دمشق ـ «القدس العربي»: رُفع حظر التجوال وعادت الحياة إلى طبيعتها واستؤنفت الدراسة في أحياء في مدينة حمص، التي شهدت توترات عقب جريمة قتل، رجحت السلطات، أمس الإثنين، أن دافعها جنائي، وليس طائفيا، كما أعلنت اعتقال أكثر من 120 شخصاً على صلة بالجريمة.
جريمة زيدل
واستفاق أهالي حمص الأحد على جريمة راح ضحيتها إمام مسجد يدعى عبد الله العبود وزوجته، من أبناء قبيلة بني خالد، في بلدة زيدل، تبعتها ردود فعل وهجمات ضد أحياء يقطنها علويون، ما دفع قوات الأمن للتدخل وفرض حظر تجوال. وأعلنت السلطات وجود عبارات في موقع الجريمة تحمل طابعا طائفيا.
مسؤول أمني قال في تصريح لـ «القدس العربي» إن مديرية أمن حمص رفعت حظر التجوال عن جميع أحياء حمص وعادت الحياة إلى طبيعتها التامة في كل من العباسية، والأرمن، والمهاجرين، والزهراء، النزهة، وعكرمة، والنازحين، وعشيرة، وزيدل، وكرم الزيتون، وكرم اللوز، وحي الورود، ومساكن الشرطة.
ولفت دون ذكر اسمه إلى أن الجريمة النكراء في حمص لن تكون بوابة للفتنة، مشيرا إلى أن التحقيقات الأولية ترجح وجود دافع جنائي، وليس طائفيا خلف الجريمة.
كذلك أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا، مساء الإثنين، أن الجريمة تندرج ضمن الإطار الجنائي البحت، وليست ذات منحى طائفي.
وأوضح في مؤتمر صحافي عقده في حمص، أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن العبارات الطائفية التي تم تدوينها في مكان الحادثة كانت تهدف إلى التمويه وإثارة الفتنة في مدينة حمص، مشدداً على أن هذه الجريمة النكراء مرفوضة بكل المقاييس المجتمعية، وأن الدولة مستمرة في مطاردة الجناة وكشف ملابسات الجريمة.
وأشاد بوعي سكان حمص ومكوناتها الاجتماعية، والذي كان له دور حاسم في منع استغلال الحادثة لإحداث انقسامات، لافتاً إلى أنه يشعر بالاطمئنان تجاه حمص التي لطالما قدمت نموذجاً للتعايش.
وأكد أهمية الاستجابة السريعة والفعالة من قبل مختلف الأجهزة الحكومية، وأشار إلى أن تلك الجهود لم تكن لتتحقق دون التعاون الكبير من سكان المدينة، منوهاً بالدور المؤثر الذي لعبه وجهاء وشيوخ العشائر في رفض أي أعمال تخريبية والمساهمة في الحدّ من آثار الحادثة.
رفع حظر التجوال… والسلطات تؤكد أن قتل الزوجين دافعه جنائي… وشيخ علوي يدعو لاعتصامات
وفيما يتعلق بقرار حظر التجوال أوضح أن تمديده يعتمد على التطورات الميدانية، لافتاً إلى أن الحواجز الأمنية التي أقيمت تعد تدبيراً مؤقتاً يشمل مناطق متعددة، وليس حمص وحدها.
وقال: إن الحياة اليومية في أحياء حمص بدأت تعود تدريجياً إلى طبيعتها، مع عودة حركة المواطنين واستئناف المحال التجارية لنشاطها، بفضل الجهود المبذولة لاحتواء الموقف.
كما أشار البابا في تصريحات تلفزيونية إلى توقيف أكثر من 120 شخصاً على صلة بالجريمة.
وأكد أن الوزارة ستعلن قريبا عن أسماء المتورطين، وأوضح أن العبارات الطائفية التي وجدت في موقع الجريمة تهدف إلى التمويه والتغطية على هوية المنفذين الحقيقية.
في غضون ذلك، أزال مجلس مدينة حمص مخلفات الشغب وعمل على تنظيف الشوارع في حيي المهاجرين والأرمن، لمعالجة الأضرار الناجمة عن أعمال التخريب والحرق التي حصلت أمس وطالت بعض الممتلكات والسيارات.
وأوضحت محافظة حمص في بيان، أن الورشات ستواصل عملها بهدف استكمال إزالة كل المخلفات وإعادة تأهيل الشوارع المتضررة، بما يضمن عودة الحركة فيها إلى وضعها الطبيعي في أسرع وقت ممكن.
وأشارت إلى أن كوادر الدفاع المدني ممثلة بمديرية الطوارئ والكوارث تعاملت مع جميع الحرائق وأخمدتها وسيطرت عليها، مبينة أن الحصيلة الأولية للأضرار بلغت 19 منزلاً متضرراً و29 سيارة متضررة و21 محلاً تجارياً متضرراً.
ورداً على الهجمات التي استهدفت أحياء تضم علويين، وجه رئيس المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر الشيخ غزال غزال نداء لأبناء الطوائف كافة، للبدء باعتصامات سلمية اليوم الثلاثاء.
كما أعلنت مديرية التربية في محافظة حمص مساء الإثنين، عن استئناف الدوام الرسمي في جميع مدارس المدينة اعتباراً من صباح اليوم الثلاثاء، وذلك عقب تقييم الأوضاع الميدانية وعودة الهدوء إلى معظم الأحياء.
متابعة العملية التعليمية
وأوضح المسؤول الإعلامي في المديرية محمد الطالب في تصريح لوكالة «سانا» أن القرار جاء بالتنسيق مع الجهات الأمنية والإدارية في المحافظة، مؤكداً أن المدارس باتت جاهزة لاستقبال الطلاب ومتابعة العملية التعليمية بشكل طبيعي.
ودعت المديرية الكوادر الإدارية والتعليمية والطلاب إلى الالتزام بالحضور وفق الأنظمة والتعليمات المعمول بها، مشيرة إلى استمرار التواصل مع الجهات المعنية لمتابعة أي مستجدات بما يضمن انتظام العملية التربوية.
وزار قائد الأمن الداخلي في محافظة حمص مرهف النعسان الإثنين، برفقة عدد من مسؤولي المديريات في المحافظة، أُسر الفقيدين عبد الله العبود الناصر وزوجته، اللذين قُتلا في الجريمة، لتقديم واجب العزاء.
وأكد خلال الزيارة أن الأجهزة المختصة تواصل التحقيقات في الحادثة بدقة، مع اتخاذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة لضمان المحاسبة ومنع تكرار مثل هذه الجرائم.
مدير التواصل الحكومي في محافظة حمص لطفي أبو زيد قال في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية «سانا» إن قوى الأمن مستنفرة حيث تنتشر الدوريات والطواقم الأمنية في المناطق التي سُجِّلت فيها توترات، حرصاً على حفظ الأمن وطمأنة المواطنين.
وأشار إلى أنّ الأمن الداخلي فرض حظر تجوال مساء الأحد، في بعض الأحياء المتوترة، وتم تمديده حتى الساعة الخامسة من عصر الإثنين، في إطار الإجراءات الهادفة إلى ضبط الوضع ومنع أي تطورات.
وبين أن آليات وطواقم بلدية حمص باشرت فوراً بإزالة آثار التخريب التي شهدها بعض الأحياء، لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه.
وأشاد أبو زيد بدور العشائر في المحافظة، مؤكداً أنّها قامت بدور مسؤول وتعاونت مع الجهات الحكومية، من خلال إصدار بيان موحد دعمت فيه جهود المؤسسات الرسمية، في موقف مشرف يعكس قيم أهالي حمص في التكاتف والوحدة، وتصميمهم على إفشال أي محاولة للمساس بالوحدة الوطنية في سوريا.
ولفت إلى أن النسيج الاجتماعي المتماسك في مدينة حمص يحول دون نجاح أي محاولة لزعزعة الاستقرار، وأن كل رهان على كسر الأمن في المدينة هو رهان خاسر.
وكان مدير صحة حمص الدكتور عبد الكريم غالي أفاد بأن مشافي المدينة استقبلت الأحد، جثتي الضحيتين عبد الله العبود الناصر الخالدي وزوجته، إضافة إلى 18 إصابة معظمها ناجمة عن إطلاق نار عشوائي، إلى جانب بعض الإصابات الناتجة عن حوادث مرورية.
- القدس العربي


























