لندن- “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” افتتاحية قالت فيها إن القادة الأجانب يقومون ومنذ أسابيع، بالضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوقف حربه الكارثية في غزة. وبدلا من ذلك، أمر نتنياهو مجلسه الأمني المصغر الجيش كي ينفذ عملية جديدة في مدينة غزة عاصمة القطاع الممزق، والسيطرة عليها بالكامل.
ومن شأن الخطة الجديدة أن تلحق المزيد من الموت والدمار بـ2.1 مليون فلسطيني داخل القطاع المحاصر. وهذا يعني مقتل المزيد من المدنيين وتهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين قسرا مرة أخرى، حتى في الوقت الذي تطارد فيه مجاعة من صنع الإنسان القطاع.
ولن تكون هذه سوى البداية، ومن المرجح أن تكون الأهداف التالية هي المناطق الحضرية في وسط غزة حيث لم تنتشر القوات الإسرائيلية على نطاق واسع بعد، ويعتقد أن حماس تحتجز أسرى إسرائيليين هناك.
وبتأييده للخطة، يقول نتنياهو للعالم الذي يزداد استياؤه منه، إنه لا يأبه بالانتقادات، بل يلوح للعالم بعلامة الاحتقار والتحدي المعروفة في بريطانيا (رفع السبابة والإصبع الأوسط وراحة اليد للداخل)، كما أنه يتجاهل نصائح قادته العسكريين ورغبات عائلات الأسرى وغالبية الإسرائيليين.
وقد بدأ الكثيرون أخيرا يدركون الضرر الذي تلحقه الحرب بإسرائيل، دبلوماسيا واقتصاديا واجتماعيا.
وأضافت الصحيفة أن توسيع مجال الحرب، سيكون كارثيا على إسرائيل والفلسطينيين، وسيعرّض حياة الأسرى العشرين المتبقين الذين احتجزتهم حماس خلال هجومها في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023. وسيعني ذلك تعبئة آلاف من جنود الاحتياط وإرهاق جيش منهك وتعريض المزيد من أرواح الإسرائيليين للخطر. كما سيزيد من تآكل المكانة الأخلاقية لإسرائيل.
وتقول الصحيفة إن الدولة اليهودية، فقدت ومنذ زمن طويل، أي مبرر لمواصلة هجومها ردا على هجوم حماس، مع تزايد الأدلة على جرائم الحرب ومقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين.
ومع ذلك، يصر نتنياهو على أن مهمته هي “النصر الكامل” على حماس. ويعني بهذا تحرير الأسرى ونزع سلاح غزة، وضمان السيطرة الإسرائيلية على القطاع، وفي النهاية، إنشاء “إدارة مدنية” تستبعد الجماعة المسلحة والسلطة الفلسطينية، وهي الهيئة المدعومة من الغرب والتي تدير أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.
لكنه لم يقدم قط خطة متماسكة تتجاوز تدمير القطاع وتهجير الفلسطينيين قسرا. وقبل الإعلان عن التوسع الأخير، كان ما يقرب من 90% من غزة خاضعا لأوامر إخلاء إسرائيلية أو داخل مناطق عسكرية.
وتقول “فايننشال تايمز” إن نتنياهو لم يفكر جديا قط في أي بديل محتمل. فقد عكفت بريطانيا وفرنسا ودول عربية على صياغة خطة تتوخى تشكيل لجنة من التكنوقراط الفلسطينيين، بدعم من السلطة الفلسطينية، لحكم غزة، على أن تشرف على الأمن الشرطة المحلية وأفراد من السلطة الفلسطينية.
وقد طرحوا فكرة نشر قوة دولية “لتعزيز الاستقرار” في القطاع. والأهم من ذلك، أن الدول العربية انضمت أخيراً إلى حلفائها الأوروبيين في الاعتراف علنا بضرورة تخلي حماس عن السلطة ونزع سلاحها. ومع أن الخطة ليست مثالية، وقد لا تكون قابلة للتنفيذ، لكنها أفضل بكثير من البديل الذي يعتزم نتنياهو السعي إليه.
فقد رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي وبشكل مستمر، الجهود الأمريكية والعربية لضمان وقف إطلاق نار دائم وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، على الرغم من تدمير الهيكل العسكري لحماس ومقتل قادتها. وبدلا من ذلك، يقدم نتنياهو، الذي يحاكم بتهمة الفساد والمرتبط بالمتطرفين في ائتلافه الحاكم، مصالحه السياسية على مصالح الإسرائيليين.
وتعتقد صحيفة “فايننشال تايمز” أن الرئيس دونالد ترامب هو الرجل الوحيد الذي يملك الثقل السياسي لمحاسبة نتنياهو. لكن بينما يبدو أن الرئيس الأمريكي قد أدرك أخيرا حجم المجاعة التي سببها استخدام إسرائيل للمساعدات كسلاح، فإنه إما غير راغب أو غير قادر على إجبار نتنياهو على إنهاء الحرب. وهو في هذا، لا يخذل الفلسطينيين فحسب، بل إسرائيل أيضا.
وتعتقد الصحيفة أن هناك فرصة ضئيلة لمنع تحول مخطط نتنياهو الكارثي الأخير إلى واقع. ويجب على ترامب، وحلفاء إسرائيل الآخرين، التحرك الآن لمنعه.
- القدس العربي