دمشق ـ «القدس العربي»: ربما لم تشهد سوريا مثل الاحتفالات التي عمت مدنها مساء الثلاثاء، بعد إعلان أمريكا رفع العقوبات، إلا قبل أكثر من خمسة أشهر عندما سقط نظام بشار الأسد.
فما إن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الرياض، رفع العقوبات عن البلاد حتى بدأت الساحات العامة والشوارع الرئيسية في كبرى المدن تعج بالمحتفلين منذ نحو الساعة الثامنة والنصف من مساء الثلاثاء وحتى ساعات الفجر الأولى من صباح يوم أمس الأربعاء.
الاحتفالات امتدت من ساحة الأمويين والطرق الرئيسية المؤدية إليها في العاصمة دمشق وصولا إلى حي وسوق الميدان التاريخي، ومنها إلى ساحة سعد الله الجابري في حلب، مرورا بساحات الساعة في حمص والنواعير في حماة، وكذلك في إدلب واللاذقية وطرطوس وحتى في جزيرتها أرواد، وجنوبا في عاصمة الثورة درعا.
ولم تخل الاحتفالات من إطلاق الألعاب النارية والمفرقعات، وزمامير السيارات والدراجات النارية، وظهرت الأعلام السورية والسعودية بكثافة ولكن اختفت منها الأمريكية، وربما لعدم توفرها ليس إلا، والكل كان يريد المشاركة والفرحة تعلو الوجوه وحتى عائلات بأكملها كانت تشارك بالأفراح كل حسب استطاعته.
وفي بعض الساحات كان المشاركون يهتفون بالأناشيد الثورية والأهازيج التراثية ناقلين التحية إلى الرئيسين السوري أحمد الشرع والأمريكي دونالد ترامب وإلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حتى باتت حركة الشكر التي عبر عنها بن سلمان خلال كلمة ترامب بعد إعلانه رفع العقوبات «ترندا» على صفحات التواصل الاجتماعي، وطالب كثير من السوريين لاعبهم المحترف في الدوري السعودي عمر السومة أن يؤدي التحية ذاتها عند تسجيله الأهداف في المباريات المقبلة.
ولم تخلُ الاحتفالات من «النهفات» التي اعتاد السوريون على ابتكارها، فظهر شاب وسط ساحة النواعير في حماة على الأكتاف وهو يحمل لافتة بين عشرات الشبان من أقرانه، وقد كتب عليها «رفعوا العقوبات جوزونا»، مختصرا كثيراً من المأساة التي عاشها ويعيشها السوريون حتى اللحظة، نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية التي لعبت العقوبات الأمريكية دورا رئيسيا فيها. وامتدت الفرحة من الساحات والطرق العامة في المدن السورية، إلى الساحات الزرقاء على صفحات «فيسبوك»، حيث امتلأ العديد من الحسابات الشخصية بصورة مشكلة عبر الذكاء الاصطناعي، تضم شاحنة صغيرة من نوع «سوزوكي» المشهورة في سوريا، تقف في واحدة من أحياء دمشق وهي تحمل صورة كبيرة في صندوقها للرئيس ترامب وكتبت أسفلها عبارة «منحبك» والأعلام الأمريكية والسورية منتشرة في الشارع.
كما تداول دمشقيون صورا أخرى لترامب وهو نائم في برجه الذي سيشيده في دمشق، حسب ما كانت قد نشرته وكالة «رويترز» قبل أيام عن فتح باب الاستثمار أمام الرئيس الأمريكي شخصيا للاستثمار في البلاد، الأمر الذي عادت وكالة الأنباء البريطانية تأكيده أمس الأربعاء نقلا عن مصادر في البيت الأبيض بأن «الشرع أبلغ ترامب بأنه يدعو الشركات الأمريكية للاستثمار في قطاع النفط والغاز في سوريا». ومن الصور اللطيفة التي ظهرت على صفحات التواصل واحدة لحافلة أمريكية لنقل الركاب، يقودها راعي بقر أمريكي بخلفية للكونغرس وتحمل لافتة على أنها مخصصة للنقل بين منطقة البرامكة في دمشق وواشنطن.
وتحولت رقصات ترامب التي اشتهر بها خلال حملته الانتخابية الأخيرة، إلى «ترند» آخر ملأ القصص الشخصية على فيسبوك او انستغرام، حتى أن الإعلامي موسى العمر نشر قصة له وهو يؤدي ذات الرقصة، ما فتح بابا للتعبير عن مدى فرحة السوريين بالرئيس الأمريكي، وإن ذكّره آخرون بانتقادات كان قد وجهها لترامب في ولاياته السابقة، اعتبره خلالها أنه كان أحد داعمي نظام بشار الأسد ولم يسع جديا لإسقاطه. وتحت عنوان ساخر «لا تتفاءلوا كثيراً» قالت إحدى الصفحات «إنه ورغم اللقاء التاريخي الذي جرى بين الطرفين، والاتفاق على رفع العقوبات، فلا يزال كل من الرئيس الأمريكي والرئيس السوري مطلوبين للعدالة أمام القضاء العراقي».
وحضرت النكتة ما بين مدينتي حماة وحمص في طقوس الاحتفالات، وكتبت الناشطة الحقوقية والاجتماعية سلوى زكزك على صفحتها: «الحموية رافعين لافتة انو حلاوة الجبن سعودية، فردوا الحماصنة وقالولهن: طبعا يلي مو تعبان بالغرض بيتخلى عنه بسهولة».
- القدس العربي