زهير أندراوس:

الناصرة ـ ‘القدس العربي’ قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، أمس الاثنين، نقلاً عن مصادر سياسيّة وأمنيّة متطابقة في تل أبيب، إنّ الدولة العبريّة تتابع بترقب شديد ما يحدث في سورية وانها متخوفة من سيطرة الإخوان المسلمين على الحكم ومن استعانة النظام السوري بإيران وحزب الله اللبناني في قمع المتظاهرين، في حين نصح خبراء إسرائيليون بعدم التدخل في الشؤون السورية.
وقالت الإذاعة الإسرائيلية نقلا عن المصادر عينها إنّه رغم سقوط عدد كبير من المدنيين في الأحداث الأخيرة، فليس من المرجح أن يتدخل الغرب في سورية مثلما حدث في ليبيا، مشيرة الى أن الرئيس بشار الأسد يتمتع بصورة رئيس عاقل ومتزن وغير دموي. وانتقدت الإذاعة العبرية، مثل وسائل إعلامية إسرائيلية أخرى، ما سمته ضعف الاحتجاجات الدبلوماسية في العالم على قتل متظاهرين في سورية.
وفي نفس السياق، قال قائد الأركان الأسبق للجيش الإسرائيلي دان حالوتس للقناة العبرية العاشرة إنّ تل أبيب مطالبة بترقب الوضع في سورية بعين مفتوحة ويقظة لكن دون محاولة التدخل في شؤون هذه الدولة. ولم يستبعد حالوتس سقوط نظام الأسد بدون تدخل الولايات المتحدة في سورية، لافتا إلى أن الثورة في مصر نجحت دون تدخل غربي.ولكنه تابع قائلاً إنّه من الواضح أن طبيب العيون، بشار الأسد، ظل يؤسس رئاسته على القوة ولكن في المقابل لا ننسى أن عائلته تحكم البلاد منذ 40 عاما ولذا لا أعرف هل سيسقط أم لا. وأبدى حالوتس، الذي ترأس هيئة الأركان خلال العدوان على لبنان عام 2006، مخاوفه من استغلال منظمات إسلامية متطرفة الفراغ الناجم في حالة حصول فوضى. ولا يستبعد حالوتس تدخل الجيش السوري لصالح الشعب محتجا بكثرة الانقلابات العسكرية في هذا البلد، محذرا من احتمال قيام سورية بتصدير مشاكلها للخارج وافتعال أزمة مع إسرائيل مباشرة أو من خلال حزب الله. ومن جهته، عبرّ الخبير في الشأن السوري البروفسور ألكسندر بلاي هو الآخر في تصريح للقناة العبرية عن الخشية من سيطرة الإخوان المسلمين على الحكم في سورية، مرجحا أن تشتد الاضطرابات في هذا البلد نتيجة اجتياز حاجز الخوف وأن تتم الاستعانة بحزب الله.
وفي المقابل يستبعد رئيس الجناح الأمني السياسي في وزارة الدفاع الجنرال عاموس غلعاد وجود خطر على النظام السوري حاليا، وقال للإذاعة العبرية العامة إن ذلك ما زال بعيدا. ودعا غلعاد إلى مراقبة الأحداث بحذر دون التدخل فيها، مشيرا إلى أن الحدود مع سورية آمنة وهادئة جدا منذ عقود، لكنه حذّر هو الآخر مما سماه تصدير سورية لمشاكلها الداخلية من خلال حزب الله.
وعن كون بشار الأسد سيقتدي بالرئيس المصري المطاح به حسني مبارك أو العقيد الليبي معمر بالقذافي، قال المحاضر الخبير بشؤون سورية البروفسور موشيه معوز إن النظام السوري سيستخدم المزيد من القوة إذا اتسعت الاحتجاجات، موضحا أنّ نظام بشار الأسد سيقوم بكل شيء من أجل البقاء وأنه سيقاتل على حياته مرجحا استمرار مواجهة قاسية، على حد تعبيره. بالإضافة إلى ذلك، أشار الباحث الإسرائيليّ، إلى أنّ الرئيس السوريّ يمثل نظاما استبداديا من العالم الثالث ترتفع في ظله نسب البطالة والفقر والفساد والإدارة غير الصالحة.
وقال إن الأسد يستخدم العصا والجزرة معتمدا ما سماه القمع والإصلاحات الشكلية بهدف استمالة المتظاهرين. وبرأيه فإنّ هناك بديلين لنظام الأسد، أولهما إسقاطه على يد ضباط ينتمون للطائفة العلوية في حال أدركوا أنه عبئا لا ذخرا، والثاني وصول الإخوان المسلمين الذين وصفهم بأنهم جسم منظم طموح وأيديولوجي لكن بلا سلاح. أما زميله المختص في الشؤون السورية البروفسور إيال زيسر المحاضر في جامعة تل أبيب، فقال إن سورية ما زالت في حالة بعيدة عن مصر معتبرا أنها أقرب للنموذج الليبي ومرجحا استخدام بشار الأسد للقوة المفرطة من أجل البقاء. وبخلاف رؤية غلعاد ومسؤولين إسرائيليين يرون بعين الرضا حالة الاستقرار على الحدود الشمالية في ظل نظام الأسد قال زيسر إنّه ليس واثقا من أن سقوط بشار هو بالضرورة سيئ لنا.
ومن شدة توتر الأوضاع في سورية، قام المعهد العام للدراسات السياسية الإسرائيلية، بإعداد دراسة عن الوضع الراهن في سورية، ونقلت الدراسة مدى القلق الذي يسيطر على القيادات الإسرائيلية حالة عدم قدرة بشار الأسد علي قمع هذه التظاهرات. وتطرقت الدراسة إلى مخاوف إسرائيل من تغيير النظام السياسي السوري حالة نجاح هذه التظاهرات والاحتجاجات، وطرحت العديد من التساؤلات منها ما هو مستقبل التعامل الإسرائيلي مع حركات المقاومة، مثل حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله، خاصة وأنّ تلك الحركات تعمل تحت المظلة السورية حسبما أشارت الدراسة، وخلصت الدراسة إلى القول إنّ حالة حقيقيّة من القلق والتوتر تُسيطر الان.
في نفس السياق، دعت السفيرة الإسرائيلية في موسكو، دوريت غولندر، الكرملين إلى إعادة النظر في صفقة بيع صواريخ (ياخونت) المضادة للسفن لدمشق، في ضوء الوضع الداخلي الذي تشهده سورية. وقالت غولندر في حديث صحافيّ إننا نأمل أن تتعامل روسيا مع الموضوع بجدية، وخصوصاً أن الوضع في سورية حالياً غير مستقر، ويمكن أن يتفاقم أكثر، وأضافت نحن نعتقد أن هناك حاجة إلى إعادة النظر في المخاطر واحتمال حصول تداعيات سلبية للصفقة. جدير بالذكر أن موسكو كانت قد وقّعت مع دمشق عام 2007 صفقة لبيعها بطاريتين من صواريخ بي ـ 800 المعروفة بياخونت، والقادرة على إصابة سفن على مدى 300 كلم متر في عمق البحر. وسعت إسرائيل، التي ترى في الصفقة تهديداً عسكرياً لها، إلى إفشالها، إلا أن الكرملين أعلن قبل شهرين أن الصفقة ستنفّذ خلال وقت قريب.
وقالت غولندر إنّ القضية أثيرت خلال محادثات بين الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي زار موسكو في 24 مارس (آذار) الماضي، إلا أن تقارير صحافية تحدثت عن فشل نتنياهو في إقناع الروس بالتراجع عن الصفقة.