دمشق ـ «القدس العربي»: كُشف، أمس الإثنين، عن تصاميم العملة السورية الجديدة، التي جاءت معبّرة عن الهوية الوطنية وجرى فيها تجنب «تقديس الأشخاص»، حسب ما قال الرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع.
وبحضور الشرع وعقيلته لطيفة الدروبي، وحاكم المصرف المركزي عبد القادر حصرية، وعدد من الوزراء، أُطلقت العملة السورية الجديدة في حفلٍ رسمي في قصر المؤتمرات في دمشق. وجاءت تصاميم العملة، حاملة أشكالاً ورموزاً من مختلف المحافظات، إحداها رسم عليها، فراشة على وردة شامية، وأخرى جسدت الأسرة السورية، وثالثة البحر، ورابعة حبات زيتون، وخامسة سنابل قمح.
وقال الشرع خلال الحفل: «حدثُ تبديل العملة عنوانٌ لأفول مرحلة سابقة غير مأسوف عليها، وبداية مرحلة جديدة يطمح لها الشعب السوري وشعوب المنطقة المتأملة بالواقع السوري الحديث».
وزاد: «الموضوع استغرق نقاشات طويلة وهناك تجارب متعددة لاستبدال العملة ونزع الأصفار، وعلى مستوى العالم هناك ست تجارب نصفها نجح ونصفها لم ينجح، والعملية دقيقة جداً في تحول الحالة النقدية».
وواصل: «هناك الكثير من المفاهيم يجب توضيحها خلال مرحلة تبديل العملة أولها أن تعديل الأصفار ونزع صفرين من العملة القديمة إلى العملة الجديدة لا يعني تحسين الاقتصاد وإنما هو سهولة التعامل بالعملة».
وأوضح أن «تحسين الاقتصاد يرتكز على زيادة معدلات الإنتاج وانخفاض معدلات البطالة في سوريا، وأحد أساسيات تحقيق النمو الاقتصادي تحسين الحالة المصرفية لأن المصارف كالشرايين بالنسبة للاقتصاد».
وأشار إلى أن «الاقتصاد السوري يسير بخطوات مركزة حالياً وأُسس له خلال السنة الماضية ونحتاج إلى بعض التأسيس أيضاً، وثمار هذا التأسيس ستظهر تدريجياً».
وبيّن أن «الثقة بالاقتصاد السوري كبيرة جداً وهي تأتي من أهمية الموقع الجيوسياسي الذي تتمتع به سوريا والإقبال الشديد الذي ظهر من الدول الإقليمية والعالم تجاهها».
وبيّن أن «مرحلة التحول حساسة ودقيقة وأهم عامل فيها عدم حدوث حالة فزع بين الناس، وألا تسارع إلى رمي العملة القديمة واستبدالها بالجديدة، فكل من يحمل عملة قديمة سنعمل على استبدالها بالجديدة، ولذلك لا داعٍ للإلحاح على تبديلها لأن ذلك قد يضر بسعر صرف الليرة السورية».
كُشف عنها في حفل رسمي… وحَملت أشكالاً ورموزاً من المحافظات
وأضاف: «نحتاج حالة من الهدوء في استبدال العملة، والمصرف المركزي أوضح أن ذلك سيتم وفق جدول زمني محدد».
واعتبر أن «ثقة المواطن بالليرة السورية جزء من الثقة بالاقتصاد السوري الذي تعرض لضرر خلال السنوات الماضية، فهو يعاني من الانهيار في عدة قطاعات منها القطاع المصرفي، كما أن ارتفاع سعر الصرف الكبير تسبب في فقدان الثقة بالليرة السورية ولجأ الناس لاكتنازها في البيوت بعيداً عن المصارف».
وأشار الشرع إلى أنه جرى في تصميم العملة الجديدة، تجنب تقديس الأشخاص.
وشدد على أن «شكل العملة الجديدة تعبير عن الهوية الوطنية الجديدة والابتعاد عن تقديس الأشخاص، حيث ذهبنا إلى حالات رمزية ذات صلة بالواقع السوري، فالأشخاص يذهبون ويأتون». وبيّن أن «العملة الجديدة ستسهل عمليات التداول في البيع والشراء وتقلل الاعتماد على الدولار وتعزز الثقة بالاقتصاد على المدى الإستراتيجي».
ودعا إلى «ثقافة جديدة أثناء تبديل العملة» بأن «نجرّم عملية المضاربة الوهمية من قبل المنتفعين، ونوفّر السيولة بشكل تدريجي لا يؤثر على حالة التضخم».
وزاد: «في تصميم العملة السورية استعدنا الذاكرة التاريخية القديمة للسلع التي تتوفر أساساً في سوريا».
وجرى إضاءة واجهة المبنى الرئيسي للمصرف المركزي في دمشق بألوان العلم الوطني، تلا ذلك عرض بصري متحرك لفئات العملة الورقية الجديدة، في إطار احتفالية إطلاق العملة الوطنية الجديدة.
وجاءت الخطوة «كرسالة تجمع بين الرمزية والهوية والثقة بالمستقبل، وترمز إلى الاستمرارية والثبات في مسيرة البلاد»، حسب حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية، الذي أكد أن «المشهد الاحتفالي يهدف إلى ربط تاريخ الوطن وخطواته القادمة نحو الاستقرار والتحديث»، معتبراً إياه «لحظة وطنية تضيء الذاكرة وتبعث الأمل».
وكان حصرية، قد اعتبر أول أمس، أن إطلاق عملة جديدة «ليس مجرد طرح لنقود ورقية، بل هو احتفاء بسيادة البلاد وهويتها الوطنية»، مبيّناً أن الليرة «تمثل رمزاً لنجاح الثورة وانتماء الشعب وثقته بقدرته على النهوض».
وأشار في منشور عبر صفحته الرسمية على منصة «فيسبوك»، إلى أن «التجارب الدولية، مثل إطلاق المارك في ألمانيا بعد الحرب والفرنك الجديد في الجمهورية الفرنسية الخامسة، تؤكد أن قوة العملة تتحقق عندما يلتف الناس حولها ويثقون بها، مما يشكل نقطة انطلاق لنهضات اقتصادية».
ولفت إلى أن «المصرف يدرك حجم التحديات والفرص، ويلتزم بالمسؤولية والشفافية وحماية النقد الوطني في هذه المرحلة»، مؤكداً أن «الأساس يبقى في تكاتف الناس وثقتهم، لأن العملة القوية تبدأ بإيمان أهلها بها».
ودعا إلى جعل مناسبة إطلاق العملة «حالة وطنية راقية» تعبر عن الوعي والثقة والتمسك بالليرة كرمز للسيادة والخيار الوطني، مشدداً على أن «دعم الليرة هو دعم للوطن والاعتزاز بها اعتزاز بالمستقبل لنا ولأولادنا».
- القدس العربي


























