لندن – “القدس العربي”:
قال المعلق في صحيفة “واشنطن بوست” ديفيد إغناطيوس إن الشرق الأوسط يواجه لحظة دبلوماسية واضحة، مشيرا إلى أن وقف إطلاق النار في غزة قد يقود إلى سلام واسع. وقال إن “اليوم التالي” للحرب في غزة ربما اقترب أخيرا، حيث تناقش إسرائيل والولايات المتحدة ودول عربية رئيسية شروط ما يأمل المسؤولون أن تكون هدنة دائمة.
وأشار الرئيس دونالد ترامب إلى محاولة تفاوضية جديدة يوم الثلاثاء عندما نشر أن “إسرائيل وافقت على الشروط اللازمة لإتمام وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما، وخلال هذه الفترة سنعمل مع جميع الأطراف لإنهاء الحرب”.
ولم توافق حماس بعد، لكن مسؤولين عربا على اتصال بقادة الحركة نقل عنهم الكاتب أنها قد توافق قريبا.
قال مسؤولون إسرائيليون وعرب إن اتفاق غزة قد يفتح الباب أمام اتفاقية سلام أوسع بكثير
وقال مسؤولون إسرائيليون وعرب إن اتفاق غزة قد يفتح الباب أمام اتفاقية سلام أوسع بكثير. والأمل هو توسيع نطاق اتفاقيات إبراهيم التي أبرمها ترامب عام 2020 لتشمل المزيد من دول المنطقة.
وقد يشمل ذلك تطبيع العلاقات الإسرائيلية مع السعودية واتفاقية أمنية مع الحكومة السورية الجديدة.
ويحتاج رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى قاعدة سياسية أوسع لتحقيق هذه الأهداف الطموحة، وهناك تكهنات واسعة النطاق بين المحللين السياسيين في إسرائيل بأن نتنياهو قد يدعو قريبا إلى انتخابات. فهو في ذروة شعبيته المتجددة في أعقاب هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
ويتوقع أنصاره أن حزبه الليكود قد يحقق أداء جيدا لدرجة أن نتنياهو قد يتمكن من التخلي عن حلفائه اليمينيين في الائتلاف، الذين يعارضون أي تنازلات بشأن القضية الفلسطينية، وتشكيل حكومة يمين وسط جديدة.
ويقول إغناطيوس إن قيادة جهود السلام الجديدة فكرة عظيمة: يجب على ترامب ونتنياهو اغتنام الفرصة وتوسيع نطاق هدنة الشهر الماضي بين إسرائيل وإيران إلى اتفاق إقليمي. ونقل الكاتب عن مسؤول إماراتي بارز قوله هذا الأسبوع: “يمكن لترامب أن ينتهز هذه الفرصة لتوسيع نطاق وقف إطلاق النار مع إيران ليشمل غزة وما وراءها”. و”كيف نفكر على نطاق واسع ونتخيل أن هذه نقطة محورية محتملة في التاريخ؟ كن جريئا وانطلق نحو الجائزة الأكبر”.
ويبني هذا النهج على فكرة أن الشرق الأوسط قد وصل إلى نقطة تحول – بعد انتصارات إسرائيل العسكرية على حماس وحزب الله وإيران، وأن الوقت قد حان لترجمة هذه المكاسب إلى هيكل أمني جديد.
وقال المسؤول الإماراتي: “عندما تنتصر على خصومك، عليك أن تفكر في الفوز باللعبة طويلة المدى، وهي التكامل والقبول في منطقتنا. هذه نصيحتنا للإسرائيليين”.
المهمة الأولى هي التوصل إلى اتفاق أكثر محدودية بشأن غزة، من شأنه وقف القتال هناك والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين.
عمل مبعوث الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، عن كثب مع جهات قطرية ومصرية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لكسر الجمود المستمر منذ انتهاء الاتفاق السابق في آذار/مارس
وقد عمل مبعوث الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، عن كثب مع جهات قطرية ومصرية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لكسر الجمود المستمر منذ انتهاء الاتفاق السابق في آذار/مارس. وناقش المفاوضون الإسرائيليون والأمريكيون حزمة قد تشمل العناصر التالية: هدنة لمدة شهرين، تفرج خلالها حماس دون مراسم عن الأسرى العشرة الأحياء وجثث الأسرى الثمانية عشر والتزاما من الولايات المتحدة ومصر وقطر بالسعي إلى إنهاء دائم للحرب خلال هدنة الستين يوما ونفيا محتملا لقيادة حماس إلى دولة أخرى وحرية بعض فلسطينيي غزة في البحث عن عمل في دول عربية أخرى.
وإذا أمكن التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم، فإن المفاوضين يتصورون إطارا جديدا لحكم غزة.
ويعلق الكاتب أن التفاصيل غير واضحة، لكن مصادر مقربة من المفاوضات تتحدث عن انتقال تدريجي للحكم من قبل فلسطينيين غير تابعين لحماس، بدعم من خمس دول عربية رئيسية: مصر، والأردن وقطر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. سيتم سحب القوة الأمنية من بعض هذه الدول على الأقل ودعمها بمتعاقدين أمريكيين. وقد تقدم الولايات المتحدة أيضا دعما لوجستيا ودعما للقيادة والتحكم من قاعدة خارج غزة، ربما في مصر.
ويقول إغناطيوس إن الإمارات العربية المتحدة ستكون أيضا طرفا رئيسيا في عملية الانتقال السياسي، وقد ناقشت مؤخرا خطة مفصلة للحكم مع رون ديرمر، المستشار المقرب من نتنياهو، ومسؤولين أمريكيين.
وسيبدأ الاقتراح الإماراتي، الذي عرضه مسؤول إماراتي بارز للكاتب، “اليوم التالي” بدعوة من السلطة الفلسطينية إلى شركاء في عملية الانتقال، مثل الأردن ومصر والسعودية والولايات المتحدة ودول أوروبية.
وسيقوم الشركاء بعد ذلك “بفحص وتجنيد وتدريب وتجهيز قوات الأمن الفلسطينية الجديدة والساكنة في قطاع غزة غير التابعة لحماس”، وفقا لما يوصي به الاقتراح. وسيساهم الشركاء العرب والدوليون بأموال للمساعدات الإنسانية وإعادة إعمار غزة من خلال صندوق مخصص. وسيتم تعزيز هذه المهمة بقرار من الأمم المتحدة. كما تتصور خطة الإمارات سلطةً فلسطينيةً “تم إصلاحها”، مع ما يصفه المقترح بأنه “رئيس وزراء جديد موثوق مستقل، ومفوض”. وقد يمهد هذا الطريق لحكومة فلسطينية مستقبلية يمكنها في نهاية المطاف الإشراف على غزة والضفة الغربية.
وقال الكاتب إن العديد من المسؤولين العسكريين والأمنيين الإسرائيليين يدعمون فكرة إصلاح السلطة الفلسطينية حتى تتمكن من المساعدة في استقرار غزة بعد الحرب وتصبح في نهاية المطاف حكومة موثوقة تعمل مع إسرائيل.
عارض ائتلاف نتنياهو اليميني بشدة أي دور للسلطة، بل إن بعضهم يطالب بضم الضفة الغربية، لكن الانتخابات قد تزيل هذا الحاجز
وقد عارض ائتلاف نتنياهو اليميني بشدة أي دور للسلطة، بل إن بعضهم يطالب بضم الضفة الغربية، لكن الانتخابات قد تزيل هذا الحاجز. وقد أكد مسؤولون سعوديون وإماراتيون في الأشهر الأخيرة أنه ما لم يقدم نتنياهو تنازلات بشأن القضية الفلسطينية ويقبل بدور للسلطة، فلن تتحقق آماله في تطبيع العلاقات مع السعودية. وبمجرد انتهاء الحرب، سيكون نطاق الإغاثة وإعادة الإعمار اللازم في غزة هائلا، حسبما يقول.
وقدر تحليل أجرته الأمم المتحدة لصور الأقمار الصناعية في أيلول/سبتمبر الماضي أن 66% من جميع المباني قد تضررت أو دمرت. وبعض التقديرات أعلى من ذلك. وقد جادل ترامب بأنه ينبغي السماح لسكان غزة بمغادرة “منطقة الهدم” هذه للعمل في دول أخرى خلال فترة إعادة الإعمار.
ويذكر الكاتب أن ترامب تحدث خلال ولايته الأولى عن “صفقة القرن” التي من شأنها حل المشكلة الفلسطينية وإحلال السلام في المنطقة. ولا يزال لديه هذا الطموح، وهو يحظى بالتشجيع من السعودية وقطر والإمارات، وهي أقوى ثلاث دول عربية حليفة له. إن تغيير الشرق الأوسط هدف جيد جدير بالثناء، ولكنه بالغ الصعوبة. بإمكان ترامب أن يبدأ بإنهاء حرب غزة ومساعدة شركائه العرب على إرساء الممر، وربما برز من وراء ذلك مسار جديد نحو السلام الإقليمي.
- القدس العربي