دمشق ـ «القدس العربي»: أعلن السفير الأمريكي لدى تركيا، توم باراك، أمس الجمعة، توليه منصب المبعوث الخاص إلى سوريا.
وكتب في منشور على منصة «إكس» أن «رفع العقوبات عن سوريا سيحافظ على هدفنا الأساسي المتمثل في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية نهائيا، وسيمنح الشعب السوري فرصة لمستقبل أفضل».
وأكد في بيان، أن بلاده شرعت في تنفيذ رؤية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتعلقة بإرساء الاستقرار في سوريا وفتح آفاق التنمية في المنطقة، وذلك من خلال رفع العقوبات الصارمة المفروضة على دمشق.
وأوضح أن «الرئيس ترامب وضع رؤية واضحة لشرق أوسط مزدهر ولسوريا مستقرة تعيش بسلام مع نفسها ومع جيرانها»، مشيراً إلى أن «الرئيس التزم في 13 أيار برفع العقوبات الأمريكية الصارمة عن سوريا لتمكين الحكومة الجديدة من تحقيق استقرار البلاد».
وأشار إلى أن وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، يتولى حالياً مسؤولية تنفيذ هذه الرؤية، قائلاً إن الوزير «صرح بأن رفع العقوبات يفتح فرصاً هائلة في المنطقة لكل أشكال السلام والأمن ونهاية النزاعات والحروب».
وأكد باراك أنه يفخر بتوليه دور المبعوث الأمريكي الخاص لسوريا، وبدعمه الكامل للوزير روبيو في تنفيذ خطة الرئيس ترامب، مضيفاً: «أن رفع العقوبات عن سوريا سيحافظ على سلامة هدفنا الرئيسي، وهو الهزيمة الدائمة لتنظيم «داعش»، كما سيمنح الشعب السوري فرصة لمستقبل أفضل».
وشدد على أهمية التعاون الإقليمي في هذه المرحلة، وقال: «بهذه الطريقة، فإننا بالتعاون مع شركائنا الإقليميين، بما في ذلك تركيا ودول الخليج، نمكن الحكومة السورية من استعادة السلام والأمن وأمل الازدهار»، مختتماً تصريحه بالاقتباس من الرئيس ترامب: «سنعمل معاً، وسننجح معاً».
وعقب إعلان الرئيس دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا، أعلنت البعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة أن واشنطن بدأت اتخاذ خطوات نحو استعادة العلاقات الدبلوماسية الطبيعية مع سوريا، مؤكدة تطلعها لدعم جهود إعادة بناء الاقتصاد السوري.
وأشارت إلى أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية حتى الآن «ترفع سقف التوقعات لما يمكن تحقيقه في المرحلة المقبلة»، في إشارة إلى بوادر إيجابية على صعيد العلاقات بين البلدين.
توجّه جديد
واعتبر مدير مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، عمار قحف، في تصريح لـ «القدس العربي»، أن الخطوات الأمريكية الأخيرة، وعلى رأسها رفع العقوبات، تعكس توجها جديدا يتبلور في واشنطن.
محللون لـ«القدس العربي»: استعادة علاقات دمشق وواشنطن تحوّل استراتيجي
وأوضح أن الإدارة الأمريكية ترى في المرحلة الراهنة فرصة استراتيجية لإعادة الانخراط في الملف السوري، خصوصاً من خلال التنسيق مع الحلفاء الإقليميين، مثل تركيا والسعودية.
ورأى أن رفع سقف التوقعات يحمل آفاقا جديدة للعلاقات بين دمشق وواشنطن، لكنه رهن ذلك بمسار تراكمي لبناء الثقة، وهو مسار طويل ومعقد.
واعتبر أن هذه التحركات تأتي امتدادا لانفتاح سابق بدأ بلقاء الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، وتأكد لاحقاً بتعيين السفير الأمريكي في أنقرة مبعوثاً خاصاً إلى سوريا.
وأضاف أن المؤشرات الحالية توحي بوجود إرادة أمريكية لرفع العقوبات بشكل كامل، تمهيدا لخلق بيئة ملائمة للاستثمار والاستقرار، ما يشير إلى اعتراف بوجود خطوات إيجابية على الأرض في سوريا.
أما الباحث السياسي والاقتصادي السوري طلال عبد الله جاسم، فقد قال لـ«القدس العربي» إن الولايات المتحدة تدعم استقرار سوريا، مشيرا إلى توجه وزير الخارجية الأمريكي إلى مجلس النواب لاتخاذ إجراءات تشريعية تنهي العقوبات المفروضة على سوريا. واعتبر ذلك دليلا على التوجه الإيجابي للإدارة الأمريكية تجاه الحكومة السورية.
وأشار إلى أن إسرائيل تبدو على وشك التراجع عن محاولات زعزعة استقرار سوريا، مما يفتح الطريق أمام أوروبا والعالمين العربي والإسلامي لدعم الحكومة والشعب السوري والاستثمار في البلاد، ومضيفا أن هناك فريقا اقتصاديا سوريا مؤهلا يمكنه قيادة المرحلة المقبلة والاستفادة من هذه التحولات، خصوصا بعد رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية والبريطانية. وشدد على أن العوامل الدولية المعطلة لإعادة الإعمار قد زالت، وباتت الكرة في ملعب الحكومة السورية ورجال الأعمال المحليين.
كذلك تحدث الباحث السياسي والاقتصادي عبد الرحمن رياض لـ «القدس العربي» عن الأبعاد الاقتصادية والاستراتيجية للخطوات الأمريكية، مؤكدا أن رفع العقوبات يتزامن مع استعادة العلاقات الدبلوماسية، وهو ما يعكس «تحولاً جذريا في المقاربة الغربية للملف السوري». واعتبر أن الولايات المتحدة أدركت أن سياسة العزلة والعقوبات لم تحقق أهدافها، بل ساهمت في تعميق الأزمة السورية، ما أتاح المجال لقوى دولية مثل روسيا والصين لتوسيع نفوذها في سوريا. وتسعى واشنطن الآن لإعادة التوازن الاستراتيجي من خلال الانخراط مع دمشق، دون تقديم اعتراف كامل بالنظام السياسي القائم.
انتعاش اقتصادي
على الصعيد الاقتصادي، رأى رياض أن رفع العقوبات سيمهد الطريق لتدفقات مالية واستثمارية من دول الخليج، ما يعزز مشاريع إعادة الإعمار في قطاعات حيوية مثل الطاقة والزراعة والإسكان، إضافة إلى عودة المؤسسات المالية الدولية إلى سوريا.
وتوقع أن يشهد الاقتصاد السوري تعافياً سريعاً في المرحلة الأولى، من خلال ترميم المدارس والمستشفيات والبنية التحتية، ودعم الصناعات المحلية، ما يؤدي إلى تقليص الاعتماد على المساعدات وعودة تدريجية للنازحين واللاجئين. واختتم بالإشارة إلى أن رفع العقوبات وعودة واشنطن إلى مسار التطبيع مع دمشق يمثلان تحولاً استراتيجياً، قد يُترجم إلى مرحلة جديدة من التعاون تحت عنوان «التطبيع المشروط»، شرط أن تقابلها مرونة سورية في ملفات الحقوق والحريات والتعاون الأمني.
واعتبر أن هذه الخطوة الأمريكية تمثل نافذة أمل لإنعاش الاقتصاد السوري وخلق بيئة استثمارية وتنموية جاذبة، شريطة استثمار هذه اللحظة سياسياً واقتصادياً بواقعية وشراكات استراتيجية طويلة الأمد.
- القدس العربي