دمشق – وكالات: فيما قال مسؤول حكومي سوري، أمس الإثنين، إن حكمت الهجري، أحد مشايخ الدروز يطالب بـ «منطقة حكم ذاتي» في السويداء، دخلت إلى المحافظة قافلة مساعدات جديدة، وسط تحذير أممي من تفاقم الوضع الإنساني.
وشهدت محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية بدءا من 13 تموز/يوليو ولمدة أسبوع، اشتباكات اندلعت بين مسلحين من البدو ومقاتلين دروز، قبل أن تتوسع مع تدخل القوات الحكومية ومسلحي العشائر إلى جانب البدو. وأسفرت الاشتباكات عن مقتل أكثر من 1400 شخص، الجزء الأكبر منهم دروز، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، قبل أن يدخل وقف إطلاق نار حيز التنفيذ.
مقابر جماعية
وجاء حديث المسؤول في الحكومة السورية، الذي فضل عدم ذكر اسمه، مع مجموعة من الصحافيين بشأن الوضع الإنساني في السويداء.
وأشار إلى أن عدد الأفراد الذين لم يتم التحقق من هوياتهم قبل أن يدفنوا في مقابر جماعية خلال الاشتباكات التي أعقبت 13 يوليو/تموز الماضي، قد وصل إلى مئات الأشخاص.
وتحدث عن دخول قافلتين من المساعدات الإنسانية إلى السويداء منذ وقف إطلاق النار الذي أعلنته الرئاسة السورية، وأن القافلتين محملتان بالوقود والغذاء والإمدادات الطبية.
ولتوسيع نطاق المساعدات الإنسانية، أوضح أن قافلة مساعدات ثالثة ستصل إلى السويداء الإثنين (أمس).
وأفاد أن الهجري في السويداء منع كافة الفرق الخدمية التابعة لدمشق من دخول المدينة.
وأكد أن الهجري استولى على قوافل مساعدات إنسانية أُرسلت إلى المدنيين المتضررين من القتال، ووزعها على جماعته وأقربائه.
وأشار المسؤول إلى إجلاء 150 ألف مدني من السويداء إلى محافظة درعا المجاورة.
ولفت الى وجود «أزمة إنسانية» خطيرة في محافظة درعا.
وأوضح المسؤول أن المدنيين الذين تم إجلاؤهم تم إيواؤهم في ملاجئ مؤقتة وفي المدارس.
ولفت إلى أن الهجري سمح فقط لمركبات الهلال الأحمر العربي السوري بالدخول إلى السويداء، وأنهم يعملون على توسيع نطاق التواصل مع منظمات الإغاثة الأجنبية لإيصال المساعدات.
وأفاد المسؤول استنادا لمعلومات استخباراتية، دفن مئات المدنيين البدو ومقاتلي العشائر وقوات أمن وزارة الداخلية في مقابر جماعية، ممن قتلوا في الاشتباكات والهجمات الإسرائيلية.
وأشار المسؤول إلى أنه في الأيام الأولى للاشتباكات، احتجزت جماعة الهجري حوالي «1500 مدني كرهائن»، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن.
ونفى في الوقت نفسه وجود «رهائن مدنيين» لدى القوات الحكومية أو مقاتلي العشائر.
وأشار إلى أن الحكومة أطلقت سراح 20 مسلحًا من جماعة الهجري كـ»بادرة حسن نية» .
وأضاف أن حوالي 70 عنصرًا من وزارتي الداخلية والدفاع السوريتين كانوا محتجزين لدى جماعة الهجري، وأنه تم التأكد من أنّ 7 فقط منهم ما زالوا أحياء، حسب معلومات استخباراتية.
وصرح المسؤول أن جماعة الهجري في السويداء تطالب اليوم بـ «منطقة حكم ذاتي»، كما فعلت عام 2023. وفي إطار ذلك يطالب بمنطقة حظر جوي في السويداء، ومعبر حدودي مع الأردن.
ولفت إلى أن الشعب السوري متعب من الحرب التي استمرت 14 سنة مع نظام الأسد المخلوع، مؤكدًا ثقته بأن مشاكل البلاد ستحل عبر السلام والحوار تحت إشراف الدولة.
وأمس، دخلت قافلة مساعدات جديدة إلى السويداء، حسب ما أفاد الإعلام الرسمي.
وأفاد التلفزيون السوري الرسمي عن وصول القافلة، وهي الثالثة من نوعها، إلى المحافظة، وبثّ صورا لعبور الشاحنات التي تحمل شعار الهلال الأحمر السوري إلى المحافظة.
وتتألف القافلة، وفق وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا»، من «27 شاحنة تحوي 200 طن من الدقيق، و2000 سلة إيواء، و1000 سلة غذائية، وموادا طبية وغذائية متنوعة»، وذلك بتعاون بين «المنظمات الدولية والحكومة السورية والمجتمع المحلي».ورغم صمود وقف إطلاق النار إلى حد كبير في المحافظة، قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في تقرير أمس الإثنين إن «الوضع الإنساني» في السويداء لا يزال «حرجا في ظل حالة عدم الاستقرار المستمرة والأعمال العدائية المتقطعة».
ولفت التقرير إلى أن «الوصول الإنساني إلى السويداء ما زال مقيدا بشدة بسبب الحواجز الأمنية وانعدام الأمان وغيرها من العراقيل، مما يحدّ من القدرة على تقييم الاحتياجات وإيصال المساعدات الأساسية المنقذة للحياة».
وأدّت أعمال العنف إلى نزوح 176 ألف شخص من منازلهم، وفق المصدر ذاته.
وأسفرت الاشتباكات عن انقطاع خدمات الماء والكهرباء، عدا عن الشح في المواد الغذائية والأدوية والمحروقات. وقال مصور لفرانس برس في السويداء إن السكان يقفون في طوابير طويلة أمام الأفران التي ما زالت تفتح أبوابها للحصول على الخبز.
وأفادت منصة «السويداء 24» الإخبارية المحلية بأن «الاحتياجات الإنسانية في محافظة السويداء فائقة، وتحتاج أضعافا مضاعفة من هذه القوافل، نتيجة الكارثة الإنسانية التي حلت بالمحافظة وطالت مدينة السويداء و36 قرية تعرضت لأضرار كلية أو جزئية».
وتحدثت عن دخول قافلة إغاثية برفقة الهلال الأحمر واللجنة الدولية للصليب الأحمر تضم 27 شاحنة، عبر طريق بصرى الشام – بكا، الذي بات بمثابة ممر إنساني وحيد باتجاه المحافظة.
وبينت ان القافلة محملة بحوالي 200 طن من الطحين، وسلل إيواء وسلل غذائية، 2000 سلة صحية، وفرش وحرامات، أدوية ومواد طبية، ومستلزمات أساسية أخرى منها حليب الأطفال، وفق مصادر تعنى بالشأن الإغاثي.
وقد تجاوزت القافلة حاجز الأمن العام في بصرى الشام، وحاجزا للفصائل المحلية في مدخل محافظة السويداء.
وحسب الصفحة، فإن مصدر المساعدات الإغاثية منظمات دولية منها برنامج الأغذية العالمي والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
كما قالت إن آلاف السكان في محافظة السويداء خرجوا إلى الساحات العامة والشوارع بشكل متزامن في اعتصامات ومظاهرات مطالبين برفع «الحصار» عن محافظة السويداء.
ونشرت الصفحة، الأحد، تحذيرا أطلقته جهات مدنية وإنسانية، حذّرت فيه من تفاقم «الكارثة الإنسانية» في السويداء، معتبرة أن المحافظة «تخضع لحصار خانق متصاعد تفرضه السلطات» أدى إلى «نقص حاد في الموارد الأساسية».
لكنّ محافظ السويداء مصطفى البكور أكّد لوكالة «سانا» أن «قوافل المساعدات الإغاثية والإنسانية تدخل إلى محافظة السويداء يوميا وبشكل طبيعي». وقال «لا توجد أي إعاقة في حركة المرور، والطريق سالك لدخول المنظمات الإغاثية إلى المحافظة» .
وأضاف «نقلت قوافل المساعدات (إلى السويداء) 96 طنا من الطحين، و85 ألف ليتر من المازوت للمشافي والأفران ومؤسسة الاتصالات، ومعدات ومستهلكات جراحية تكفي لـ400 عملية جراحية، وأدوية ومستهلكات طبية، ومواد تغذية ومساعدات إغاثية» .
وأوضح أن «قوافل المساعدات الإغاثية والإنسانية تدخل إلى محافظة السويداء يومياً وبشكل طبيعي من جهة بصرى الشام في ريف درعا (الشرقي)، ولا توجد أي إعاقة في حركة المرور، والطريق سالك لدخول المنظمات الإغاثية إلى المحافظة».
وأكد أن «الورشات الفنية والخدمية تواصل في الوقت ذاته أعمالها على قدم وساق، لإعادة تأهيل بعض المقاطع المتضررة في الطريق، وضمان عودة الحركة الطبيعية إلى كل أرجاء المحافظة».
المساعدات «لم تتوقف»
في السياق، قال وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى: «منذ بداية الأحداث المؤسفة، لم تتوقف قوافل المساعدات الإنسانية عن محاولة الوصول إلى أهلنا في السويداء، يحملها الأمل بأن تصل إلى كل من ينتظر الدعم في هذا الوقت العصيب»، وفق المصدر نفسه.
وأضاف: «نأمل بكل صدق ألا تُعرقل هذه القوافل من الجهة الخارجة عن القانون (لم يسمها) التي تسعى لتوظيف معاناة أهلنا لأهدافها الانعزالية» .
وأكد الوزير السوري أن «الدولة تظل أمام مسؤوليتها الأخلاقية تجاه أبناء السويداء وكل مواطن يعاني، ولن ندخر جهداً من أجل تخفيف معاناتهم وإيصال الدعم إلى من يستحقه» .
- القدس العربي