……. القصة بدأت في التاسع والعشرين من يناير بعد أن بدأ القتل للمتظاهرين في محيط ميدان التحرير , حيث قرر المتظاهرون الاعتصام في ميدان التحرير وبدأت ترتفع شعارات إسقاط النظام , وفي صباح يوم السبت التاسع والعشرين من يناير وعندما بدأ الاعتصام وبدأت الناس تتوافد على الميدان ظهرت من بعيد امرأة بالخمسين من عمرها تحمل ورقة كرتون متوسطة الحجم مكتوب عليها “جئت لكي أنتقم من مبارك” وتوجهت إلى الدكتور صفوت حجازي وقالت له يا شيخ : والله لو تخلّى الجميع عن الميدان وانفضوا سأبقى وحدي حتى أثأر من مبارك أو يقتلوني .
قال لها الدكتور صفوت فما هي قصتك ؟؟؟
قالت المرأة : بعد أن تخرجت من دبلوم التجارة تزوجت في العشرين من عمري وكنت كأي امرأة تحلم بطفل يملأ عليها حياتها , لكن انتظرنا كثيراً أنا وزوجي حتى أصبحت في الخامسة والثلاثين من عمري وعندها علمنا أنّني وزوجي كلينا عاجزين عن الإنجاب .
صبرنا على البلوى ورضينا بحكم الله , لكن رغم ذلك كان لدي أمل في الله أنني سوف أنجب يوماً ما .
وفعلاً بعد خمس سنين وفي عمر الأربعين جاءت الفرحة التي ملأت علينا حياتنا لقد أصبحت حُبلى لأول مرة في حياتي .
لم أكن أصدق ذلك وظننت أنّني في حلم حتى بدأت آلام الحمل تراودني وبدأ طفلي يتقلب ويتحرك في بطني .
وفي الشهر التاسع من حملي وفي أحد الأيام جاءتني آلام المخاض وعلمت أنّ الولادة قد اقتربت فحملني زوجي بسيارته وأخذني إلى المستشفى , ونحن في الطريق وعلى الجسر كان هناك ازدحام كبير ممّا جعل السيارة تتوقف عن المسير وأنا أصرخ من الألم وأطلب من زوجي السرعة في إيصالي للمستشفى , عندها نزل زوجي ليسأل عن سبب الازدحام وتوقف السير فعاد ليخبرني أنّ مبارك يخطب في مجلس الشعب والشارع مغلقٌ بسبب خطابه .
بقينا في السيارة لمدة ثلاث ساعات وأنا أعاني أشدّ الألم وزوجي محتارٌ في أمره , فما كان منه إلاّ أن نزل من السيارة واتجه إلى أحد ضباط الشرطة وأخبره أنّ زوجتي حامل وهي تلد الآن ويجب أن أسرع إلى المستشفى وتطور الأمر بينهما ممّا جعل ذلك الضابط يتعدى على زوجي وقام بضربه على وجهه , عاد زوجي إلى السيارة ليراني قد ولدت وطفلنا مرميٌّ كخرقة بالية على مكابح السيارة وأنا فاقدة الوعي .
تمّ إسعافي فيما بعد وكم أصابنا الحزن والألم والبكاء على فقد الأمل الوحيد لنا في الإنجاب. ولكننا أسمينا فقيدنا أحمد.
بعد ثلاثة أشهر توفي زوجي , ولا أدري هل توفي حزناً على طفلنا أم على الذل الذي أصابه ذلك اليوم من قبل الضابط .
يكمل الدكتور صفوت كلامه قائلاً : كنّا في كلّ أيام الاعتصام في الميدان نشاهد أمّ أحمد وهي تحمل نفس الورقة من الكرتون , وفي يوم سقوط مبارك جاء إليها الدكتور وقال لها : لقد انتقمت من مبارك اليوم يا أمّ أحمد .
فبكت وقالت نعم اليوم انتصرنا على مبارك وموعدنا القادم إن شاء الله في القدس في المسجد الأقصى .
القصة رواها الدكتور صفوت في برنامج شاهد على الثورة في قناة الجزيرة وقمت بصياغتها وكتابتها هنا. وللحكام البقية نقول كما يقول المثل السوري “الله يلحق الحبل بالدلو” ويومكم قريب بعون الله وهناك أيضاً في السماء محكمة إلهية الويل كلّ الويل لمن سيحاكم فيها فلا محامي دفاع ولا شاهد زور ولا قاضٍ مرتشٍ بل محكمة عدل والقاضي هو الله والشهود هم الملائكة وليس معك إلاّ عملك .
وعقبى لطاغية الشام يا رب العالمين.
صاغ القصة البراء كحيل
نقلاً عن الدكتور صفوت حجازي