احتفال الشعب المصري بنصر ثورته أمس، سيشكل وقودا كافيا ودعما إضافيا لتحريك الشعوب العربية وتشجيعها على نفض غبار الركون للديكتاتوريات، وهو ما بدا واضحا في تعبيرات مثل “جمعة الغضب” التي أصبحت عنوانا للاحتجاج والتحرك في هذا اليوم المبارك الذي تحول فجأة من يوم راحة ومرح ولعب إلى يوم شد وجذب وعتب، ولعله من المهم هنا أن تنتبه الشعوب العربية إلى جعل يوم غضبها هذا يوم غضب هادئا وعاقلا ومسؤولا يعبر عن تطلعاتها المشروعة، بأسلوب حضاري بعيدا عن مظاهر الفوضى أو الاستغلال لمآرب أخرى.
التحركات التي تشهدها شوارع اليمن وليبيا والاردن والبحرين، وغيرها مما يجري التخطيط له في دول أخرى يؤكد الحاجة لتحرك حكومي عاجل بفتح باب الحوار مع المعارضة ومختلف التيارات السياسية في هذه البلدان أكثر من مجرد الاكتفاء بالمهدئات والمسكنات التي تبادر بها بعض الحكومات.
وفي ضوء التطورات المتلاحقة على الساحة العربية نجد من الضروري إدانة محاولات بعض الدول الغربية استغلال الاضطرابات العربية لتلميع صورتها كدول مدافعة عن الديمقراطية وحقوق الانسان، وهي الدول نفسها التي ساهمت بسياسياتها وأسلحتها في دفع المنطقة العربية إلى المستنقع الذي أغمستها فيه قبل أن تستفيق شعوبها في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من ماء الوجه، ناهيك عن ما لعبته هذه الدول من أدوار في إذلال شعوب عربية واحتلالها وفرض الهيمنة عليها، وهنا لا داعي أن تتباهى هذه الدول بوقف تصدير الأسلحة إلى هذه الدولة أو تلك فما تمتلكه هذه الدول من مخزون يكفي لتحرير القدس أكثر من مجرد قمع متظاهرين. وهنا نتساءل هل ستتخذ هذه الدول قرارا مماثلا بوقف تصدير الأسلحة لإسرائيل التي تمارس أبشع أنواع القمع والاضطهاد ضد الشعب الفلسطيني.
الحكومات العربية مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بسماع صوت شعوبها، واستباق ما قد تسفر عنه الأيام القادمة من تطورات، حتى لا ينطبق عليها المثل العربي “سبق السيف العذل”.