى صدورها، رئيس دولة.
ويتعيّن حاليا على محكمة التمييز النظر في التماس النيابة العامة في 26 آذار/مارس.
في المجموع أصدر القضاء الفرنسي 14 مذكّرة توقيف بحق مسؤولين سوريين كبار، وفق تعداد لوكالة فرانس برس.
ومن بين المستهدفين ثلاثة رجال حُكم عليهم غيابيا في باريس بالحبس مدى الحياة في أيار/مايو 2024، لضلوعهم في إخفاء قسري وموت مواطنَين فرنسيَّين-سوريَّين، هما مازن دباغ وابنه باتريك اللذان اعتقلا في العام 2013.
وقالت المحامية كليمانس بيكتارت، وكيلة الدفاع عن عمر أبو نبوت، في بيان مشترك مع المركز السوري للإعلام وحرية التعبير “يجب أن تصب هذه الخطوات في مصلحة السوريين الذين هم الأقدر على تصميم مسار العدالة الانتقالية التي كانوا يأملون في تحقيقها منذ سنوات عدة”.
في 17 كانون الثاني/يناير، التقى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، في دمشق، القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع للبحث في كيفية تعزيز جهود السلطات الجديدة لتحقيق العدالة في جرائم يعتقد أنها ارتكبت إبان حكم الأسد.
بدأ النزاع السوري في منتصف آذار/مارس 2011 باحتجاجات شعبية ما لبث أن قمعها النظام. ثم تحولت الى نزاع مسلح أسفر عن مقتل أكثر من نصف مليون شخص وتدمير البلاد.
(أ ف ب)
- القدس العربي