• الرئيسية
  • رأي الرأي
  • سياسة
    • سورية
    • العرب
    • العالم
  • مقالات
  • تحليلات ودراسات
  • حوارات
  • ترجمات
  • ثقافة وفكر
  • منتدى الرأي
الأربعاء, ديسمبر 31, 2025
موقع الرأي
  • Login
  • الرئيسية
  • رأي الرأي
    “معركة الوحدة… وولادة سوريا الجديدة”

    رحلة “الهَجري” في سَراب “باشان”!

  • سياسة
    • سورية
    • العرب
    • العالم
  • مقالات
    الخطاب الوطني والعدالة… سياج حماية السوريين

    الخطاب الوطني والعدالة… سياج حماية السوريين

    ترامب ونتنياهو في فلوريدا: لقاء سادس بين راع وتابع

    ترامب ونتنياهو في فلوريدا: لقاء سادس بين راع وتابع

    2026 والمواجهة بين إسرائيل وتركيا

    2026 والمواجهة بين إسرائيل وتركيا

    “صومالي لاند”: نتنياهو يوسّع رقعة الابتزاز؟

    “صومالي لاند”: نتنياهو يوسّع رقعة الابتزاز؟

  • تحليلات ودراسات
    “فيدرالية” غزال غزال في مواجهة المركزية: ديناميات التعبئة الطائفية ومأزق العدالة الانتقالية في الساحل السوري

    “فيدرالية” غزال غزال في مواجهة المركزية: ديناميات التعبئة الطائفية ومأزق العدالة الانتقالية في الساحل السوري

    رهان إسرائيل على سوريا… الإكراه لا الحوار

    رهان إسرائيل على سوريا… الإكراه لا الحوار

    التصعيد في حلب، ورسائل اللحظة الأخيرة بين (قسد) والحكومة السورية

    التصعيد في حلب، ورسائل اللحظة الأخيرة بين (قسد) والحكومة السورية

    عودة مواسم العنف الطائفي إلى سوريا بوصفه أداة سياسية

    عودة مواسم العنف الطائفي إلى سوريا بوصفه أداة سياسية

  • حوارات
    أسعد الشيباني لـ”المجلة”: لن نوقع اتفاقا مع إسرائيل دون الانسحاب إلى خط 7 ديسمبر… وهذا تصورنا للتفاهم مع “قسد” (2 من 2)

    أسعد الشيباني لـ”المجلة”: لن نوقع اتفاقا مع إسرائيل دون الانسحاب إلى خط 7 ديسمبر… وهذا تصورنا للتفاهم مع “قسد” (2 من 2)

    أسعد الشيباني لـ”المجلة”: رؤيتنا لسوريا كانت واضحة لدينا قبل إسقاط الأسد… وهكذا فككنا “العقدة الروسية” (1 من 2)

    أسعد الشيباني لـ”المجلة”: رؤيتنا لسوريا كانت واضحة لدينا قبل إسقاط الأسد… وهكذا فككنا “العقدة الروسية” (1 من 2)

    بابرا ليف لـ”المجلة”: كنت أول مسؤول أميركي يلتقي الشرع… وهذه “أسرار” ما قلته وسمعته

    بابرا ليف لـ”المجلة”: كنت أول مسؤول أميركي يلتقي الشرع… وهذه “أسرار” ما قلته وسمعته

    “حفيد بلفور” يتحدث لـ “المجلة” عن أسرار الوعد الشهير و”حل الدولتين”… وعلاقته بـ “لورانس العرب”

    “حفيد بلفور” يتحدث لـ “المجلة” عن أسرار الوعد الشهير و”حل الدولتين”… وعلاقته بـ “لورانس العرب”

  • ترجمات
    الشّرق رهين الأزمات: 2026 عام إدارة الصّراعات لا حلّها

    الشّرق رهين الأزمات: 2026 عام إدارة الصّراعات لا حلّها

    ما يريده السوريون  –  يكشف مسح استقصائي جديد عن الآمال والأخطار التي تواجه الحكومة الجديدة في البلاد

    ما يريده السوريون – يكشف مسح استقصائي جديد عن الآمال والأخطار التي تواجه الحكومة الجديدة في البلاد

    فورين أفيرز: تفاؤل بالمستقبل.. هذا ما يريده الشعب السوري بعد عام على التحرير

    فورين أفيرز: تفاؤل بالمستقبل.. هذا ما يريده الشعب السوري بعد عام على التحرير

    تشارلز ليستر عبر صحيفة إسرائيلية: استهداف سوريا “خطأ استراتيجي”

    تشارلز ليستر عبر صحيفة إسرائيلية: استهداف سوريا “خطأ استراتيجي”

  • ثقافة وفكر
    • All
    • خواطر سوريّة
    اتجاهات الثقافة 2025… من حرب غزة إلى أخطار الذكاء الاصطناعي

    اتجاهات الثقافة 2025… من حرب غزة إلى أخطار الذكاء الاصطناعي

    الحاجة إلى فولتير… الآن وعندنا!

    الحاجة إلى فولتير… الآن وعندنا!

    “يوميات سجين” لساركوزي: من أدب سجون الرؤساء

    “يوميات سجين” لساركوزي: من أدب سجون الرؤساء

    سوريا وبديع التكويع: طبعة استشراقية

    سوريا وبديع التكويع: طبعة استشراقية

  • منتدى الرأي
No Result
View All Result
  • الرئيسية
  • رأي الرأي
    “معركة الوحدة… وولادة سوريا الجديدة”

    رحلة “الهَجري” في سَراب “باشان”!

  • سياسة
    • سورية
    • العرب
    • العالم
  • مقالات
    الخطاب الوطني والعدالة… سياج حماية السوريين

    الخطاب الوطني والعدالة… سياج حماية السوريين

    ترامب ونتنياهو في فلوريدا: لقاء سادس بين راع وتابع

    ترامب ونتنياهو في فلوريدا: لقاء سادس بين راع وتابع

    2026 والمواجهة بين إسرائيل وتركيا

    2026 والمواجهة بين إسرائيل وتركيا

    “صومالي لاند”: نتنياهو يوسّع رقعة الابتزاز؟

    “صومالي لاند”: نتنياهو يوسّع رقعة الابتزاز؟

  • تحليلات ودراسات
    “فيدرالية” غزال غزال في مواجهة المركزية: ديناميات التعبئة الطائفية ومأزق العدالة الانتقالية في الساحل السوري

    “فيدرالية” غزال غزال في مواجهة المركزية: ديناميات التعبئة الطائفية ومأزق العدالة الانتقالية في الساحل السوري

    رهان إسرائيل على سوريا… الإكراه لا الحوار

    رهان إسرائيل على سوريا… الإكراه لا الحوار

    التصعيد في حلب، ورسائل اللحظة الأخيرة بين (قسد) والحكومة السورية

    التصعيد في حلب، ورسائل اللحظة الأخيرة بين (قسد) والحكومة السورية

    عودة مواسم العنف الطائفي إلى سوريا بوصفه أداة سياسية

    عودة مواسم العنف الطائفي إلى سوريا بوصفه أداة سياسية

  • حوارات
    أسعد الشيباني لـ”المجلة”: لن نوقع اتفاقا مع إسرائيل دون الانسحاب إلى خط 7 ديسمبر… وهذا تصورنا للتفاهم مع “قسد” (2 من 2)

    أسعد الشيباني لـ”المجلة”: لن نوقع اتفاقا مع إسرائيل دون الانسحاب إلى خط 7 ديسمبر… وهذا تصورنا للتفاهم مع “قسد” (2 من 2)

    أسعد الشيباني لـ”المجلة”: رؤيتنا لسوريا كانت واضحة لدينا قبل إسقاط الأسد… وهكذا فككنا “العقدة الروسية” (1 من 2)

    أسعد الشيباني لـ”المجلة”: رؤيتنا لسوريا كانت واضحة لدينا قبل إسقاط الأسد… وهكذا فككنا “العقدة الروسية” (1 من 2)

    بابرا ليف لـ”المجلة”: كنت أول مسؤول أميركي يلتقي الشرع… وهذه “أسرار” ما قلته وسمعته

    بابرا ليف لـ”المجلة”: كنت أول مسؤول أميركي يلتقي الشرع… وهذه “أسرار” ما قلته وسمعته

    “حفيد بلفور” يتحدث لـ “المجلة” عن أسرار الوعد الشهير و”حل الدولتين”… وعلاقته بـ “لورانس العرب”

    “حفيد بلفور” يتحدث لـ “المجلة” عن أسرار الوعد الشهير و”حل الدولتين”… وعلاقته بـ “لورانس العرب”

  • ترجمات
    الشّرق رهين الأزمات: 2026 عام إدارة الصّراعات لا حلّها

    الشّرق رهين الأزمات: 2026 عام إدارة الصّراعات لا حلّها

    ما يريده السوريون  –  يكشف مسح استقصائي جديد عن الآمال والأخطار التي تواجه الحكومة الجديدة في البلاد

    ما يريده السوريون – يكشف مسح استقصائي جديد عن الآمال والأخطار التي تواجه الحكومة الجديدة في البلاد

    فورين أفيرز: تفاؤل بالمستقبل.. هذا ما يريده الشعب السوري بعد عام على التحرير

    فورين أفيرز: تفاؤل بالمستقبل.. هذا ما يريده الشعب السوري بعد عام على التحرير

    تشارلز ليستر عبر صحيفة إسرائيلية: استهداف سوريا “خطأ استراتيجي”

    تشارلز ليستر عبر صحيفة إسرائيلية: استهداف سوريا “خطأ استراتيجي”

  • ثقافة وفكر
    • All
    • خواطر سوريّة
    اتجاهات الثقافة 2025… من حرب غزة إلى أخطار الذكاء الاصطناعي

    اتجاهات الثقافة 2025… من حرب غزة إلى أخطار الذكاء الاصطناعي

    الحاجة إلى فولتير… الآن وعندنا!

    الحاجة إلى فولتير… الآن وعندنا!

    “يوميات سجين” لساركوزي: من أدب سجون الرؤساء

    “يوميات سجين” لساركوزي: من أدب سجون الرؤساء

    سوريا وبديع التكويع: طبعة استشراقية

    سوريا وبديع التكويع: طبعة استشراقية

  • منتدى الرأي
No Result
View All Result
موقع الرأي
No Result
View All Result

“فيدرالية” غزال غزال في مواجهة المركزية: ديناميات التعبئة الطائفية ومأزق العدالة الانتقالية في الساحل السوري

30/12/2025
A A
“فيدرالية” غزال غزال في مواجهة المركزية: ديناميات التعبئة الطائفية ومأزق العدالة الانتقالية في الساحل السوري
2.8k
VIEWS
Share on FacebookShare on Twitterموضوع هام من موقع الرأيمقال هام من موقع الرأي

نوار شعبان

نوار شعبان

مقدمة

شكّلت التظاهرات والاشتباكات التي شهدتها مدينتا اللاذقية وطرطوس، يوم الأحد 28 كانون الأول/ ديسمبر 2025، ذروة مسار تصعيدي قاده المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سورية والمهجر، برئاسة الشيخ غزال غزال، في مواجهة الحكومة السورية الانتقالية برئاسة الرئيس أحمد الشرع، وسط تقاطعات واضحة مع تحركات وشبكات نفوذ مرتبطة بشخصيات عسكرية وأمنية من النظام السابق، أسهمت في التعبئة والحشد الميداني. وجاءت هذه التحركات استجابة لدعوة مباشرة أطلقها غزال، عقب التفجير الدامي الذي استهدف مسجد الإمام علي بن أبي طالب، في حي وادي الذهب بمدينة حمص، يوم الجمعة 26 كانون الأول/ ديسمبر، وقد عدّه المجلس دليلًا قاطعًا على عجز الدولة عن حماية الأقليات، محمّلًا السلطات القائمة المسؤولية المباشرة عنه، ومقدّمًا الحادثة بوصفها حلقة ضمن سلسلة تهديدات منظمة تستهدف البيئة الاجتماعية في مناطق حسّاسة، جرى توظيفها -سياسيًا وأمنيًا- لتوسيع نطاق الاحتجاج ودفعه نحو مواجهة مفتوحة مع السلطة المركزية.

ولا تأتي خطورة هذه الأحداث من حجمها الميداني فحسب، بل من التحوّل الجذري في طبيعة الشعارات والمطالب التي رافقتها، إذ لم يعد الحراك محصورًا في المطالبة بالخدمات أو تحسين الإجراءات الأمنية، بل انتقل إلى طرحٍ سياسي واضح يدعو إلى الفيدرالية السياسية والحماية الدولية، بما يضع مشروع الدولة المركزية الموحدة الذي تسعى دمشق إلى ترسيخه أمام اختبار وجودي يمسّ شكل الدولة وحدود سلطتها. ومن ثم تقدّم هذه الورقة تحليلًا معمّقًا لديناميات هذا الحراك، عبر تفكيك مقاربة غزال القائمة على تقويض مسار الاستقرار وتعطيل فرص التسوية، من خلال رفع سقف المطالب ودفع الصراع نحو خيارات قصوى، وتسلّط الضوء على الثغرات البنيوية في أداء الحكومة الانتقالية، ولا سيّما في ملف العدالة، لتخلص إلى استشراف المآلات المحتملة لهذا الصدام في المدى المنظور.

أولًا: ريادة الأزمات: كيف يصنع “غزال غزال” الفوضى؟

لفهم ما جرى اليوم في دوّار الأزهري بمدينة اللاذقية، لا يكفي النظر إلى الشيخ غزال بوصفه رجل دين يتفاعل مع حدث أمني طارئ، بل ينبغي مقاربته كنقطة ارتكاز ضمن شبكة أوسع من الفاعلين الذين ينشطون في لحظات الانتقال الهشّ، ويجيدون تحويل المخاوف الجماعية إلى أدوات نفوذ سياسي. فغزال لا يتحرّك من موقع الوعظ الديني التقليدي، بل من موقع قيادة تعبويّة تستثمر في القلق الوجودي الذي يعيشه جزءٌ من المجتمع العلوي بعد سقوط النظام السابق، وتسعى إلى إعادة تعريف العلاقة بين هذا المجتمع والدولة الجديدة على أساس الصدام لا الاندماج. وفي هذا السياق، تبرز مؤشرات على وجود قوى وشخصيات أمنية وعسكرية محسوبة على النظام السابق، تتحرك من خلف هذا الخطاب أو تتقاطع معه، من دون أن تظهر في الواجهة، لكونها تدرك أن انكشاف دورها العلني قد يُفضي إلى انقسام داخل الصف العلوي نفسه، ويقوّض شرعية الحراك في نظر قاعدته الاجتماعية، ما يجعل الاعتماد على واجهات دينية أو مدنية أقل تكلفة وأكثر قدرة على التعبئة.

في هذا السياق، برز تفجير مسجد الإمام علي بن أبي طالب، في حي وادي الذهب بحمص، بوصفه لحظة مفصلية استثمرها غزال بعناية[1]. فبدلًا من التعامل مع التفجير كجريمة إرهابية تستدعي التهدئة وتغليب منطق التحقيق والمحاسبة، جرى إدماج الحدث ضمن سردية أوسع عن استهداف منهجي للأقليات. ولم يكتفِ البيان الصادر عقب التفجير بالإدانة، بل أعاد ربط الحادثة بسلسلة من الوقائع السابقة، من استهداف أماكن دينية إلى تفجيرات شهدتها مدن أخرى، ليقدّم صورة متكاملة عن خطر وجودي مزعوم[2]. ولا يهدف هذا البناء السردي إلى توصيف الواقع، بقدر ما يسعى إلى إعادة تشكيل وعي الجمهور، عبر الإيحاء بأن الدولة الجديدة ليست مجرد سلطة عاجزة عن الحماية، بل كيان غير موثوق، وربما معادٍ، ما يجعل البحث عن بدائل خارج إطارها خيارًا “منطقيًا” للبقاء.

ضمن هذا الإطار، انتقل خطاب غزال من موقع استحضار المظلومية، إلى طرح مشروع سياسي واضح المعالم. فالتظاهرات التي خرجت في 28 كانون الأول/ ديسمبر لم تكن مجرد انفجار عاطفي ناتج عن صدمة التفجير، بل حملت شعارات سياسية متماسكة تدعو إلى الفيدرالية واللامركزية، وهي شعارات سبق أن روّج لها غزال في مناسبات سابقة، خصوصًا في لقاءاته التي تحدث فيها عن ضرورة تنسيق الأقليات في مواجهة مركزية الحكم. وهذا التطور يعكس تحولًا نوعيًا في طبيعة الحراك؛ إذ لم يعد الأمر مقتصرًا على المطالبة بالحماية أو الاحتجاج على تقصير أمني، بل بات يتجه نحو التشكيك في شكل الدولة ذاته، وفي قدرتها على تمثيل جميع مكوناتها ضمن إطار وطني جامع. وهنا، لا يظهر غزال كفاعل يسعى إلى تحسين شروط المشاركة داخل الدولة، بل كطرف يعمل على تقويض بنيتها المركزية، وطرح بدائل تتعارض جوهريًا مع المشروع الذي تسعى الحكومة الانتقالية إلى ترسيخه[3].

أما على المستوى العملي، فقد اعتمد غزال على الشارع بوصفه الأداة الرئيسية لفرض حضوره السياسي وكسر احتكار الدولة للمجال العام. وقد أظهرت الدعوة إلى التظاهر، وما تلاها من اشتباكات بين مجموعات متعارضة داخل المدينة، أن الصراع لم يعد محصورًا بين سلطة ومحتجين، بل بدأ يتخذ طابع انقسام اجتماعي داخلي. وقد كشفَ تدخّل قوات الأمن لفض هذه الاشتباكات، وظهور مجموعات ترفع شعارات مؤيدة للحكومة في مواجهة أنصار غزال، عن تصدع عمودي داخل المجتمع الساحلي نفسه، الذي يضم بطبيعة الحال مكونات سورية أخرى غير المكون العلوي، وهو تصدع يغذّي حالة عدم الاستقرار، ويمنح غزال فرصة لتكريس نفسه بوصفه الطرف الذي لا يمكن تجاوزه. ويزداد هذا المشهد تعقيدًا مع بروز مؤشرات على حضور عناصر وخطابات مرتبطة بالنظام السابق داخل بعض التظاهرات، سواء عبر كتابات وشعارات علنية تمجّد مرحلة ما قبل السقوط، أو من خلال ظهور مسلّحين في أوساط المحتجين، الأمر الذي يربك توصيف الحراك ويقوّض ادعاءاته بوصفه تعبيرًا صرفًا عن مظلومية راهنة. هذا الحضور، وإن لم يكن مهيمنًا أو معلنًا على مستوى القيادة، يسهم في تعميق الانقسام داخل البيئة العلوية نفسها، بين من ينظر إلى الحراك كوسيلة ضغط لتحسين شروط الاندماج في الدولة الجديدة، ومن يرى فيه فرصة لإعادة تدوير شبكات النفوذ القديمة أو الاحتماء بها. وهو يوفّر للحكومة سردية مضادة تختزل الاحتجاجات في كونها امتدادًا لفلول النظام السابق، وهو اختزال لا يعكس الواقع المركّب، لكنه يجد أرضية جزئية بسبب هذا التداخل، ويغذّي بدوره مناخ الشك والاصطفاف المتبادل.

من خلال هذا المسار، يسعى غزال إلى تثبيت معادلة جديدة مفادها أن أيّ معالجة للأزمة، سواء كانت سياسية أم أمنية، لا يمكن أن تتم عبر مؤسسات الدولة وحدها، بل يجب أن تمرّ عبره، باعتباره ممثلًا حصريًا لبيئة اجتماعية يشعر جزء كبير منها بالخوف والقلق. وبهذا المعنى، لا تقتصر خطورة ما جرى في دوار الأزهري على كونه حدثًا أمنيًا أو احتجاجيًا، بل تكمن في كونه مؤشرًا على صراع أعمق، حول الشرعية والتمثيل، وحول مدى قدرة الدولة السورية الجديدة على استيعاب مخاوف مكوناتها المختلفة ضمن عقد اجتماعي جامع، وعلى مواجهة موجات متتالية من التعبئة القائمة على الهويات الفرعية، بما يحمله ذلك من مخاطر على وحدة البلاد واستقرارها في المرحلة الانتقالية.

ثانيًا: الفجوات الحكومية: لماذا يجد خطاب الفوضى صدًى؟

على الرغم من إصرار الخطاب الرسمي للحكومة السورية الانتقالية على توصيف الشيخ غزال غزال ومحيطه بوصفهم “فلولًا للنظام السابق” أو “خارجين عن القانون”، فإن الوقائع الميدانية، ولا سيما حجم الاستجابة الشعبية لدعواته في الساحل، تكشف عن خلل أعمق في مقاربة الدولة لهذه المنطقة، وفي قدرتها على إدارة مرحلة ما بعد السقوط. فنجاح خطاب الفوضى في كسب التأييد لا يعود فقط إلى مهارة صاحبه في التعبئة، بل يرتبط مباشرة بثغرات بنيوية في أداء الحكومة، أبرزها ما يتصل بملف العدالة، وسياسات الاحتواء، والواقع الاقتصادي والاجتماعي المتدهور.

تُعدّ قضية العدالة الانتقالية إحدى الثغرات الأساسية التي ينفذ منها خطاب الشيخ غزال، وإن لم تكن ناتجة عن فراغ كامل أو غياب كلي للإجراءات الرسمية. فمن الناحية القانونية، كان الإعلان الدستوري قد حصر نطاق العدالة الانتقالية صراحة بجرائم النظام البائد، وهو ما انعكس لاحقًا في تصميم الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية التي شُكّلت بموجب المرسوم رقم 20 لعام 2025[4]، وجعل ولايتها تتركز على معالجة إرث الانتهاكات السابقة لسقوط النظام. وعلى الرغم من منطقية هذا التحديد من زاوية تأسيسية، فقد أوجد فجوة إدراكية وسياسية لدى شرائح واسعة في الساحل، رأت فيه تجاهلًا لمعالجة الانتهاكات التي وقعت بعد السقوط، ولا سيما أحداث آذار/ مارس 2025.

في المقابل، لم تكن الدولة غائبة تمامًا عن هذا الملفّ، إذ جرى بالفعل تشكيل لجنة تحقيق خاصة بانتهاكات الساحل، وقد أصدرت تقريرًا وُصف بأنه جريء في السياق السوري[5]، كما بدأت محاكمات فعلية في مدينة حلب بحقّ عدد من المتورطين في تلك الانتهاكات قبل الشروع في محاكمات أوسع. غير أن هذه الخطوات، على أهميتها، لم تُدمج ضمن سردية عدالة شاملة ومتماسكة، ولم تُقدَّم للرأي العام الساحلي بوصفها جزءًا من مسار واضح ومتكامل، ما حدّ من قدرتها على استعادة الثقة.

هذا التباين بين الإطار الدستوري الضيق للعدالة الانتقالية من جهة، والإجراءات الجزئية لمعالجة انتهاكات ما بعد السقوط من جهة أخرى، أسهم في ترسيخ شعور لدى قطاعات من المجتمع العلوي بأن العدالة تُدار بمنطق مجزأ وغير متوازن. وقد استثمر غزال هذا الالتباس، ليس عبر إنكار وجود لجان تحقيق أو محاكمات، بل عبر الطعن في كفايتها وجدواها السياسية، وتقديمها على أنها خطوات غير قادرة على ضمان الإنصاف أو منع التكرار. وبهذا المعنى، لم تنبع قوة خطابه من غياب العدالة بالكامل، بل من فشل الدولة في تحويل إجراءاتها القانونية إلى رصيد ثقة اجتماعية، ما أتاح له التشكيك في شرعية المؤسسات الوطنية والدفع باتجاه المطالبة ببدائل خارجية، بما يحمله ذلك من مخاطر على تماسك الدولة، في واحدة من أكثر القضايا حساسية في المرحلة الانتقالية.

إلى جانب ذلك، اتسمت سياسة الحكومة تجاه الساحل بما يمكن وصفه بالاحتواء المتردد، في سياق بالغ التعقيد تختلط فيه مطالب مشروعة بإرث ثقيل من الانتهاكات والمسؤوليات الجنائية. فمحاولات امتصاص الغضب، مثل الإفراج عن عشرات الموقوفين في اللاذقية قبيل احتجاجات 28 كانون الأول/ ديسمبر، جاءت متأخرة ومحدودة الأثر، ولم تُقدَّم ضمن رؤية شاملة أو مسار واضح لبناء الثقة. ولا يمكن مقاربة هذا الملف على أساس افتراض براءة جماعية؛ إذ تسود في المقابل مخاوف جدية لدى بعض الدوائر الرسمية والمجتمعية من أن عددًا من الموقوفين أو المطلوبين هم من المتورطين فعليًا في انتهاكات جسيمة خلال سنوات الصراع، أو من الشخصيات الأمنية والعسكرية المحسوبة على النظام السابق، ما يجعل مسألة الإفراج أو الملاحقة شديدة الحساسية، قانونيًا وأخلاقيًا.

غير أن غياب معايير معلنة وشفافة تميّز بين الموقوفين على خلفيات جنائية مثبتة، وبين من جرى توقيفهم في سياق أمني واسع أو بدافع الاشتباه الجماعي، أسهم في تعميق الالتباس لدى الرأي العام الساحلي. ويضاف إلى ذلك استمرار الغموض حول مصير مئات المفقودين في أحداث آذار/ مارس 2025، وتباطؤ الإعلان عن نتائج التحقيقات والإجراءات القضائية المرتبطة بها، وهو ما أبقى الجرح مفتوحًا في الذاكرة الجماعية. في ظل هذا الفراغ التفسيري، يجد خطاب غزال، القائم على تصوير ما جرى بوصفه استهدافًا ممنهجًا، آذانًا مصغية، لا لأن الدولة غابت بالكامل عن المحاسبة، بل لأنها لم تنجح بعد في تقديم رواية رسمية متماسكة تقوم على الوضوح، والتمييز القانوني، والاعتراف، وتوازن بين متطلبات العدالة وعدم الإفلات من العقاب من جهة، وضرورات الطمأنة وبناء الثقة المجتمعية من جهة أخرى.

أمّا البعد الاقتصادي، فيشكّل عاملًا مركزيًا في تفسير جاذبية خطاب الفوضى، ولا يمكن فصله عن أنماط إدارة اقتصادية أعادت، ولو جزئيًا، إنتاج منطق مألوف من المرحلة السابقة. فعلى الرغم من التحسّن النسبي في بعض المؤشرات العامة، لا يزال الساحل السوري يعيش حالة قلق اقتصادي عميق، تفاقمت مع إلغاء عقود استثمارية كبرى، وغياب رؤية واضحة ومعلنة لمستقبل المرافئ والقطاعات المرتبطة بها. هذا الغموض لم يقتصر أثره على الشركات أو النخب الاقتصادية، بل امتد إلى شرائح اجتماعية واسعة كانت تعتمد في معيشتها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، على اقتصاديات تلك المرافق.

في هذا السياق، يظهر خلل بنيوي في مقاربة الدولة للاقتصاد المحلي، يقوم على قرارات فوقية غير مسبوقة بنقاش مجتمعي أو بدائل تنموية واضحة، وهو نمطٌ يعيد إلى الأذهان سياسات النظام السابق التي اعتمدت إدارة مركزية مغلقة للاقتصاد، وأنتجت شبكات اعتماد هشّة بدلًا من تنمية مستدامة. هذا التشابه لا يمرّ من دون أثر سياسي، إذ يُغذّي شعورًا بأن التغيير الذي شمل البنية السياسية لم يواكبه تحول موازٍ في فلسفة الحكم الاقتصادي.

ضمن هذا الفراغ، ينجح الشيخ غزال في ربط التدهور الاقتصادي بالسياسة المركزية، مقدّمًا خطابًا يُحمّل الدولة مسؤولية مباشرة عن تراجع فرص العمل وتآكل سبل العيش، ومروّجًا لفكرة أن السيطرة المحلية على الموارد وإدارتها خارج إطار المركز هي الضمانة الوحيدة للاستقرار والرفاه. وبهذا، تتحول المطالب الاقتصادية من قضايا معيشية قابلة للمعالجة ضمن سياسات عامة عادلة، إلى مداخل سياسية تمسّ شكل الدولة ذاته وتوزيع السلطة فيها، في مسار يعيد إنتاج العلاقة نفسها بين التهميش الاقتصادي والتعبئة الهوياتية التي طالما شكّلت أحد مرتكزات الاستقرار القسري في العهد السابق.

بذلك، لا يمكن فهم صدى خطاب الفوضى بمعزل عن هذه الفجوات المتراكمة. فحين تفشل الدولة في تقديم عدالة شاملة، وتتعامل مع الغضب الاجتماعي بأدوات جزئية ومترددة، وتترك الاقتصاد المحلي رهينة الغموض، فإنها تفتح المجال أمام فاعلين بديلين لملء الفراغ. في هذه اللحظة، لا يبدو غزال مجرد محرّض، بل يتحول في نظر أنصاره إلى تعبير عن عجز الدولة نفسها، وهو ما يجعل مواجهته الأمنية أو الخطابية غير كافية، ما لم تُعالج الأسباب البنيوية التي سمحت لخطابه بالانتشار والتجذر.

ثالثًا: السيناريوهات المحتملة لمسار الأزمة

استنادًا إلى تصاعد حدة الخطاب في 28 كانون الأول/ ديسمبر، وما رافقه من تفاعلات حكومية وأهلية، يمكن استشراف ثلاثة مسارات محتملة لمستقبل هذا الصراع، لكل منها شروطه وتداعياته المختلفة.

  • السيناريو الأول: الاحتواء عبر تسوية شاملة

يفترض هذا المسار أن تنجح الحكومة في تحييد الشيخ غزال غزال سياسيًا، عبر الاستجابة المباشرة لمطالب الحاضنة الاجتماعية في الساحل، من دون الذهاب إلى تبنّي الفيدرالية أو أي صيغة تمس وحدة الدولة. ويتطلب ذلك مقاربة جادة لملف العدالة، تقوم على البناء على ما أُنجز بالفعل من تشكيل لجان تحقيق خاصة، والشروع في محاكمات بحق متورطين في انتهاكات وقعت في الساحل، مع تعزيز هذه الجهود بمستويات أعلى من الشفافية، وتقديم معلومات منتظمة للرأي العام، وضمانات إجرائية واضحة لمحاكمات عادلة ومستقلة يستفيد منها جميع المتضررين. وإن تحويل هذه الإجراءات إلى مسار موثوق ومفهوم اجتماعيًا من شأنه أن يحدّ من الشكوك حول انتقائية العدالة، ويسحب الذرائع التي تُستخدم للطعن في نزاهة القضاء أو تصويره بوصفه أداة منحازة. ويستلزم هذا المسار الإسراع في الإفراج عن الموقوفين الذين يثبت عدم تورطهم في أي انتهاكات، وفق إجراءات قانونية واضحة وجدول زمني معلن، بالتوازي مع توضيح أن هذا المطلب يصطدم بمزاج شعبي واسع في الساحل يذهب إلى أبعد من ذلك، إذ يرفض المساس بأي علويّ، بصرف النظر عن درجة تورطه، ويدعو إلى الدفاع عن جميع الموقوفين بوصفهم ضحايا جماعيين، وكأن الجرائم التي ارتُكبت على امتداد سنوات الثورة لم يكن لها فاعلون محددون أو مسؤوليات فردية. هذا التوتر بين منطق العدالة الفردية ومطلب الحماية الجماعية يجعل إدارة ملف الموقوفين شديدة الحساسية، ويضاعف من أهمية أن تقترن أي خطوة بالإفراج أو المحاكمة بحضور أمني منضبط يركز على حماية دور العبادة والأحياء المختلطة، ومنع انزلاق هذا الملف إلى صدام أهلي أو توظيف طائفي. نجاح هذا السيناريو مشروط أيضًا بقدرة الحكومة على ضبط خطابها السياسي والإعلامي، وتحييد أي نبرة طائفية قد تصدر عن مسؤولين فيها. في حال تحقق ذلك، من المرجّح أن يتراجع زخم الاحتجاجات تدريجيًا، وأن يفقد غزال موقعه بوصفه ممثلًا حصريًا للمظلومية، لينحسر تأثيره إلى دائرة محدودة.

  • السيناريو الثاني: الجمود المتوتر واستنزاف الدولة

يقوم هذا المسار على استمرار حالة المراوحة، حيث لا تنزلق الأوضاع إلى مواجهة مسلحة شاملة، ولا تنجح الحكومة في فرض تسوية سياسية أو اجتماعية حقيقية. في هذا الإطار، يحافظ غزال على وتيرة احتجاجات متقطعة، أسبوعية أو شهرية، تكفي لإبقاء التوتر قائمًا ولاستنزاف الموارد الأمنية والإدارية للدولة. وتتحول مدن الساحل، ولا سيما اللاذقية وطرطوس، إلى مناطق هشّة أمنيًا، تتسع فيها دعوات العصيان المدني، وتتراجع قدرة الحكومة على فرض القانون أو تحصيل الإيرادات بصورة كاملة. هذا الوضع لا يهدد الدولة بالانهيار الفوري، لكنه يرفع كلفة الحكم ويقوّض هيبته تدريجيًا، ويمنح غزال هامش مناورة مستمرًا لابتزاز تنازلات إدارية أو مالية، من دون تحمّل تبعات المواجهة المباشرة.

  • السيناريو الثالث: الانفجار الأمني والتحول نحو نموذج الإدارة المنفصلة

يفترض هذا المسار أن يؤدي حادث أمني جديد، كاغتيال شخصية بارزة أو سقوط عدد كبير من الضحايا خلال تفريق احتجاجات، إلى كسر الخطّ الفاصل بين الاحتجاج السلمي والعنف المنظم. وفي هذا السياق، لا بد من التذكير بأن الساحل السوري، ولا سيّما مدينتي اللاذقية وطرطوس، ليس فضاءً أحادي المكوّن، بل يضم جماعات دينية واجتماعية متعدّدة، ما يجعل أي انزلاق نحو العنف خطرًا لا يقتصر على مواجهة بين السلطة وحراك احتجاجي، بل يهدد باندلاع صدام شعبي أفقي بين المكوّنات نفسها، وهو أكثر السيناريوهات كارثية.

في ظل الانتشار الواسع للسلاح في الساحل، قد يتطوّر الحراك سريعًا إلى تمرّد مسلّح، ويدفع غزال أو محيطه إلى إعلان شكل من أشكال الإدارة الذاتية من جانب واحد، مستلهمين نماذج قائمة في مناطق أخرى من البلاد. وقد يترافق ذلك مع بناء تحالفات تكتيكية مع قوى داخلية أو خارجية تشترك في القلق من المركزية. هذا المسار سيضع الحكومة أمام خيار عسكري بالغ الكلفة، سياسيًا وإنسانيًا، وسيعيد البلاد إلى مناخ صدام أهلي مفتوح متعدد الأطراف، بما يحمله من مخاطر تدويل الصراع، وتفكك ما تبقى من المسار الانتقالي الهش، وتهديد السلم الأهلي، في واحدة من أكثر المناطق حساسية اجتماعيًا.

خاتمة

كشفت أحداث 28 كانون الأول/ ديسمبر 2025، بما حملته من احتجاجات واسعة واشتباكات محدودة في مدن الساحل، أن ما يُسمّى بـ “مشكلة الساحل” لا يمكن اختزاله في اضطراب أمنيّ عابر أو جيب جغرافي قابل للاحتواء عبر صفقات ظرفية أو تسويات محلية محدودة، وأنّ جوهر الأزمة أعمق من ذلك بكثير؛ إذ يرتبط مباشرة بمسألة الدولة السورية الجديدة: كيف تُدار، ولمن تُدار، وعلى أي تعريف للمواطنة تُبنى؟ وقد أظهرت هذه الأحداث أن مرحلة ما بعد سقوط النظام لم تُنتج بعدُ إطارًا جامعًا يشعر فيه جميع المكونات بأنهم شركاء متساوون في الحقوق والواجبات، بل كشفت عن استمرار فجوات عميقة في الثقة بين المركز وأطرافه، ولا سيّما في البيئات التي خرجت من التحوّل وهي مثقلة بالخوف والذاكرة الدموية. وفي هذا السياق، تطرح الأزمة سؤالًا يتجاوز الساحل ليشمل المجتمع السوري بأكمله: هل ستنقاد كل جماعة، عند أول اختبار أمني أو سياسي، إلى الدفاع الأعمى عن المنتمين إلى مكوّنها، بغضّ النظر عن قواعد العدالة والمساءلة القانونية الواجبة بحقّ من ارتكبوا جرائم وانتهاكات، أيًا كانت هويتهم، وضدّ أي مكوّن كان الضحايا؟ أم أن الدولة الجديدة ستكون قادرة على ترسيخ منطق مختلف، يقوم على المسؤولية الفردية، لا الحماية الجماعية، وعلى محاسبة عادلة لا تميّز بين مواطن وآخر؟ إن الإجابة عن هذا السؤال لا تحدد فقط مآلات أزمة الساحل، بل ترسم أيضًا مستقبل العقد الاجتماعي السوري برمّته، وإمكانية الانتقال من منطق الجماعات المتقابلة إلى منطق الدولة الجامعة.

في هذا السياق، استطاع غزال غزال أن يملأ فراغًا سياسيًا ونفسيًا تركته الدولة، لا عبر تقديم مشروع مؤسسي متكامل، بل من خلال استثمار هذا الفراغ وتحويله إلى منصّة تعبئة؛ حيث قدّم نفسه بوصفه حامي الهوية، وناطقًا باسم جماعةٍ تشعر بأن الدولة الجديدة لم تطمئنها ولم تُنصفها، وطرَح الفيدرالية بوصفها الحل السحري القادر على تبديد المخاوف الأمنية والاقتصادية والاجتماعية دفعة واحدة. ولا تكمن خطورة هذا الطرح في مضمونه فحسب، بل في السياق الذي يُطرح فيه، سياق دولة انتقالية لم تستكمل بعد بناء مؤسساتها، ولا تمتلك رواية جامعة قادرة على منافسة خطاب الخوف والاصطفاف.

إن استمرار الحكومة في التعامل مع مطالب الساحل من زاوية أمنية ضيقة، أو عبر توصيف الحراك بلغة التخوين، لن يؤدي إلا إلى تعميق القطيعة وإلى تعزيز شرعية الفاعلين الذين يبنون نفوذهم على هذا الشعور بالتهميش. وإن تجاهل فجوة العدالة، سواء عبر الاكتفاء بمقاربات انتقائية أو تأجيل ملفات الانتهاكات التي وقعت بعد سقوط النظام، يترك المجالَ مفتوحًا أمام سرديات بديلة تشكك في شرعية الدولة ذاتها، وتحوّل العدالة من قيمة جامعة إلى أداة صراع سياسي وهوياتي.

ولا يمرّ الطريق إلى تفكيك هذا “اللغم الطائفي” عبر المواجهة الأمنية ولا عبر المساومات المؤقتة، بل عبر مسار أكثر تعقيدًا وطولًا، يبدأ ببناء مؤسسات عدالة ذات صدقية وشمولية، تعترف بالضحايا جميعًا، وتضع حدًّا لمنطق المنتصر والمهزوم. ويتطلب هذا المسار أيضًا تبني نموذج حكم لامركزي إداري حقيقي، يركز على التنمية المتوازنة وتوزيع الموارد والسلطات الخدمية، من دون الانزلاق إلى لامركزية سياسية تفتح الباب أمام التفكك. وإن تشكيل دولة قادرة على الجمع بين العدالة والتنمية، وضمان الأمن المتساوي، يمكن أن يسحب البساط من تحت خطاب الفوضى، قبل أن يتحوّل هذا الخطاب، مع مرور الوقت، إلى واقع جغرافي وسياسي يصعب احتواؤه أو التراجع عنه.


[1] Syrian Alawites protest in coastal heartland after mosque bombing, published on December 28, accessed on December 28, 2025, https://english.alarabiya.net/News/middle-east/2025/12/28/syrian-alawites-protest-in-coastal-heartland-after-mosque-bombing

[2] Alawite Council Head urges protests for federalism in Syria, Shafaq News, published on December 27, accessed on December 28, 2025, https://shorturl.at/fe7w2

[3] مظاهرات في اللاذقية وطرطوس.. قتلى وجرحى من قوات الأمن والمدنيين، تلفزيون العربي، 28 كانون الأول/ ديسمبر 2025، الرابط: https://shorturl.at/UD1ul

[4] المرسوم 20 لعام 2025: تأسيس الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية، الذاكرة السورية، 17 أيار/ مايو 2025، شوهد في 28 كانون الأول/ ديسمبر 2025، الرابط: https://shorturl.at/UzjZL

[5] اختبار الحقيقة والمساءلة: قراءة في تجربة لجنة تقصّي أحداث الساحل السوري، المركز العربي لدراسات سورية المعاصرة، 17 آب/ أغسطس 2025، شوهد في 28 كانون الأول/ ديسمبر 2025، الرابط: https://shorturl.at/IGG72

  • المركز العربي لدراسات سورية المعاصرة

شارك هذا الموضوع:

  • النقر للمشاركة على X (فتح في نافذة جديدة) X
  • انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة) فيس بوك
  • اضغط للطباعة (فتح في نافذة جديدة) طباعة

معجب بهذه:

إعجاب تحميل...
Share322Tweet202SendShare
Previous Post

2026 والمواجهة بين إسرائيل وتركيا

Next Post

سوريا.. فرض حظر تجوال مؤقت في اللاذقية

Next Post
سوريا.. فرض حظر تجوال مؤقت في اللاذقية

سوريا.. فرض حظر تجوال مؤقت في اللاذقية

ترامب ونتنياهو في فلوريدا: لقاء سادس بين راع وتابع

ترامب ونتنياهو في فلوريدا: لقاء سادس بين راع وتابع

الخطاب الوطني والعدالة… سياج حماية السوريين

الخطاب الوطني والعدالة... سياج حماية السوريين

اترك ردإلغاء الرد

منتدى الرأي للحوار الديمقراطي (يوتيوب)

https://youtu.be/twYsSx-g8Dw?si=vZJXai8QiH5Xx9Ug
ديسمبر 2025
س د ن ث أرب خ ج
 12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
2728293031  
« نوفمبر    
  • الأرشيف
  • الرئيسية
المقالات المنشورة ضمن موقع الرأي لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع الا تلك التي تصدرها هيئة التحرير

© 2003 - 2021 - موقع الرأي

Welcome Back!

Login to your account below

Forgotten Password?

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Log In

Add New Playlist

No Result
View All Result
  • الأرشيف
  • الرئيسية

© 2003 - 2021 - موقع الرأي

%d